«سيلفريدجز» تفتح أبوابها لتأجير الأزياء

تجاوباً مع تأثيرات الوباء الاقتصادية وتغير سلوكيات التسوق

جانب من عرض ترويجي لمشروع «بروجيكت إيرث» في شارع أكسفورد أمس  -  الركن الخاص ببيع الأزياء المستعملة في «سيلفريدجز»
جانب من عرض ترويجي لمشروع «بروجيكت إيرث» في شارع أكسفورد أمس - الركن الخاص ببيع الأزياء المستعملة في «سيلفريدجز»
TT

«سيلفريدجز» تفتح أبوابها لتأجير الأزياء

جانب من عرض ترويجي لمشروع «بروجيكت إيرث» في شارع أكسفورد أمس  -  الركن الخاص ببيع الأزياء المستعملة في «سيلفريدجز»
جانب من عرض ترويجي لمشروع «بروجيكت إيرث» في شارع أكسفورد أمس - الركن الخاص ببيع الأزياء المستعملة في «سيلفريدجز»

معظم صناع الموضة، إن لم نقل كلهم، بدأوا جدياً، ومنذ أكثر من عام، في التفكير في موضة مستدامة تأخذ بعين الاعتبار البيئة، وإيجاد طرق لا تستنزف الطبيعة أو القدرات البشرية. كان مفهوم الاستدامة اللغة الأكثر تأثيراً على جيل جديد ممن يعشق الموضة ولا يريد الاستغناء عنها؛ على شرط ألا تأتي على حساب البيئة. لهذا لم يكن غريباً أن يدخل ضمن استراتيجيات كل صناع الموضة والرفاهية، سواء باستحداث أقسام للبحث عن خامات جديدة أو إعادة تدوير خامات أخرى، وهكذا. ثم جاء فيروس كورونا ليُسرع بالعملية، أو بالأحرى ليُربك تخطيطاتهم. فما كانوا يخططون له لخمسة أعوام قادمة تطلب منهم قرارات آنية وجريئة لم تكن تخطر على البال في الماضي. فمن كان يتصور أن تُعلن محال «سيلفريدجز» الشهيرة أنها ستفتح الباب لبيع أزياء مستعملة أو لتأجير أخرى؟
الجواب على لسان آن بيتشر، مديرة المحل، كان أن «الجائحة غيرت كل المفاهيم وللأبد»، مضيفة «علينا الآن أن نعانق هذه التغييرات، خصوصاً أن ما ترتب عنها كان واضحاً على سلوكيات التسوق. كان علينا وضع البيئة والموضة المستدامة ضمن الأوليات». غني عن القول، إن المحال «الإسمنتية» أكثر من تأثرت بالجائحة؛ فإغلاقها على مدى أشهر وفرض التباعد الاجتماعي، وطبعاً عدوى «كوفيد – 19»، الذي لا يزال يهدد الأرواح، كلها أمور جعلت الناس يعزفون عن التسوق الفعلي، وهذه المحال تفقد عائدات تقدر بالمليارات. كان لا بد لها من استراتيجيات جديدة تُقلص مصاريفها وتعود عليها بأي قدر من الربح لتبقى صامدة. على الأقل إلى حين التوصل إلى لقاح. بالنسبة لـ«سيلفريدجز»، استغنت عن 450 وظيفة وأطلقت خدمة تأجير الأزياء، كما افتتحت ركناً للأزياء المستعملة بعد أن تمت معاينتها جيداً للتأكد من خضوعها لمعايير الأناقة ضمن خطة طويلة المدى. وتؤمن آن بيتشر، أن هذه واحدة من الطرق التي ستُغري المستهلك. فهي تختلف عن التسوق الإلكتروني ولا تنافسه، لكنها في الوقت ذاته «تخاطب شريحة تهتم بالتدوير، ولا ترى حرجاً في شراء قطع مستعملة ما دامت ستشتريها من مصدر موثوق منه». وتبدو آن بيتشر متأكدة أن كلاً من الإيجار وشراء سلع مستعملة سيكون لهما مستقبل في ظل التغيرات القادمة.
ورغم جُرأة الخطوة التي اتخذتها «سيلفريدجز» التي كانت إلى الأمس القريب وجهة عشاق آخر صيحات الموضة العالمية، فإنها لم تأت من فراغ. بل كانت نتيجة أبحاث عدة أفادت بأن مواقع متخصصة في بيع أزياء وإكسسوارات مستعملة تشهد انتعاشاً كبيراً بين أوساط الشباب تحديداً. فهي تراعي رغبتهم في مواكبة الموضة، وفي الوقت ذاته قدرات بعضهم المادية، ورغبات البعض الآخر في الالتزام بالمبادئ الأخلاقية التي يؤمنون بها. بل يتوقع الكثير من الخبراء أن مواقع السلع المستعملة ستنمو بوتيرة أسرع بكثير من مواقع السلع الأخرى مهما كانت رخيصة. من هذا المنظور، تعاونت «سيلفريدجز» مع «هير كوليكتيف» لإطلاق خدمة التأجير. فهذه الأخيرة منصة معروفة تأسست منذ سنوات بهدف الاستدامة والأناقة، وبالتالي لها باع طويل ومصداقية في تأجير قطع فخمة مقابل 20 في المائة فقط من سعرها الكامل، وتشهد إقبالاً كبيراً من قبل النجمات وسيدات المجتمع على حد سواء، لا سيما أن الانضمام للمنصة يحتاج إلى تزكية من زبون سابق وموثوق به.
كذلك سيكون الأمر بالنسبة لتأجير أي قطعة من «سيلفريدجز» لمدة تتراوح ما بين 4 و20 يوماً.
أما الركن الخاص ببيع الأزياء المستعملة، والذي سيُعرف بـ«ريسيلفرجز»، وهو اسم يجمع اسم المحل وأول حرفين من كلمة إعادة البيع بالإنجليزي RESALE، فسيتضمن مجموعة من منتجات «الفينتاج» التي تم انتقاؤها بعناية فائقة بعد التأكد من مصداقيتها وبجودتها. كما ستتيح الفرصة للزبائن ببيع إكسسواراتهم الخاصة لقاء شراء منتج آخر بدلاً منها. في هذا الصدد صدر بحث من مؤسسة «مينتيل لأبحاث السوق» يعيد أسباب زيادة الإقبال على تأجير الأزياء أو شراء المستعمل منها، إلى زيادة نسبة الوعي لدى الناس. فبعد الجائحة أصبح لديهم وقت أكبر للقراءة وسماع الأخبار، ومن بين الأخبار المتداولة والصادمة في الآونة، معاناة العاملين في المصانع والأوضاع المزرية التي يعملون فيها لقاء مقابل لا يسد احتياجاتهم الأساسية. ليس هذا فحسب، بل إن اضطرارهم إلى العمل خلال الجائحة، بما يعنيه ذلك من خطر على صحتهم وحياتهم زاد التعاطف معهم وحالات الغضب على الشركات المسؤولة. فهناك لائحة طويلة حالياً بأسماء شركات يطالب النشطاء بمقاطعتها مثل «بوهو» على سبيل المثال لا الحصر.
تقول آن بيتشر، إن «سيلفريدجز» كانت تنوي إطلاق مشروعها الكبير، «مشروع الأرض» (بروجيكت إيرث) التي تدخل ضمنه كل الخدمات الجديدة، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، لكن إغلاق لندن أخّر الأمر، مضيفة أنها كانت تعمل عليه منذ فترة بالتعاون مع بيوت أزياء كثيرة من بينها «برادا»، لتطوير خامات جديدة «رحيمة بالبيئة» مثل القطن العضوي والنايلون المدور.
تجدر الإشارة إلى أن «سيلفريدجز» واحدة من بين الكثير من المحال والأسماء العالمية، مثل محال «زارا» و«إيتش آند إم» و«جون لويس» و«غوتشي»، إضافة إلى محال «إيكيا»، انتبهت لأهمية الموضة المستدامة، ووقّعت في العام الماضي اتفاقاً تتقيد بموجبه بكل المعايير البيئية والإنسانية.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.