نقاط التفتيش الحوثية... أداة قمعية تروع اليمنيين وتنتهك حرية التنقل

حولتها الجماعة إلى مصدر لجباية الأموال وإثراء قادتها

متسوقون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
متسوقون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

نقاط التفتيش الحوثية... أداة قمعية تروع اليمنيين وتنتهك حرية التنقل

متسوقون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
متسوقون في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)

حولت الجماعة الحوثية في اليمن المئات من نقاط التفتيش التابعة لها على الطرق الواصلة بين المحافظات اليمنية إلى جحيم ينتهك حرية التنقل للمسافرين من النساء والرجال وإلى مصدر آخر لجباية الأموال وإثراء قادة الجماعة، بحسب ما أفادت مصادر حقوقية وشهود.
وفي هذا السياق، كشفت رابطة أمهات المعتقلين في اليمن وهي منظمة حقوقية، عن شهادات لنساء كن في طريقهن من العاصمة صنعاء إلى محافظة مأرب (173 كيلومترا شرق صنعاء)، تحدثن خلالها عن تعرضهن للتوقيف والاحتجاز في إحدى نقاط التفتيش الحوثية الواقعة بمنطقة سنبان في محافظة ذمار لأكثر من 8 ساعات دون مأكل أو مشرب.
وروت النساء وعددهن ثلاث، أنهن كن مع ثلاثة أطفال، حين تم إيقافهن من الساعة التاسعة صباحاً إلى السابعة مساء، بعد أن تمت مساءلتهن عن أسباب ودواعي سفرهن من صنعاء إلى مأرب.
وبحسب الشهادة، التي روتها الرابطة عن النساء، «لم يقتنع الحوثيون بإجاباتهن بأنهن كن في زيارة لأقاربهن في مأرب، إذ عملوا على احتجاز السائق لديهم، بينما تم احتجازهن في السيارة مع عدم السماح لهن بالخروج منها لأي أمر كان».
وأضفن بأن المسلحين الحوثيين قادوا السيارة التي كن على متنها وعادوا بها باتجاه مدينة ذمار، وفي مكان (غير آهل بالسكان) تم إنزالهن، وكان المكان مظلماً وموحشاً شعرن خلاله بالخوف الشديد وتعرض أطفالهن لنوبات من الخوف أيضا».
وتابعت النساء اللاتي تعرضن للتعسفات الحوثية «إنهن استطعن التواصل مع أهاليهن، وتمت إعادتهن إلى منازلهن، إلا أنهن علمن بأن السائق ظل مخفياً لدى المليشيات أكثر من ثلاثة أشهر».
في غضون ذلك عبر عدد من الناشطين اليمنيين عن إدانتهم واستنكارهم لإجراءات وتعسفات الميليشيات الأخيرة بحق النساء اليمنيات المسافرات، وطالبوا المنظمات الدولية ومجلس الأمن باتخاذ كافة الإجراءات الصارمة لردع الجماعة ووقف كافة الانتهاكات الحوثية المتكررة بحق اليمنيات.
وتشير المصادر إلى أن الميليشيات، المسنودة من طهران، تواصل تقييد حركة المواطنين ومنع تنقلاتهم إلى المحافظات الأخرى خصوصاً مأرب، وغيرها من المدن بما فيها الجنوبية الواقعة تحت سلطة الشرعية، وهو التقييد الذي لم يستثن، بحسب شهود، المرضى وكبار السن والنساء والأطفال، في صورة مخالفة لكل الأعراف والشرائع السماوية، والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
وتحدث مواطنون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضهم وأسرهم خلال الفترة القليلة الماضية التي سبقت وأعقبت عيد الأضحى المبارك لسلسلة من المضايقات والابتزازات من قبل مسلحي الجماعة في عدد من نقاط التفتيش التي استحدثتها في الطرقات.
وأكد الشهود الذين تحتفظ «الشرق الأوسط» بمعلوماتهم، أن المسافرين في خط (صنعاء - ذمار - إب - تعز) لا يزالون يحظون بالنصيب الأوفر من حيث عمليات التفتيش والابتزاز والنهب التي مارستها وتمارسها الجماعة في حقهم، يليهم بالدرجة الثانية المسافرين في خط (ذمار - رداع - مأرب).
وكان مسافرون يمنيون في طرق: (صنعاء - ذمار - إب - تعز)، و(ذمار - رداع - مأرب) وطريق (صنعاء - عمران وحجة)، شكوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، تعرضهم لحملات تفتيش رافقها طرح سيل من الأسئلة والتحقيقات والاستجوابات، فضلا عن العبث بأمتعتهم وحقائبهم وفرض إتاوات مالية عليهم.
وذكر المسافرون أن الجماعة تفاجئهم كل مرة بأسلوبها الإجرامي القائم على تحويل نقاط التفتيش إلى وسيلة لنهب وابتزاز من تمكنوا من مغادرة صنعاء إلى قراهم ومدنهم لقضاء إجازة العيد بين أهاليهم ووسط محبيهم.
وأضافوا «لا يوجد لجرائم الميليشيات الكهنوتية فاصل أو حد أو معيار، فشغلها الشاغل هو التفنن في كيفية نهب وسلب وتعذيب وقتل اليمنيين على حد سواء».
وأفادوا بأن الجماعة لا تزال حتى اليوم تضع قيودا كبيرة ومشددة على حركة وتنقلات المسافرين إلى المحافظات الواقعة تحت سلطة الشرعية، وتقزم باختطاف العشرات منهم تحت ذرائع وتهم كيدية ملفقة.
وسبق أن حولت الجماعة قبل أكثر من شهر، تداعيات انتشار فيروس «كوفيد-19 المستجد»، إلى أداة قمعية جديدة للتضييق على اليمنيين وإيقافهم وابتزازهم عبر نقاط التفتيش التابعة لها بعدة طرقات رئيسية بهدف زيادة معاناتهم تحت ذريعة التخوف من انتشار الفيروس في مناطق سيطرتها.
وكان أحد السكان في صنعاء روى بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يعد بمقدوره أن يزور أبويه وبقية عائلته في المناطق المحررة في مدينة تعز بسبب تعسفات الميليشيات وقراراتها الخاصة بتعليق الانتقال بين المناطق المحررة والأخرى الخاضعة للجماعة.
وأضاف: «كنت أتجشم مشقة السفر نحو 12 ساعة للوصول إلى مدينة تعز المحاصرة. أما الآن بعد قرار الجماعة، فقد أصبحنا عبارة عن أسرى في معتقل كبير».
وفي حين يؤكد مسافرون يمنيون آخرون في عدن أنهم بعد منع الحوثيين للتنقل بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لهم باتوا «بحكم المحتجزين»، بعيداً عن عائلاتهم في صنعاء أو إب أو غيرهما من المناطق، وجددت مصادر محلية في صنعاء اتهاماتها للجماعة الحوثية بأنها حولت الطرق ونقاط التفتيش التي أقامتها بين المحافظات في مناطق سيطرتها إلى وسائل جديدة لإذلال وابتزاز ونهب المسافرين.
وأكدت المصادر المحلية لـ«الشرق الأوسط»، مواصلة مسلحي الجماعة لجريمة ابتزاز المسافرين بعدد من الخطوط الرئيسية التي تربط العاصمة صنعاء بمدن يمنية أخرى دون مراعاة لحرمة العوائل من النساء والاطفال.
وأشارت إلى جني مسلحي الجماعة يوميا لمبالغ طائلة جراء ما يتم نهبه كإتاوات وجبايات تفرض تحت قوة السلاح على المئات من المسافرين وسائقي المركبات والشاحنات في الطرقات الرئيسية.
ويؤكد المسافرون تعرضهم منذ خروجهم من العاصمة صنعاء لإيقاف حوثي وابتزاز مالي وتفتيش دقيق يشمل جميع أغراضهم الخاصة وهواتفهم في عشرات النقاط الحوثية المنتشرة على الطريق وصولا إلى مناطقهم.
وكانت مصادر مطلعة أفادت بأن مسلحي الجماعة اختطفوا في ليلة عيد الأضحى الماضي أكثر من 60 مسافرا من نقاط التفتيش المنتشرة على طريق (ذمار - رداع - مأرب)، بحجة أنهم من مؤيدي الحكومة الشرعية، واقتادوهم إلى السجون، رغم أنهم من المواطنين العاديين ومن شريحة العمال القادمين من العاصمة صنعاء ومن ذمار ومدن أخرى.
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن الميليشيات منعت حينها عددا كبيرا من المواطنين من السفر وطلبت من راغبي التنقل لقضاء إجازة العيد أو غيرها الحصول أولا على تصاريح عبور ومعلومات مفصلة عن هوياتهم وأعمالهم وأماكن سكنهم من قبل مشرفيها بالمناطق والمديريات التي يقطنون فيها.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.