عقار واعد لعلاج ضمور العضلات الشوكي

نتائج مشجعة لأول دواء يعطى عن طريق الفم

عقار واعد لعلاج ضمور العضلات الشوكي
TT

عقار واعد لعلاج ضمور العضلات الشوكي

عقار واعد لعلاج ضمور العضلات الشوكي

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، الأسبوع الماضي في 7 أغسطس (آب) 2020. على عقار إفريسدي Evrysdi (risdiplam) لعلاج المرضى الذين تبلغ أعمارهم شهرين أو أكثر المصابين بضمور العضلات الشوكي (Spinal Muscular Atrophy، SMA)، وهو مرض وراثي مميت غالبًا، يؤثر على قوة العضلات وحركتها. وهذا هو العقار الثاني لعلاج هذا المرض والأول الذي يمكن تناوله عن طريق الفم، ويوفر خيارًا علاجيًا مهمًا لهؤلاء المرضى. وكانت الموافقة على العلاج الأول لهذا المرض المدمر (بالحقن) قد حصلت قبل أقل من أربع سنوات، من مكتب علم الأعصاب في مركز تقييم الأدوية والبحوث التابع لإدارة الغذاء والدواء FDA.
تم تقييم فعالية العقار الجديد Evrysdi في علاج المرضى الذين يعانون من بداية طفولتهم أو الظهور المتأخر للمرض في دراستين سريريتين. اشتملت الدراسة الأولى، التي بدأت عند الأطفال، على 21 مريضًا، كان متوسط أعمارهم 6.7 شهر عندما بدأت الدراسة. وتم تأسيس الفعالية بناءً على القدرة على الجلوس دون دعم لمدة خمس ثوانٍ على الأقل والبقاء على قيد الحياة دون «تهوية دائمة». بعد 12 شهرًا من العلاج، كان 41 في المائة من المرضى قادرين على الجلوس بشكل مستقل لأكثر من خمس ثوان، وهو اختلاف مهم عن التطور الطبيعي للمرض لأن جميع الأطفال الذين لم يعالجوا تقريبًا والذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي في الطفولة لا يمكنهم الجلوس بشكل مستقل. بعد 23 شهرًا أو أكثر من العلاج، كان 81 في المائة من المرضى على قيد الحياة بدون تهوية دائمة، وهو تحسن ملحوظ عن تطور المرض المعتاد دون علاج.
أما المرضى الذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي في وقت لاحق من حياتهم، فقد تم تقييمهم في الدراسة الثانية، وهي عشوائية مضبوطة بالعلاج الوهمي (placebo). واشتملت الدراسة على 180 مريضًا يعانون من ضمور العضلات الشوكي، تتراوح أعمارهم بين 2 - 25 عامًا. كانت نقطة النهاية الأولية هي التغيير من خط الأساس في النتيجة الإجمالية (اختبار الوظيفة الحركية) عند علامة عام واحد. شهد المرضى، تحت العلاج بـEvrysdi، زيادة في درجاتهم بمعدل 1.36 في المتوسط على مدار عام واحد، مقارنة بانخفاض قدره 0.19 في المرضى الذين يتناولون الدواء الوهمي (العلاج غير الفعال).
وتشمل الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا للدواء الجديد Evrysdi الحمى والإسهال والطفح الجلدي وتقرحات منطقة الفم وآلام المفاصل والتهابات المسالك البولية، إضافة إلى آثار جانبية أخرى تظهر عند ذوي الإصابة المبكرة مثل عدوى الجهاز التنفسي العلوي والالتهاب الرئوي والإمساك والقيء.
ضمور العضلات الشوكي
> ما هو مرض ضمور العضلات الشوكي؟ يشير مصطلح ضمور العضلات الشوكي إلى مجموعة من الأمراض الوراثية التي تدمر وتقتل الخلايا العصبية المتخصصة في الدماغ والحبل الشوكي (تسمى الخلايا العصبية الحركية). تتحكم الخلايا العصبية الحركية في نشاط العضلات الهيكلية الأساسية مثل التحدث والمشي والتنفس والبلع وفي حركة الذراعين والساقين والوجه والصدر والحلق واللسان. عندما تكون هناك اضطرابات في الإشارات بين الخلايا العصبية الحركية والعضلات، تضعف العضلات تدريجيًا، وتبدأ في الهزال وتحدث ارتعاشًا (يسمى التحزُم fasciculations).
> مسببات الضمور العضلي الشوكي. الشكل الأكثر شيوعًا من SMA ناتج عن جين غير طبيعي أو مفقود يعرف باسم جين العصبون الحركي 1 (SMN1) وهو المسؤول عن إنتاج بروتين أساسي للخلايا العصبية الحركية.
ينتج الشكل الأكثر شيوعًا من الضمور العضلي الشوكي SMA عن عيوب في كلتا نسختي جين الخلايا العصبية الحركية 1 (SMN1) على الكروموسوم 5q الذي ينتج بروتين الخلايا العصبية الحركية (SMN) ويحافظ على صحة ووظيفة هذه الخلايا. والأفراد الذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي لديهم مستويات غير كافية من بروتين SMN، مما يؤدي إلى فقدان الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي ومن ثم إلى ضعف وهزال العضلات الهيكلية. غالبًا ما يكون هذا الضعف أكثر حدة في الجذع وعضلات الساق والذراع أكثر من عضلات اليدين والقدمين. هناك العديد من أنواع الضمور العضلي الشوكي التي تنتج بسبب طفرات في جينات أخرى، وتختلف هذه الأنواع في العمر الذي تظهر فيه وشدة ضعف العضلات؛ ومع ذلك، يوجد تداخل بين كل الأنواع.
>دور الوراثة وكيف يتم توريث المرض؟ باستثناء الحالات النادرة، يتم توريث الضمور العضلي الشوكي SMA بطريقة وراثية متنحية، مما يعني أن الفرد المصاب لديه جينان متحوران، وغالبًا ما يرث واحدًا من كل والد. وأولئك الذين يحملون جينًا واحدًا متحورًا هم حاملون للمرض دون ظهور أي أعراض. قد تصيب الأمراض الصبغية المتنحية أكثر من شخص في نفس الجيل (الأشقاء أو أبناء العم).
أنواع الحالات
هناك مجموعة واسعة من الضعف في ضمور العضلات الشوكي الناجم عن عيوب في جين SMN1. ابتداء من الإصابة قبل الولادة مع صعوبات في التنفس عند الولادة إلى ضعف خفيف عند البالغين. وفقًا لذلك، يمكن تصنيف هذا الشكل الأكثر شيوعًا من SMA إلى أربعة أنواع، هي:
> النوع الأول: ويُطلق عليه مرض ويردينغ - هوفمان Werdnig - Hoffmann يظهر عند الأطفال عادة قبل 6 أشهر من العمر. يصاحب الحالات الشديدة منه انخفاض في الحركات حتى في الرحم ويولدون مع تقلصات وصعوبات في التنفس، وتحدث الوفاة في السنة الأولى من العمر دون علاج. تشمل أعراضه انخفاض توتر العضلات، انخفاض حركات الأطراف، ونقص ردود الأوتار، التحزُم، صعوبات البلع والتغذية، وضعف التنفس. يصاب هؤلاء الأطفال أيضًا بالجنف (انحناء العمود الفقري) أو تشوهات هيكلية أخرى مع تقدمهم في السن. بدون أي علاج، لا يجلس الأطفال المصابون أو يقفون أبدًا، وعادة ما تموت الغالبية العظمى من فشل الجهاز التنفسي قبل سن عامين. أما اليوم فمع المزيد من الرعاية السريرية الاستباقية والعلاج المتاح حديثًا لتعديل المرض، أمكن لهؤلاء الأطفال العيش أطول والوصول إلى مراحل حركية أعلى مثل الجلوس وحتى المشي.
> النوع الثاني: وهو الشكل المتوسط، تظهر أعراضه الأولى بين 6 و18 شهرًا من العمر وقد يظهر لدى البعض في وقت مبكر. المصابون قادرون على الجلوس دون دعم ولكنهم غير قادرين على الوقوف أو المشي دون مساعدة، وقد يفقد البعض القدرة على البقاء جالسًا بشكل مستقل بمرور الوقت دون علاج. قد يعانون من صعوبات في التنفس بما في ذلك نقص التهوية أثناء النوم. تطور المرض متغير بدون علاج. ينخفض متوسط العمر المتوقع ولكن معظم الأفراد يعيشون لسن المراهقة أو الشباب. مع العلاج المعدل للمرض والرعاية السريرية الاستباقية، أمكن لمرضى النوع الثاني التحسن كثيرا.
> النوع الثالث: تظهر أعراضه بعد 18 شهرًا من العمر بصعوبة في المشي والجري، وتسلق الدرج، أو النهوض من الكرسي، ثم يتمكن المصابون من المشي بشكل مستقل. غالبًا ما تتأثر عضلات الساق القريبة أولاً، مع ظهور رعاش في اليدين. تشمل المضاعفات الجنف وتقلصات المفاصل - قصر مزمن للعضلات أو الأوتار حول المفاصل - بسبب توتر العضلات وضعفها غير الطبيعي، مما يمنع المفاصل من الحركة بحرية، وهم عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي. ومع الحرص والعناية والعلاج المعدل للمرض، يتمتع معظمهم بنتائج جيدة وبعمر طبيعي.
> النوع الرابع: تظهر أعراضه من بعد سن 21 عامًا، مع ضعف خفيف إلى متوسط في العضلات القريبة وأعراض أخرى.
التشخيص والعلاج
> التشخيص. يتوفر اختبار الدم للبحث عن الفقدان أو الطفرات في جين SMN1 يحدد هذا الاختبار ما لا يقل عن 95 في المائة من أنواع المرض (الأول والثاني والثالث) وقد يكشف أيضًا عما إذا كان الشخص يحمل جينًا معيبًا يمكن أن ينتقل إلى الأطفال. إذا لم يتم العثور على جين SMN1 فيتم عمل تخطيط كهربائية العضل (الذي يسجل النشاط الكهربائي للعضلات أثناء الانقباض وأثناء الراحة)، ودراسة سرعة التوصيل العصبي (لقياس قدرة العصب على إرسال إشارة كهربائية)، وخزعة العضلات (لتشخيص العديد من الاضطرابات العصبية والعضلية)، واختبارات الدم الأخرى.
هل توجد علاجات لهذا المرض؟ لعهد قريب، لا يوجد علاج كامل لضمور العضلات الشوكي والمتوفر منه هو للتحكم في الأعراض والوقاية من المضاعفات.
> علاجات دوائية. في ديسمبر (كانون الأول) 2016. وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على عقار نوسينيرسين nusinersen (Spinraza ™) كأول دواء معتمد لعلاج الأطفال والبالغين المصابين بضمور العضلات الشوكي. يُعطى الدواء عن طريق الحقن في السائل المحيط بالحبل الشوكي، وهو مصمم لزيادة إنتاج بروتين SMN كامل الطول، وهو أمر بالغ الأهمية لصيانة الخلايا العصبية الحركية. يتم توثيق الفائدة بشكل أفضل عند الرضع والأطفال، خاصة عند البدء مبكراً. هناك العديد من العلاجات الأخرى في مراحل متأخرة من التطوير وقد تصبح متاحة للأفراد المصابين في المستقبل القريب.
في مايو (أيار) 2019. وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على العلاج الجيني أبيباروفيك - شيوي abeparovec - xioi (Zolgensma ™) للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين والذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي في الطفولة. يُسَلِمُ الفيروس الآمن جيناً بشرياً يعمل بكامل طاقته إلى الخلايا العصبية الحركية المستهدفة، مما يؤدي بدوره إلى تحسين حركة العضلات ووظائفها، كما يحسن البقاء على قيد الحياة.
في 7 أغسطس (آب) 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، على العقار الجديد إفريسدي Evrysdi (risdiplam) الذي أدى إلى تحسن ملحوظ بعد 23 شهراً أو أكثر من العلاج حيث تمكن خلالها 81 في المائة من المرضى البقاء على قيد الحياة بدون تهوية دائمة.
> العلاج الطبيعي والعلاج المهني وإعادة التأهيل، قد يساعد في تحسين الوضع ومنع جمود المفاصل وإبطاء ضعف العضلات وضمورها. وقد تساعد تمارين الإطالة والتقوية في تقليل التقلصات وزيادة نطاق الحركة والحفاظ على تدفق الدورة الدموية. يحتاج بعض الأفراد إلى علاج إضافي لصعوبات النطق والبلع. قد تكون الأجهزة المساعدة مثل الدعامات أو المشابك، وأجهزة تقويم العظام، ومُركِبات الكلام، والكراسي المتحركة مفيدة في تحسين الاستقلال الوظيفي.
> التغذية السليمة والسعرات الحرارية، ضرورية للحفاظ على الوزن والقوة مع تجنب الصيام لفترات طويلة. قد يحتاج الأشخاص الذين لا يستطيعون المضغ أو البلع إلى إدخال أنبوب تغذية. يمكن أن تؤدي التهوية غير الغازية في الليل إلى تحسين التنفس أثناء النوم، وقد يحتاج بعض الأفراد أيضاً إلى مساعدة التنفس أثناء النهار بسبب ضعف عضلات الرقبة والحلق والصدر.
- استشاري طب المجتمع



اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.