أحزاب تونسية تطالب بتشكيل حكومة جديدة من دون «النهضة»

«الدستوري الحر» قال إنه سيتفاعل إيجابياً مع الائتلاف الجديد «فقط في حال استبعاد الحركة منه»

الغنوشي رئيس حركة النهضة التي يطالب سياسيون بإبعادها من الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
الغنوشي رئيس حركة النهضة التي يطالب سياسيون بإبعادها من الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
TT

أحزاب تونسية تطالب بتشكيل حكومة جديدة من دون «النهضة»

الغنوشي رئيس حركة النهضة التي يطالب سياسيون بإبعادها من الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)
الغنوشي رئيس حركة النهضة التي يطالب سياسيون بإبعادها من الحكومة التونسية الجديدة (إ.ب.أ)

فيما يواصل هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، مشاوراته مع ممثلي الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة جديدة، تسربت أخبار عن فحوى هذه اللقاءات، تؤكد رفض عدد من الأحزاب السياسية مشاركة حركة النهضة (إسلامية) في الائتلاف الحكومي الجديد، وخاصة من قبل حزبي التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، التي أكد رئيسها زهير المغزاوي أن الأطراف المعارضة للحركة يمكن أن تشكل حكومة جديدة دون «النهضة».
وتشمل قائمة الأحزاب المعارضة لعودة النهضة لتزعم المشهد السياسي التونسي، الحزب الدستوري الحر المعارض (يمتلك 17 مقعدا في البرلمان)، وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وهما اللذان يمتلكان كتلة برلمانية تتكون من 38 مقعدا. وقد تمكنت هذه الأطراف السياسية من إقناع عدد من نواب البرلمان، وجمع 97 صوتا خلال جلسة نزع الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي. غير أنها لم تتمكن من تحقيق الأغلبية المقدرة بـ109 أصوات، لكنها خلقت في المقابل نواة معارضة جديدة قد تزداد صلابتها في حال الاتفاق على استبعاد حركة النهضة من تشكيل الحكومة الجديدة.
في السياق ذاته، رفض الحزب الدستوري الحر، الذي يعد أهم الأحزاب الرافضة لوجود النهضة في المشهد السياسي، تلبية دعوة المشيشي للمشاركة في المشاورات الدائرة حاليا حول شكل الحكومة الجديدة، وعدد أعضائها والأطراف السياسية المستعدة للمشاركة فيها، وقال إنه غير معني بالتموقع في هذه الحكومة، وإنه سيتفاعل إيجابيا معها فقط في حال استبعاد حركة النهضة منها.
في المقابل، أكد نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة النهضة في البرلمان، أن حزبه سيتفاعل إيجابيا مع كل المقترحات التي تلبي انتظارات التونسيين. وقال بخصوص مواصلة العمل الحكومي مع الائتلاف الحاكم السابق، ممثلا خاصة في حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، رغم الاختلافات العميقة التي شقت صفوف هذا الائتلاف: «النهضة مستعدة للعمل مع كل الأحزاب السياسية، باستثناء من أعلن عن إقصاء نفسه». في إشارة إلى الحزب الدستوري الحر.
في غضون ذلك، قال نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال)، خلال اجتماع عمالي عقد أمس بمدينة الحمامات (شمال شرقي)، إن المنظمة «تدعم مقترح تشكيل حكومة مصغرة، تعطي انطباعا للتونسيين بحدوث تقشف حكومي، تكون مكونة من كفاءات وطنية قادرة على إدارة المرحلة الاقتصادية والاجتماعية الحالية الصعبة»، على حد تقديره.
في غضون ذلك، يتوقع مراقبون أن تستند حركة النهضة (54 صوتا) على حزب قلب تونس (29 مقعدا)، وائتلاف الكرامة (17 مقعدا) لتزعم ائتلاف حكومي جديد، وهذه الأطراف الثلاثة مجتمعة تشكل نحو مائة صوت في البرلمان، مما يجعلها قريبة جدا من الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات، الكفيلة بضمان منح الثقة للحكومة الجديدة.
وخلافا لدعوات مختلفة تطالب تشكيل حكومة مصغرة، أو حكومة كفاءات، يتمسك سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة «ائتلاف الكرامة»، الداعمة لتوجهات حركة النهضة، بتشكيل حكومة ذات تركيبة سياسية، تقوم على المحاصصة بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم، وفقا لنتائج انتخابات 2019 رافضا حكومة الكفاءات التي دعت لها أطراف غير ممثلة في البرلمان، أو ذات ثقل برلماني محدود. واعتبر مخلوف أن اللقاء مع رئيس الحكومة المكلف كان إيجابيا بعد أن أظهر المشيشي انفتاحا على تصورات الائتلاف وآرائه المختلفة.
وبدأ رئيس الحكومة المكلف سلسلة مشاورات منذ 27 من يوليو (تموز) الماضي، حيث عقد لقاءات مع الأمناء العامين لعدد من المنظمات الوطنية، ومع مسؤولين عن هياكل ومؤسسات اجتماعية، وفي مقدمتها «اتحاد الشغل» و«مجمع رجال الأعمال»، ونقابة الفلاحين، و«الاتحاد التونسي للمرأة»، و«نقابة الصحافيين»، و«رابطة حقوق الإنسان» و«هيئة مكافحة الفساد»، بالإضافة إلى خبراء في الشأن الاقتصادي والمالي، أمثال مروان العباسي محافظ البنك المركزي الحالي، وتوفيق بكار محافظ البنك الأسبق، فضلا عن وزراء في حكومة تصريف الأعمال وهم وزراء المالية، والشؤون الاجتماعية، والتنمية والتعاون الدولي والتجارة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».