وفاة لويس كولافيتشو... أشهر مزيّف عملات في العالم

في مرحلة ما طلبت وزارة الخزانة الأميركية الاستعانة بخبرته

مزور العملات لويس كولافيتشو (نيويورك تايمز)
مزور العملات لويس كولافيتشو (نيويورك تايمز)
TT

وفاة لويس كولافيتشو... أشهر مزيّف عملات في العالم

مزور العملات لويس كولافيتشو (نيويورك تايمز)
مزور العملات لويس كولافيتشو (نيويورك تايمز)

كان رد فعل مزور العملات العتيد، لويس كولافيتشو، غريبا عندما اعتقله عملاء الخدمة السرية وقوات شرطة نيوجيرسي في «قصر القيصر» في «أتلانتيك سيتي» عام 1966 إذ انتابته نوبة من الضحك الهستيري.
كانت سيارته «هوندا» الحمراء المحملة بما يقرب من 800 رطل من عملات ماكينات القمار المزيفة عالية الجودة قد شقت طريقها بسهولة إلى مرأب انتظار السيارات في كازينو القمار بفضل تعديلات أجراها على صندوقها الخلفي. لكن سيارة الشرطة طراز «بويك» التي نُقل إلى صندوقها الحمولة ذاتها لم تكن محظوظة على الإطلاق.
تحت وطأة حمولتها الثقيلة من العملات المعدنية، سقط الجزء الخلفي من سيارة الشرطة عندما اصطدمت بحاجز السرعة ليسقط كاتم الصوت وأنبوب العادم. وبحسب ما دون في مذكرات المزور الكبير التي خرجت تحت عنوان «أكثر من مجرد مغامرات لأكبر مزور في العالم» التي صدرت عام 2015 فقد قهقه كولافيتشو بصوت عال فيما كان يجلس في المقعد الخلفي بسبب سوء حظ الجندي قائد السيارة.
بالنسبة للسيد كولافيتشو، الذي كان يُعرف باسم «ذا كوين»، أو العملة، كانت تلك الحادثة واحدة من سلسلة من المغامرات والمشاريع الإجرامية التي لفتت انتباه رجال إنفاذ القانون وعمال كازينوهات القمار في كل مكان، وكانت سببا في بداية صداقة نادرة بين المزور العتيد ومحقق الشرطة.
توفي كولافيتشو في 6 يوليو (تموز) عن عمر 78 عاما في منزل ابنته سوزان تاغليانيتي في «كرانستون»، بحسب صديقه والمؤلف المشارك للمذكرات أندي تيبو الذي أكد نبأ الوفاة. رغم أنه لم يذكر سببها، فقد كان كولافيتشو تحت رعاية صحية وقد أظهرت سجلات المحكمة أنه كان مصابا بالخرف ومرض الانسداد الرئوي المزمن وارتفاع ضغط الدم.
توفي كولافيتشو بعد أسابيع قليلة فقط من موافقة قاضٍ فيدرالي على إطلاق سراحه من المركز الطبي الفيدرالي في «بوتنر» بولاية «نورث كارولاينا»، وهو سجن للنزلاء ذوي الاحتياجات الصحية الخاصة، حيث كان يقضي عقوبة 15 شهراً بتهمة التزييف.
كان عمل كولافيتشو، الحرفي وصانع المجوهرات السابق، مقتصرا على إنتاج عملات معدنية مقلدة لماكينة القمار. كانت القطع النقدية التي يصنعها متقنة للغاية في دقة تفاصيلها لدرجة أنه حتى الكثير من المسؤولين الفيدراليين وعمال الكازينو وجدوا صعوبة في تمييزها عن العملات الحقيقية تحت المجهر.
قال تيبو: «لقد كان شخصا رائعا. حتى كإنسان كان شخصا رائعا رغم أنني لم أعرف مجمل حياة لويس».
وبحسب صديقة طفولته ماري آن سورينتينو في مقال رأي بصحيفة «بروفيدنس جورنال»، فقد ولد كولافيتشو في الأول من يناير (كانون الثاني) 1942 وقضى جزءاً من حياته المبكرة في منطقة «إرويك»، وحصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من كلية «بروفيدنس» عام 1964، وأظهرت سجلات المحكمة أنه التحق في سبتمبر (أيلول) 2015 بـ«كلية المجتمع» في «رود آيلاند».
وذكر سورينتينو أنه نشأ مع أخت وشقيق أصبح لاحقا مبشراً. وقال فرانز دوسكي، صديقه والمؤلف المشارك الآخر في مذكراته، إن مسؤولي الكازينو شعروا في الغالب بحرج من الاعتراف بأن كولافيتشو قد خدعهم. وذكرت وكالة أنباء «أسوشيتد برس» أنه قد منع من دخول جميع كازينوهات البلاد، لكنه رغم ذلك تمكن من التنكر والدخول إلى هذه الأماكن.
رغم أن سجلات المحكمة المتاحة لم تعط صورة كاملة، فإنها أظهرت أن كولافيتشو واجه سلسلة من التهم على مدى عقود، بما في ذلك الاحتيال المصرفي والرهن العقاري والتأمين. لكن التزييف كان تخصصه الرئيسي.
في عام 1997 حُكم عليه بالسجن 27 شهراً بسبب عملات الكازينو المزيفة الخاصة، وفي عام 2019 حُكم عليه بالسجن لمدة 15 شهراً، لكن هذه المرة لتزييفه آلاف العملات الورقية فئة 100 دولار.
وتعليقا عل الفترة التي قضاها في السجن، قال دوسي في مقابلة هاتفية: «يسمونه معهد إصلاح لكنهم لم يصلحوا من سلوكه».
كانت جميع أعمال السيد كولافيتشو دقيقة وكان يستطيع العمل وحده تحت المجهر لأيام كلها رغبة في خداع الحكومة الفيدرالية والكازينوهات. لم يكن عمله يحتمل الخطأ، فكل خط ولون يضعه كان مثالياً.
وكتب كولافيتشو في مذكراته يقول: «كان صنع القطع المزيفة يروق لي بشكل لا أستطيع تفسيره»، فيما قال جيري لونغو، رقيب متقاعد بشرطة ولاية كونيتيكت، إنه كان «يفعل ذلك للمتعة».
استطرد لونغو قائلا إن كولافيتشو قد أتقن حرفته غير المشروعة على مدار أربع سنوات، حيث صنع الآلاف من العملات المميزة لـ36 كازينو قمار وإنه في مرحلة ما طلبت وزارة الخزانة الأميركية الاستعانة بخبرته. ووفقا لسجلات المحكمة، فقد دفعت له الوزارة 18 ألف دولار بعد إطلاق سراحه من السجن الفيدرالي في عام 2000 لأن أصباغه التي كان يستخدمها كانت تفوق في استدامتها ما تستخدمه دار صك العملات الأميركية.
وأضاف لونغو أن تقديرات المسؤولين الفيدراليين لما قام كولافيتشو بتزييفه في الكازينوهات التي تعامل معها كانت تخمينية، لكنها ربما تقدر بعدة ملايين من الدولارات.
وأشار المحقق إلى أنه أثناء تحقيقه في قضية كولافيتشو كان بإمكانه أن يرى من مكتبه في «ميريديان» بمنطقة كونيتيكت المجمع الصناعي حيث اشترى كولافيتشو مواد لعملاته المعدنية.
استطرد لونغو قائلا إن عملاته كانت بارعة لأنه كان يسحق النسخ الأصلية ليحصل على تحليل دقيق لمكوناتها وإنه اشترى المواد ومطبعة وقام بصنع قوالب وعملية النسخ باستخدام قالب قطع بالليزر. وأضاف لونغو أن «الأمر أشبه بدخول دار صك العملة الأميركية في عطلة نهاية الأسبوع وطباعة أموالك والمغادرة».
وقال لونغو إنه أقام صداقه مع كولافيتشو بعد أن سلم نفسه لشرطة الولاية. وأشار إلى أن كولافيتشو جاء مع محاميه معتقداً أنه سيجبر على الوقوف إلى جوار الحائط كما يحدث مع غيره. لكن ما حدث كان مختلفا حيث قدم له الكعك قائلا: «هل تحب الكعك؟ رد عليه الرجل قائلا: أحب الكعك» ثم أخذ بصماته قبل أن يناوله طبق الكعك والقهوة.
أرسل كولافيتشو في وقت لاحق ببطاقة عيد الميلاد إلى لونغو، دون عليها عبارة «عيد ميلاد سعيد. كنت أحد الأخيار».
بات الاثنان أقرب خلال جولة قاما بها في الكلية للترويج لكتاب عن سيرة كولافيتشو. كتب لونغو مقدمة الكتاب، وقال إن العلاقة كانت مثل العلاقة بين زميلين في المدرسة الثانوية التقيا لاحقا بعد سنوات.
اختتم لونغو قائلا: «كنت أعلم أنه لن يتخلى عن أسلوب حياته. وأنا كذلك لم أكن لأتخلى عن أسلوب حياتي».
- «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

العثور على 5 جثث مقطعة في شاحنة بالمكسيك

أميركا اللاتينية عناصر من الشرطة المكسيكية، في إسكوبيدو، المكسيك 20 أبريل 2022 (رويترز)

العثور على 5 جثث مقطعة في شاحنة بالمكسيك

عُثر على 5 جثث على الأقل مقطَّعة الأوصال، الخميس، بشاحنة في غواناخواتو بوسط المكسيك التي تشهد حرباً مفتوحة بين كارتلات المخدرات، على ما أفادت به السلطات.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو سيتي)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا الطفلة البريطانية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 (متداولة)

القضاء البريطاني يدين بالقتل والدَي طفلة توفيت جرّاء الضرب

أدان القضاء البريطاني والدَي الطفلة الإنجليزية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 بعد تعرضها لسوء المعاملة على مدى سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا نساء أيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن 10 سنوات لهولندية استعبدت امرأة أيزيدية في سوريا

قضت محكمة هولندية بالسجن عشر سنوات بحق امرأة هولندية أدينت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبقائها امرأة أيزيدية عبدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».