مُقتنيات أصحاب «المجموعات الخاصة» توثق تاريخ المدن والبشر

مصريون يكشفون قصصاً إنسانية عبر تتبع الرسائل القديمة

فرانسيس أمين وسط مجموعة من الصور النادرة (الشرق الأوسط)
فرانسيس أمين وسط مجموعة من الصور النادرة (الشرق الأوسط)
TT

مُقتنيات أصحاب «المجموعات الخاصة» توثق تاريخ المدن والبشر

فرانسيس أمين وسط مجموعة من الصور النادرة (الشرق الأوسط)
فرانسيس أمين وسط مجموعة من الصور النادرة (الشرق الأوسط)

بعد عثورهم على قطع نادرة، توثق لتاريخ عائلاتهم، اتجه مصريون من هواة جمع المقتنيات التاريخية إلى البحث عن المزيد من القطع التي تروي جوانب خفية من حياة البشر، وبعض القصص التاريخية.
وعلى الرغم من شغفهم بكل ما هو قديم، يحرص معظم أصحاب المجموعات الخاصة على التخصص في جمع مقتنيات بعينها، وهو ما أبرز اتجاهاً جديداً تحول من جمع القطع إلى البحث عن القصص والحكايات المرتبطة بها.
ارتباط المرشد السياحي، فرنسيس أمين، بالتاريخ والآثار بحكم مهنته ونشأته بمدينة الأقصر (جنوب مصر) دفعه إلى التركيز على جمع الصور الفوتوغرافية النادرة، والبحث عن قصص البشر والأماكن فيها، واستطاع خلال سنوات اقتناء مجموعات متنوعة يروي كل منها جوانب مختلفة من تاريخ مدن مصر وسكانها، وتَغيّر العادات والتقاليد والملابس، وتعود بعض ألبوماته إلى عام 1920 ميلادية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت هواية جمع الصور الفوتوغرافية عندما كنت صغيراً، فقد كنت أشتري صور السائحين من المصورين بمدينة الأقصر، ومع تراكم الخبرات اتجهت إلى شراء الاستديوهات القديمة بمعداتها وكاميراتها القديمة، وكل الأرشيف الخاص به، ثم أقوم بدراسة كل صورة وتصنيفها والبحث عن قصصها وقصص أصحابها، واستكمالها من مصادر أخرى، فأصبح لدي مجموعة كبيرة تؤرخ لمدن مصر، سواء التغييرات التي طرأت على الأماكن والآثار، أو العادات والتقاليد والملابس».
يمتلك أمين مجموعات متنوعة من الصور الفوتوغرافية توثق للكثير من الأحداث التاريخية، ويروي بعضها قصص البشر وعلاقتهم بالمكان، بينها ألبوم كامل عن مدينة مطروح، وشكل كل شيء فيها في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي؛ الشوارع والبنايات وتَغيّر العادات والتقاليد والملابس، ومجموعة عن مدينة الأقصر تعود إلى عام 1920، وصوراً نادرة التقطت خلال تصوير مشاهد بعض الأفلام الأجنبية والعربية بالمدينة، ومجموعة كاملة توثق عملية اكتشاف آثار منطقة تونا الجبل الشهيرة في محافظة المنيا (جنوب القاهرة).
ويتحول المصور الذي التقط الصورة في كثير من الأحيان إلى بطل للقصة، مثلما حدث مع المصور الإيطالي هنري ليشتر، الذي امتلك استوديو تصوير وعاش بمدينة الأقصر، ويضيف أمين: «قمت بنشر كتاب عن ليشتر وحياته وصوره، فقد عاش بالأقصر معظم حياته، ومات عام 1940، تاركاً إرثاً فنيا مميزاً، وقد تعلمت خلال مسيرتي أن الصورة الفوتوغرافية ليست فقط ما يظهر في الكادر الرئيسي، إذ يوجد ما يسمى (فن قراءة الصورة) الذي يبدأ بالمعلومات المدونة على خلفية الصورة بما فيها اسم المصور والمدينة والتاريخ، وهي معلومات تساعد على تتبع قصة الصورة، ثم بعدها تأتي قراءة المشهد، فعلى سبيل المثال يمكن أن أشتري ألبوماً لصور عائلية على الرغم من أنني غير مهتم بالعائلة صاحبة الصور، بل أهتم بالمكان الذي التقطت فيه الصور، أو الأزياء وقتها، وفي كثير من الأحيان تمتد القراءة إلى ظل الصورة، حيث يمكن أن تظهر في الظلال تفاصيل خفية، فمثلاً قد تحصل على وجه المصور نفسه في ظلال الصورة».
في السياق، اتجهت الدكتورة علا سيف، المؤرخة المتخصصة في تاريخ الفن والفوتوغرافيا، إلى اقتناء الرسائل البريدية القديمة في فترات شهدت أنظمة بريد أجنبية، بجانب امتلاكها مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي تؤرخ لتطور فن الفوتوغرافيا، وسيرة مشاهير المصورين. وبدأت سيف بالبريد الأوروبي «البوسطة اليوربية» والبريد الفرنسي، ثم البريد المصري، وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «محتوى الرسائل يشكل تأريخاً اجتماعياً وقصصاً إنسانية متنوعة، وتحتاج كل رسالة إلى قراءة لمعلوماتها البريدية ودلالاتها، بدءاً من نوع الطابع وسعره، إلى خط سير الرسالة والمدينة التي أرسلت منها وكافة المدن التي مرت عبرها، ومن بين ما توثقه الرسائل البريدية التاريخية التي يعود تاريخ بعضها إلى عام 1830 ميلادية هو شكل الخطابات، حيث كانت عبارة عن ورقة واحدة مطوية، فلم تكن الأغلفة التي توضع بداخلها موجودة».
وتتحول الرسائل البريدية في كثير من الأحيان إلى قصص تاريخية تورط الباحث في محاولات معرفة حكايات أصحابها، فتصبح شكلاً من أشكال التأريخ للعائلات والأشخاص والمدن، وتضيف سيف: «المُقتنيات تجعلنا نبحث في التاريخ عن القصص والحكايات غير المعروفة، فلدي الكثير من الخطابات ما زلت أبحث عن قصص أصحابها، بينها خطاب يعود إلى شخص فرنسي لقبه (باستريه) أرسله من الإسكندرية إلى لندن عام 1862، وخلال البحث عن قصة العائلة فوجئت منذ نحو عامين بصديق استطاع الحصول على ألبوم صور للعائلة، فبدأنا العمل على ربط الصور بالخطاب، وما زلنا نحاول استكمال القصة».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.