طهران تتمسك بالرد إذا تأكد هجوم خارجي في «نطنز»

ليبرمان يتهم ضمناً رئيس «الموساد» بتسريب معلومات عن حادث المنشأة

صورة تظهر آثار الانفجار في منشأة «نطنز» بدقة عالية التقطها القمر الصناعي «بلانت لبز» الأحد (أ.ب)
صورة تظهر آثار الانفجار في منشأة «نطنز» بدقة عالية التقطها القمر الصناعي «بلانت لبز» الأحد (أ.ب)
TT
20

طهران تتمسك بالرد إذا تأكد هجوم خارجي في «نطنز»

صورة تظهر آثار الانفجار في منشأة «نطنز» بدقة عالية التقطها القمر الصناعي «بلانت لبز» الأحد (أ.ب)
صورة تظهر آثار الانفجار في منشأة «نطنز» بدقة عالية التقطها القمر الصناعي «بلانت لبز» الأحد (أ.ب)

تمسكت الحكومة الإيرانية بحق «الرد المناسب» على حادث منشأة «نطنز» إذا ما أثبتت نتائج التحقيق أي دور خارجي في الهجوم، غير أنها حاولت التقليل من الدور الإسرائيلي عندما اتهمت تل أبيب باستخدام «أساليب نفسية». وقال متحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان إن النتائج النهائية للتحقيق ستعلن بعد اكتماله.
وعلق المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي على تقارير حول دور إسرائيلي في انفجار منشأة «نطنز»، وما نسبت تحديداً إلى مسؤولين إسرائيليين، وقال في مؤتمر صحافي: «درسنا كل الفرضيات ذات الصلة بالحادث منذ بدايته»، لافتاً إلى أن «سبب الحادث في طور الاكتمال بإجماع الخبراء كافة»، وكرر التأكيد على أن الحادث «لم يسفر عن خسائر في الأرواح ولا إشعاعات نووية، ولن يؤثر على نشاطنا السلمي».
وقال ربيعي: «من المؤكد أننا سنوجه الرد المناسب إذا ما توصلنا إلى إجماع حول تدخل أجنبي في الحادث». غير أنه عاد وأضاف: «منذ بداية الحادث؛ بعض وسائل الإعلام المرتبطة بـ(الموساد)، في خطوة مبرمجة ومنسقة، حاولت أن تقدم صورة قوية من إسرائيل وربطت الحادث بإسرائيل». وأضاف: «رغم ترحيب المسؤولين الإسرائيليين بالحادث، فإنهم لم يتقبلوا المسؤولية».
وأعلنت السلطات الإيرانية، الخميس الماضي، عن وقوع «حادث» و«حريق» في منشأة «نطنز»، وقالت لاحقاً إنها توصلت إلى سبب الحادث، لكنها أعلنت تمسكها بالرد في حال التأكد من أي دور خارجي.
وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، الأحد، إن الحادث «أحدث أضراراً جسيمة قد تبطئ من صنع أجهزة طرد مركزي متطورة»، وإنه قد يتسبب في تباطؤ تطوير وإنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة على المدى المتوسط. وأعلن عن خطة لإقامة مبنى آخر أكبر ومزود بمعدات أكثر تطوراً بدلاً من المبنى المتضرر.
ولكن ربيعي حاول أن يحدد الدور الإسرائيلي ضمن ما تعدّه طهران «الحرب النفسية»؛ قائلاً إن «سلوك وافتعال أجواء للعمليات النفسية يتناسبان مع هوية إسرائيل…»، ومع ذلك لم يستبعد أن تقوم إسرائيل بـ«أعمال شرير كهذه»، منوها بأن «أعمالاً خارجة على الأعراف كهذه، لزعزعة أمننا، فضلاً عن أنها تهدد الخطوط الحمر للأمن العالمي؛ تمثل توجهاً خطيراً».
ونشرت وكالتا «إرنا» و«إيسنا» الحكوميتان مقالاً الخميس الماضي حذرت فيه خصوم إيران من القيام بأعمال معادية، مشيرتين إلى أن حسابات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي ذكرت أنها تقف خلف الحادثة. وحذر المقال إسرائيل والولايات المتحدة من أي هجوم على «أمن» و«مصالح» إيران، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي إسرائيل، أفادت صحيفة «هآرتس»، أمس، بأن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى وقف مسؤول استخباراتي لم يذكر اسمه، عند حده، بسبب تسريب معلومات لوسائل الإعلام تتعلق بهجمات إسرائيلية على إيران.
ووجه ليبرمان اتهاماً ضمنياً إلى رئيس «الموساد» يوسي كوهين في قوله: «الكل يعرف من هو مسؤول المخابرات هذا»، وكان يشير بوضوح إلى ما نقلته على دفعتين هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز» عن «مسؤول استخباراتي شرق أوسطي» حول الحادث.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نقلت، الاثنين، عن «مسؤول شرق أوسطي» أن إسرائيل مسؤولة عن زرع قنبلة قوية أدت إلى انفجار في مبني تستخدمه إيران لإنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة.
وتابع ليبرمان: «أتوقع من رئيس الوزراء أن يبقي فم ذلك المسؤول الاستخباراتي الكبير مغلقاً، خصوصاً أنه بدأ حملته الانتخابية الأولية لحزب الليكود... لا يمكن لهذا المسؤول أن يشرح ما قمنا به وما لم نفعله أيضاً».
وبدا وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالإنابة بيني غانتس غامضاً حيال الأحداث. وقال الأحد إن «إيران تهدف (لتطوير أسلحة) نووية. لا يمكننا تركها تحقق ذلك». لكنه أضاف: «ليس بالضرورة أن يكون كل حدث يجري في إيران مرتبطاً بنا».
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، أول من أمس، عن مسؤول في «الحرس الثوري» أن الحادثة جرت باستخدام مواد متفجرة. لكنه أشار أيضاً إلى أن السلطات الإيرانية تحقق في فرضيتي إصابة المنشأة بصاروخ «كروز»، و«طائرة من دون طيار».
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية، أمس، عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أبو الفضل عمويي: «توصلنا إلى نتائج مهمة حول سبب حادث (نطنز)».
وكان عمويي يتحدث للصحافيين عقب اجتماع مع وزير الأمن محمود علوي حول التحقيق بشأن الحادث.
وقال عمويي إن «النتائج النهائية ستعلن عند الانتهاء من التحقيق الشامل والتقني».
في شأن موازٍ، قال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، رداً على سؤال حول جهود أميركية لمنع إلغاء حظر الأسلحة على إيران عبر مجلس الأمن: «إذا أرادوا منع إلغاء العقوبات، فسيعد هذا انتهاكاً صارخاً ولا يغتفر للقرار (2231) الصادر من مجلس الأمن». وأضاف: «أبلغنا جميع الأطراف وشركاءنا في الاتفاق النووي» بتبعات الخطوة على انهيار الاتفاق النووي، وقال: «الأميركيون وشركاؤنا واثقون بخطوتنا المتناسبة». ومع ذلك، أعرب عن ارتياحه لموقف أعضاء مجلس الأمن في اجتماع الأسبوع الماضي حول الملف الإيراني.
وحذر ربيعي مما وصفها بـ«الانتقائية» في تنفيذ الاتفاق النووي والقرار «2231»، وقال: «طلبنا من كل الدول؛ بما فيها الأوروبية، الوقوف في وجه عزم الإدارة الأميركية على إعادة قانون الغابة».
وأوضح ربيعي أنه «وفقاً للقرار (2231)؛ تم تقييد استيراد وتصدير الأسلحة لفترة 5 سنوات، وهذه القيود ستنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) 2020». وأضاف: «مع دخول الاتفاق النووي عامه السادس؛ يجب أن تلغى تلقائياً».
ولم يخفِ ربيعي قلقه من موقف أوروبي مماثل للموقف الأميركي بشأن حظر السلاح، وقال: «كل الأوروبيين يعرفون أن ترضية الولايات المتحدة سياسة مهزومة؛ لأنه لا حدود لمطالبها ولا يمكن فهمها».
وقال ربيعي: «نتوقع من الأوروبيين ألا يواصلوا هذه السياسة»، محذرا بأن الخطوة تعرض الاتفاق النووي والسلام الدولي «للخطر». وأضاف: «عليهم ألا يثيروا الشكوك حول مكانة أوروبا بصفتها لاعباً مستقلاً». وصرح بأن المواقف الأوروبية في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن حول عقوبات الأسلحة «تثير قلقنا».



اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT
20

اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

في وقت تحرص فيه القاهرة على إجراء اتصالات مع أطراف المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية برعاية عمانية عقب كل جولة تفاوض، قال مصدر دبلوماسي مصري وخبراء إن «مصر تستهدف عودة الملاحة في البحر الأحمر لطبيعتها وتفويت الفرصة على أي محاولات لتأجيج الصراع في الشرق الأوسط».

ومساء الأحد، أعلنت وزارة الخارجية المصرية عن اتصالات هاتفية بين الوزير بدر عبد العاطي مع كل من وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، ووزير خارجية إيران عباس عراقجي، ومبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ووفق بيان للخارجية المصرية، فإن عبد العاطي تناول في اتصالاته تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالجولة الثالثة من المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الإيراني، التي عُقدت السبت في العاصمة العُمانية مسقط، حيث اطّلع على آخر مستجدات المباحثات بين الجانبين.

وأكد وزير الخارجية المصري دعم القاهرة الكامل لجميع المبادرات التي تستهدف التوصل لحلول سياسية عبر الحوار والتفاوض، بما يُعزز من فرص تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وأعرب عن التطلع أن تفضي المفاوضات إلى تسوية سياسية متوازنة تُسهم في خفض التصعيد وتخفيف حدة التوترات في المنطقة، وبدء مرحلة جديدة تسهم في استعادة الاستقرار الإقليمي.

وسبق أن أجرى وزير الخارجية المصري اتصالات مماثلة بالأطراف ذاتها عقب جولتي المفاوضات السابقتين، حيث عقدت الأولى في سلطنة عمان والثانية في روما.

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تجري تلك الاتصالات في إطار جهود سياسية شاملة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف بهدف تخفيف التوتر في البحر الأحمر وعودة الملاحة لطبيعتها».

وأوضح المصدر أن «الجهود المصرية تهدف إلى عدم تأجيج النزاع بالمنطقة، وكذلك عدم استخدام الملاحة في البحر الأحمر كورقة تفاوض فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني؛ لأن ذلك سيضر الصالح العالمي كما يضر القضية الفلسطينية، والقاهرة حريصة على عدم عسكرة الحلول لأزمات المنطقة».

وتستهدف جماعة «الحوثي» اليمنية المدعومة من إيران السفن الإسرائيلية والأميركية في البحر الأحمر كرد على الحرب الإسرائيلية في غزة، فيما ردت الولايات المتحدة بأوامر من الرئيس دونالد ترمب من خلال ضربات جوية منذ أسابيع ضد الحوثيين في اليمن وتوعد بالقضاء عليهم تماماً.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم الحوثيين لتنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط. وقال الخبير المصري الاستراتيجي سمير فرج لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر يهمها تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ومن ثم فهي تدفع معنوياً لإنجاح المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران من أجل تحقيق المصالح المصرية والعالمية».

وأوضح أن «مصر يهمها وقف دعم إيران للحوثيين الذين يستهدفون الملاحة في البحر الأحمر، مما يضر بشدة بالملاحة في قناة السويس وأفقدها مليارات الدولارات».

الرئيسان المصري والإيراني ووفدا البلدين على هامش قمة «بريكس» في روسيا أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والإيراني ووفدا البلدين على هامش قمة «بريكس» في روسيا أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صرح في وقت سابق بأن قناة السويس فقدت نحو 6 مليارات دولار منذ تأجج الصراع في منطقة الشرق الأوسط على خلفية الحرب في غزة واستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

وكيل المخابرات المصرية السابق، اللواء محمد رشاد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران تستخدم الحوثيين كورقة قوية في يديها لحين تحقيق اتفاق يرضيها بشأن برنامجها النووي، ومصر تعلم ذلك ويهمها أن يحدث الاتفاق من أجل استعادة الهدوء في المنطقة، وخاصة في البحر الأحمر».

ويرى رشاد أن «الضربات التي تنفّذها أميركا هناك لن تقضي على الحوثيين»، وأن المسألة «لن تحل إلا باتفاق، وهو ما تدفع مصر نحوه»، كما أن هناك أطرافاً أخرى أيضاً مهتمة بنجاح الاتفاق مثل أوروبا.

والسبت، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» أن الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين وفدي التفاوض الإيراني والأميركي، التي جرت بوساطة سلطنة ‌عمان في مسقط، وفقاً للجدول الزمني المحدد لها، ضمت خبراء فنيين من البلدين، بينما الجولتان السابقتان من المحادثات دارت بشكل أساسي على معايير المفاوضات.

ووصفت كل من الولايات المتحدة وإيران المحادثات السابقة بأنها إيجابية، رغم تهديد ترمب بشن ضربات عسكرية أميركية وإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في حال عدم قبول طهران بالتوصل إلى اتفاق.

وتصر واشنطن على عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً وتفكيك منظومة الصواريخ الباليستية، بينما تصر طهران على أن قدراتها الدفاعية لن تكون محل نقاش.

بينما قال المحلل السياسي عضو مجلس الشيوخ المصري، عماد الدين حسين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تهدف لاستعادة الاستقرار في المنطقة عبر إنجاح المفاوضات بين واشنطن وطهران؛ لأن هذا الاستقرار سيفشل أي مخطط إسرائيلي لضرب المنشآت النووية الإيرانية وجر المنطقة والعالم لعواقب وخيمة».

وشدد على أن «الاتفاق الإيراني الأميركي حال حدوثه سيحقّق الهدوء الذي سينعكس على الكثير من القضايا، ومنها القضية الفلسطينية، كما سيحاصر مخططات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإشعال المنطقة».