سجن 4 حقوقيين أتراك بتهمة «الإرهاب»

مصادمات مع المحامين في أنقرة... ومحاكمة سياسيتين كرديتين

TT

سجن 4 حقوقيين أتراك بتهمة «الإرهاب»

قررت محكمة في إسطنبول أمس (الجمعة)، حبس 4 ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان بينهم مسؤولان سابقان في منظمة العفو الدولية في تركيا، لاتهامهم بجرائم تتعلق بالإرهاب. ووقعت مصادمات بين الشرطة والمحامين في أنقرة أثناء مسيرة احتجاجية على مشروع قانون يناقشه البرلمان يؤكد المحامون أنه سيؤدي إلى فرض سيطرة الحكومة على نقاباتهم وتدخلت الشرطة بالغاز المسيل للدموع لتفريقهم. بينما استمرت محاكمة اثنتين من السياسيين الأكراد في جنوب شرقي البلاد. وفي إسطنبول، قضت المحكمة بحبس تانر كيليتش الرئيس السابق لمنظمة العفو في تركيا، 6 أعوام و3 أشهر بتهمة الانتماء إلى مجموعة إرهابية، كما قررت حبس المدير العام السابقة في المنظمة إيدل إيسار سنتين و6 أشهر بتهمة «مساعدة منظمة إرهابية»، وبرأت 7 متهمين، بينهم الألماني بيتر شتودتنر، والسويدي علي جرافي، وذلك بعد 3 سنوات من الحبس الاحتياطي.
ونسب الادعاء العام التركي إلى المتهمين تشكيل ما يعرف بـ«مجموعة إسطنبول 10»، حيث داهمت الشرطة اجتماعاً لهم في إحدى جزر إسطنبول في يوليو (تموز) 2017، خلال ورشة عمل حول حقوق الإنسان. ولاحقاً، ربط المدعي العام لمدينة إسطنبول مجموعة المدافعين عن حقوق الإنسان بمنظمات إرهابية مختلفة، بينها حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي صنفتها السلطات منظمة إرهابية بعد أن وجهت إليها اتهاماً بتدبير محاولة انقلاب فاشلة شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016 من خلال أدلة تم جمعها فقط بعد إلقاء القبض عليهم، بحسب ما قالت المقررة الخاصة الجديدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ماري لولر.
وقبل انعقاد جلسة المحكمة أمس، عبرت لولر عن قلق عميق حيال توجيه تهمة الإرهاب الموجهة إلى 11 مدافعاً عن حقوق الإنسان في تركيا، مطالبة بإسقاط تهم الإرهاب عنهم.
وأضافت لولر: «بعد ثلاث سنوات من اعتقالهم، فإن الأدلة التي تم جمعها لدعم الاتهامات لم توضح بعد كيف بلغت أنشطتهم مستوى الإرهاب»، لافتة إلى أن الاعتقالات وقعت في وقت يتسم بحساسية سياسية خاصة في تركيا، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى حينها لمحاولة الانقلاب في عام 2016، داعية الحكومة التركية والنيابة العامة إلى «إظهار القوة من خلال إسقاط التهم، عندما لا تتمكن أدلة التحقيقات من تثبيتها».
وفي الإطار ذاته، قالت منظمة العفو الدولية في بيان على موقعها الإلكتروني، إن الأتراك الذي يحاربون من أجل حقوق الإنسان باتوا معرضين لخطر كبير. وأكدت أن المحاكمة منذ البداية كانت «بدوافع سياسية»، بهدف إسكات أولئك الحقوقيين وتوجيه رسالة إلى المجتمع، مفادها أن «الدفاع عن حقوق الإنسان يعرضك للخطر». في الوقت ذاته، استمرت محاكمة رئيسة بلدية ديار بكر السابقة عن حزب الشعوب الديمقراطية (مؤيد للأكراد) جولتان كيشاناك والرئيسة المشاركة لحزب المناطق الديمقراطية صبحات تونجال التي وجه إليها الادعاء العام في غازي عنتاب، جنوب شرقي البلاد، في محكمة الاستئناف في مالاطيا شرق تركيا، بتهمة عضوية منظمة إرهابية مسلحة (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور) والدعاية لها. وأعلنت كيشاناك أنها لن تدافع عن نفسها ولن توكل محامين، فيما تمسكت تونجال بحقها في الصمت. وقررت المحكمة تأجيل النظر في الدعوى وإعطاء وقت للدفاع. كانت محكمة الدرجة الأدنى في مالاطيا حكمت من قبل بسجن كيشاناك 14 عاماً و3 أشهر. وعاقبت المحكمة الجنائية في غازي عنتاب صبحات تونجال بالسجن لمدة 15 عاماً.
بالتوازي، تدخلت الشرطة التركية لتفريق مسيرة نقابات المحامين الأتراك بقنابل الغاز المسيل للدموع، كما وقعت اشتباكات بين المحامين وقوات الشرطة، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المحامين. وحاول رؤساء وممثلو نقابات المحامين في أنحاء تركيا الوصول إلى مقر البرلمان التركي في أنقرة، حيث تجري مناقشة مشروع قانون يقضي بتعديل هيكلية النقابات ونظام انتخاب مجالسها وإدخال نظام النقابات المتعددة، الذي اعتبره المحامون والمعارضة التركية محاولة لفرض سيطرة الحكومة على النقابات. وانطلقت في تركيا مسيرات للمحامين تحت شعار «مسيرة الدفاع» منذ 17 يونيو (حزيران) الماضي، وفي 23 يونيو حاول رؤساء النقابات الفرعية القادمون من مختلف الولايات تنظيم مسيرة إلى ضريح مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، إلا أن الشرطة منعتهم من دخول العاصمة واحتجزت بعضهم. ونظم أعضاء نقابات المحامين سلاسل بشرية أمام قصر العدالة في أنقرة أول من أمس، احتجاجاً على قمع الشرطة التركية لـ«مسيرة الدفاع» المناهضة لتدخلات الحكومة في اللوائح المنظمة لعمل النقابة، ورفع المشاركون شعارات مثل «الدفاع لم ولن يصمت»، و«إذا غاب الدفاع غابت العدالة»، مؤكدين اعتراضهم على مشروع القانون المقدم للبرلمان.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».