«نتفليكس» تختار لبكي ومزنر لتصوير فيلم قصير عن فترة الحجر

قالا لـ«الشرق الأوسط»: في هذا العمل كشفنا عن موهبة ابنتنا ميرون

نادين لبكي وزوجها خالد مزنر
نادين لبكي وزوجها خالد مزنر
TT

«نتفليكس» تختار لبكي ومزنر لتصوير فيلم قصير عن فترة الحجر

نادين لبكي وزوجها خالد مزنر
نادين لبكي وزوجها خالد مزنر

عندما طلبت منصة «نتفليكس» الإلكترونية من نادين لبكي وزوجها الموسيقي خالد مزنر تصوير فيلم قصير عن فترة الحجر المنزلي في زمن «كورونا» لم يكونا يملكان أي فكرة عن الموضوع الذي سيتناولاه. فالمنصة المذكورة وتحت عنوان «هوم مايد» اختارت مخرجين عالميين من بلدان مختلفة للمشاركة في هذه السلسلة التي انطلقت عروضها في 30 يونيو (حزيران) الفائت.
وهكذا ولد فيلم «ميرون وأحادي القرن» ومدته نحو 5 دقائق بطلته ميرون ابنة مزنر ولبكي، اللذين تشاركا في تنفيذ العمل وتصويره وإخراجه.
ومن بين المخرجين المشاركين في هذه السلسلة لادج لي الفرنسي الحائز فيلمه «البؤساء» على الجائزة الكبرى في مهرجان كان. وكذلك الإيطالي باولو سورانتينو والأميركية راشيل موريسون التي رشحت لجائزة أوسكار لأفضل صورة عن فيلمها «مودباوند». وتكر السبحة لتصل إلى نحو 18 مخرجاً بينهم رونغانو نيوني (زامبيا) وباولو لارين (تشيلي) ونوامي كواسي (اليابان) وغيرهم.
وتعلق المخرجة نادين لبكي في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلة: إن «أسماء لامعة وكبيرة من المخرجين جعلت التحدي أكبر وأجمل. وكانت الصعوبة في إيجاد فكرة غير مستهلكة، تحكي عن فترة الحجر». هنا يتدخل زوجها خالد مزنر ليقول: «إننا نصور ميرون بشكل مستمر، لأنها تدفعنا للقيام بذلك لتوثيق موهبتها. ولكن لم يخطر على بالنا يوماً أن تكون بطلة هذا الفيلم القصير».
منذ اللحظات الأولى لمشاهدتك فيلم «ميرون وأحادي القرن» تشدك ابنة الـ4 سنوات بموهبتها الفنية الشاملة. فهي تمثل وتغني وتقتبس وترقص وتقف أمام الكاميرا غير آبهة بسطوتها، مطبقة المثل القائل «فرخ البط عوام». وإذا ما تابعت أداءها التلقائي والعفوي تشعر كمن يقرأ بين السطور عمق تأثير الحجر المنزلي على الأطفال عامة وعلى ميرون خاصة. «لم تشعرنا يوماً وطيلة مدة الحجر الذي بلغ نحو 4 أشهر أنها تعاني من شيء ما». تقول لبكي في سياق حديثها. وتتابع: «إنها تعيش في عالمها الخاص وتنكب على مشاهدة الأفلام السينمائية. وقلما تطالبنا في الأيام الطبيعية بالخروج من المنزل. وعندما رحنا نبحث خالد وأنا عن فكرة للفيلم وجدنا في مدى تأثير الجائحة على أطفالنا موضوعاً شيقاً. فنحن حقيقة لا نعلم كيف يفكر أولادنا تجاه الوباء أو ما هي معاناتهم في هذا الصدد؟
وبالفعل نجحت نادين ومعها خالد في تناول هذه الفكرة بعد أن أوصلا من خلالها رسالة استنبطا عناصرها من بساطة الطفولة وعمق أفكار بريئة تسكنها، كانت لا تزال مجهولة من قبلهما في الوقت نفسه. «لقد كانت تستوعب تماماً ما نعيشه وتحذر الخروج من المنزل قائلة لي «لا أريد أن أنقل العدوى أو أن التقطها». تعلق نادين لبكي. وتتابع: «ولكنها خلال أدائها لم تتوانَ عن وصف نفسها بالسجينة. وفهمت لاحقا أنها ليست خائفة بل مشتاقة للخروج من المنزل».
وتدور قصة الفيلم حول فتاة صغيرة (ميرون) وجدت نفسها محبوسة في غرفة بمنزلها. فراحت تتحدث مع لعبتها (أحادي القرن) تسأله عن طبيعة حياته. وتتكلم بلسان حاله وترد عليه بتفاصيل عن حياتها وعن أهلها البعيدين وأخيها القابع في غرفة أخرى وحده، ولكنّه في أمان ويتمتع بصحة جيدة. بالفرنسية والإنجليزية والإسبانية تلون ميرون حواراتها، هي التي تجيد التحدث بالعربية وبلغات أجنبية غيرها. تصرخ أحياناً بأنّها سجينة عالقة في مكان ما. تحارب وحشاً يلاحقها وتوجه له ضربات قاضية. ترتجل مشهداً تنتفض خلاله بعصبية وكأنّها خزنته في ذاكرتها من مشاهداتها الدائمة لأفلام سينمائية فيها الكثير من الإثارة والتشويق. فتحضر أمامك لا شعورياً لعبة «بيت بيوت» التي يمارسها الأطفال عادة في وحدتهم. أما انفعالاتها وانتقالها من مشهد لآخر بشكل عفوي ومرتجل، فهي نتيجة خيال واسع تتمتع به وليس مجرد بروفات عادية تم التحضير لها مسبقاً.
«يومها دخلت ميرون مكتبي تحمل مظلة في يدها وأقفلت الباب علينا وراحت تحدث نفسها مخترعة حوارات مختلفة تجريها مع لعبتها أحادي القرن. رحت أصورها كعادتي والتزمت الصمت التام وكأني غير موجود». يروي مزنر في سياق حديثه. ويتابع: «استغرق التصوير مدة 20 دقيقة اختزلتها لاحقاً لتصل إلى نحو خمس دقائق كي تتناسب والشروط التي طلبتها منا المنصة. وتشاركنا نادين وأنا في عملية المونتاج والإخراج والمؤثرات الصوتية التي أغنت العمل وزادت من حيويته وحقيقته. كل ذلك استغرق منا نحو أربعة أيام من العمل الدؤوب نُفّذ في مكتبي في المنزل. تذكرت فيلم كفر ناحوم وكيف حضرنا له فولد موقعاً بـ«صنع في لبنان»، تماماً كفيلم «ميرون وأحادي القرن».
خمس دقائق يتابع فيها المشاهد الفيلم القصير والابتسامة لا تفارق ثغره، فميرون تتمتع بخفة ظل لافتة. وفي الوقت نفسه يستطيع من خلال موهبتها الفنية ملامسة حقيقة شعور الأطفال الذين تمثلهم ميرون تجاه الجائحة. فتتأرجح ردود فعله بين الحقيقة والخيال النشيط في رأس ميرون. ويتأكد في نهاية الفيلم أن نجمة ولدت ويمكن أن تتجاوز شهرة والديها يوماً ما. «هي بالفعل موهبة فنية خارقة ونحن على علم بذلك، ولكنّنا لم نفكر يوماً في إخراجها إلى العلن. وفي هذا الفيلم قررنا أن نكشف عنها ونقدمها للمشاهد»، تقول لبكي. يضيف مزنر إلى كلامها: «لقد أيقنت بعد انتهائنا من تنفيذ هذا الفيلم ذي الصناعة المنزلية، أننا انطلقنا في مغامرة ستوصلنا إلى مكان ما لا أستطيع شخصياً تحديده».
ولكن هل يمكن للبكي أن تستعين يوماً ما بابنتها في أحد أفلامها؟ ترد: «لقد ترددنا كثيراً قبل تقديم موهبة ميرون إلى العلن. ولكننا فكرنا أن الفيلم سيكون بمثابة ذكرى لنا جميعاً سنفرح باستعادة تفاصيلها بين وقت وآخر ليس أكثر. فنحن من الأشخاص الذين يخافون على أولادهم كثيراً، ولا سيما من تعرضهم للأذية في ظل التفلت الذي نعيشه على وسائل التواصل الاجتماعي». وتتابع: «أنا شخصياً لن أفرض عليها المشاركة في أي فيلم، ولكن إذا رغبت في ذلك سيكون لكل حادث حديث. فالتمثيل مهنة صعبة فيها معاناة كبيرة تتطلب من صاحبها الصلابة وقوة الشخصية، وبالنهاية القرار الأخير سيكون لها».
تستمع إلى مزنر ولبكي يتحدثان عن موهبة ابنتهما ميرون كل على طريقته. فتقول هي: «ربما ميرون تترجم بموهبتها الفذة كل ما كنت أحلم به ولم أستطع تحقيقه، وسأعمل على تنمية هذه الطاقة التي تملكها بكل ما لدي من قوة». أما الأب فيقول: «لقد جعلتني أستذكر طفولتي وما عشته وعانيته أيام الحرب. ولست حزيناً كون هذا الجيل يعيش تجربة مشابهة اليوم. ولطالما فاجأتني ميرون بموهبتها، ولذلك أصوّرها باستمرار كي أوثق هذه الموهبة وأستمتع بها كمشاهد وأب معاً. إنها بمثابة كنز أردت الاحتفاظ به لنفسي، ولكن شاء القدر أن أخرجه إلى العلن».
«ميرون وأحادي القرن» قد يكون العمل الوحيد الذي نفذاه نادين لبكي وزوجها خالد مزنر من ألفه إلى يائه، وهما على اتفاق تام حول تفاصيله. «عادة ما تعلو أصواتنا ونتجادل كثيراً أثناء أي عمل نقوم به، حتى يخيل لمن يسمع هذه الحوارات الحادة بأننا على مشارف الطلاق. ولكن في فيلم ميرون كنا متفاهمين إلى أقصى درجة، وهو أمر فاجأنا. فكنا نتشاور وننفذ بهدوء ونعمل على نفس الموجة». ويقاطعها مزنر: «كانت تجربة رائعة وأشعر أنها بداية جديدة لحدث ما لا أستطيع تفسيره».


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.