الرئيس التونسي يغضب أذرع «الوفاق» باقتراح استنساخ «التجربة الأفغانية» في ليبيا

تنظيم «الإخوان» اعتبر دعوته «مثيرة للسخرية»

TT

الرئيس التونسي يغضب أذرع «الوفاق» باقتراح استنساخ «التجربة الأفغانية» في ليبيا

أغضبت تصريحات منسوبة للرئيس التونسي قيس سعيد عن «محدودية شرعية» المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق»، وإمكانية «تطبيق التجربة الأفغانية» في ليبيا، غضب أذرع موالية لسلطات طرابلس، وفي مقدمتها حزب العدالة والبناء، لسان حال تنظيم الإخوان هناك.
وظل الرئيس التونسي يرى أن حكومة «الوفاق» هي الممثل الشرعي الوحيد في ليبيا، لكن بشكل مفاجئ وغير متوقع، قال عقب لقاء جمعه بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقصر الإليزيه أول من أمس، إن «السلطة الحالية في العاصمة طرابلس مؤقتة، ويجب أن تحل مكانها سلطة شرعية جديدة نابعة من إرادة الشعب»؛ في إشارة إلى حكومة «الوفاق» التي يرأسها فائز السراج، والتي تدير البلاد بمقتضى اتفاق (الصخيرات) منذ نهاية عام 2015.
وأضاف سعيد أنه اقترح في لقاء سابق جمعه بممثلي القبائل الليبية «الاستئناس بالتجربة الأفغانية» لكتابة دستور جديد، في إشارة إلى ما قام به مجلس «اللويا جيرغا» الذي جمع القبائل الأفغانية عام 2002، وتوجت أعماله بإقرار الدستور سنة 2004؛ وهو الأمر الذي استقبله أمس حزب تنظيم الإخوان في ليبيا بالرفض والغضب الشديد.
وقال محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في ليبيا، إن «حديث الرئيس التونسي يعكس افتقاده إلى الحد الأدنى من المعرفة بالأزمة السياسية في ليبيا وتركيبة شعبها»، مبدياً استغرابه من كلامه «عن دستور يكتبه زعماء القبائل».
ورأى صوان في تصريحات صحافية أمس أن ما ذهب إليه سعيد «يعد إسقاطاً للوضع الأفغاني على ليبيا، وهذا أمر مثير للسخرية»، «إضافة إلى المنطق الاستعلائي الزائف المفتقر إلى الدبلوماسية إزاء السلطة الشرعية، التي جاءت بناء على اتفاق بين الليبيين برعاية الأمم المتحدة، ووفقاً للإعلان الدستوري».
وأشار الرئيس سعيد في لقائه بالرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه إلى أن بلده «من أكثر الدول تضرراً من الوضع في ليبيا، ويجب على الليبيين أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم دون تدخلات خارجية»، مشدداً على أن تونس «لا تقبل بتقسيم ليبيا، والتقسيم خطر على المنطقة كلها».
واعتبر سياسيون مؤيدون لحكومة «الوفاق» تصريحات سعيد بأنها جاءت مغايرة لموقفه السابق من تأييد المجلس الرئاسي، لافتين إلى أنه «تأثر بالموقف الفرنسي الداعم لـ(الجيش الوطني) على حساب (الوفاق)». لكن بموازاة ذلك، لقيت تصريحات سعيد أصداء إيجابية لدى الأطراف السياسية بشرق ليبيا.
ورد صوان على الرئيس التونسي بأن ليبيا «تضم عدة قبائل، لكنها ليست مجتمعاً قبلياً بالشكل الذي يتصوره البعض، فنحن أعلنا منذ عشرينيات القرن الماضي (الجمهورية الطرابلسية)، وكانت سابقة للجميع، كما أن لدينا دستوراً أعدته هيئة منتخبة ديمقراطياً، وهو جاهز للاستفتاء الشعبي عليه». مضيفاً: «(السيد) سعيد ابتعد بقصد أو بدونه عن الأسباب الجوهرية للأزمة الليبية، المتمثلة في المؤامرات المتكررة لإجهاض ثورته وإفساد المسار السياسي، وفرض نظام عسكري ديكتاتوري بقوة السلاح، وآخرها العدوان على العاصمة طرابلس... ونحن ننتظر من الشقيقة تونس لعب دور إيجابي تجاه الأزمة في ليبيا، ولو بالسكوت».
ولام صوان في ختام حديثه على وزارة خارجية «الوفاق»، «لعجزها عن تحقيق تواصل فعال لنقل الصورة الصحيحة عن الأزمة في ليبيا حتى مع أقرب الدول لبلادنا».
في المقابل، قال ضو المنصوري، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، إن الليبيين «سيدفعون ثمناً باهظاً لا يمكنهم تحمله، وسيعضون أصابعهم لإهمالهم فرصة مشروع الدستور»، مضيفاً في تصريح صحافي أمس: «الجميع خاسرون، ولن يجدوا وطناً أو ثروة يختلفون حولها».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.