بعد مائة يوم من إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا «وباء عالمياً»، ورغم كل إجراءات إغلاق المدن وأوامر البقاء في المنازل والالتزام بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، فإن بعض الولايات الأميركية تشهد تسارعاً كبيراً في انتشار وباء «كوفيد - 19».
وسجلت الولايات المتحدة، صباح الجمعة، مليونين و191 ألف إصابة و118 ألف حالة وفاة. ورصدت جامعة جونز هوبكنز ارتفاعات كبيرة في معدلات الإصابة اليومية بـ23 ولاية أميركية؛ ما أطلق نقاشاً حول ما إذا كانت قرارات تخفيف القيود وإعادة فتح الاقتصاد مبكرة. وجاءت ولايات فوريدا، ونورث كارولينا، وساوث كارولينا، وأريزونا، وكاليفورنيا، وأوريغون، وأوكلاهوما في مقدمة الولايات التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في الإصابات، فضلاً عن ولايات ألاسكا، وألاباما، وكانساس، ولويزيانا، ومونتانا، ونيفادا، وأريزونا، وأركانسو، وديلاوير، وجورجيا، وهاواي، وأيداهو، وتنيسي، وتكساس، وواشنطن، ووست فيرجينا. وشهدت ثماني ولايات أعداداً ثابتة في الحالات المبلغ عنها، وهي إنديانا، ومين، وميسيسبي، وميسوري، ونبراسكا، وأوهايو، وساوث داكوتا، ويوتا. بينما شهدت 18 ولاية تراجعاً في معدلات الإصابة، وهي كولورادو، وكونتيكيت، وألينوي، وأيوا، وكنتاكي، وماريلاند، وماساتشوستس، وميشغان، ومينيسوتا، ونيو هامبشاير، ونيومكسيكو، ونيو جيرسي، ونيويورك، ودكوتا الشمالية، وبنسلفانيا، ورود أيلاند، وفرجينيا، ووسكنسن.
وأبدى خبراء الصحة في ولاية أوكلاهوما مخاوفهم من أن يتحول التجمع الانتخابي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم السبت، في مدينة تولسا إلى بؤرة لانتشار الفيروس بين الحاضرين، حيث من المقرر أن يشارك أكثر من 19 ألف شخص من المناصرين والداعمين لحملة الرئيس، جنباً إلى جنب في ساحة داخلية لأكثر من ساعة، والكثير منهم لا يرتدون أقنعة واقية. وسيكون هذا الحدث أول تجمع انتخابي لحملة ترمب منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وإلى جانب المناصرين والمساندين لترمب داخل القاعة، فإنه من المتوقع أن يجتمع الآلاف من أنصار الرئيس الأميركي، وأيضاً من المعارضين والمتظاهرين ورجال الشرطة في خارجها. ووفقاً لحملة ترمب، سجل نحو مليون شخص على موقع الإنترنت رغبته في حضور التجمع الانتخابي، وطلبت الحملة من كل مشارك توقيع تنازل يرفع عن حملة ترمب المسؤولية في حال تعرض المشارك للإصابة بالفيروس.
وقلّل الرئيس الأميركي في حديث لصحيفة «وول ستريت جورنال» من مخاطر انتشار الفيروس. وأعلنت حملة ترمب، أنه سيتم توفير أقنعة ومعقمات يدوية للمشاركين، كما سيكون هناك فحص لدرجة الحرارة عند باب القاعة. لكن بعض وسائل الإعلام الأميركية أشارت إلى أن ارتداء الأقنعة سيكون أمراً اختيارياً، وأنه لا توجد خطة تباعد اجتماعي واضحة. وقد حذرت مراكز السيطرة على الأمراض الوبائية والوقاية منها CDC من هذا التجمع الكبير، ووصفته بأنه أكبر مخاطرة، حيث سيصعب على الأفراد البقاء على مسافة 6 أقدام على الأقل بينهم. من جهتها، وصفت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التجمع الانتخابي بأنه «رحلة غرور»، وقالت لشبكة «سي إن إن»، إن الرئيس ترمب يُعرّض صحة الأميركيين للخطر، في حين انتقد مؤيدو ترمب تصريحات الديمقراطيين، مشيرين إلى أنهم لم يوجهوا هذه الانتقادات حينما تجمع المتظاهرون في مدن كثيرة للتظاهر على مقتل جورج فلويد.
من جانب آخر، رأى خبير الأمراض المعدية الأميركي أنطوني فاوتشي، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه لن يكون من الضروري اتخاذ تدابير عزل جديدة في الولايات المتحدة رغم ارتفاع عدد الإصابات في بعض الولايات الأميركية. وقال كبير علماء الأوبئة لدى البيت الأبيض «لا أعتقد أننا سنتحدث عن الرجوع إلى الإغلاق. أعتقد أننا سنتحدث عن محاولة التحكم بشكل أفضل بتلك المناطق من البلاد التي يبدو أنها تعاني زيادة في عدد الحالات». وقال الدكتور فاوتشي بشأن إدارة الولايات المتحدة لأزمة المرض الناجم عن فيروس كورونا المستجد «كان بإمكاننا القيام بالكثير من الأمور بطريقة أفضل». وشدد على ضرورة اتباع نهج محلي في كل مرحلة من العودة إلى الوضع الطبيعي في البلاد، بما في ذلك فيما يتعلّق بالمسألة الحاسمة حول موعد إعادة فتح المدارس. وأشار إلى أنه في «المقاطعات التي لا توجد فيها حالات إصابة على الإطلاق، ليست هناك مشكلة في فتح المدارس». وأضاف أن في أجزاء أخرى من البلاد «يوجد عدد ضئيل من الإصابات، (وهي أماكن) يمكن فيها تأخير فتح المدارس». وتابع «هناك أيضاً أماكن في البلاد، حيث (معدّل) العدوى في حدّه الأدنى، وينبغي إذن تغيير الروتين فيها: اتباع التناوب في الأيام، صباحاً أو بعد الظهر، تأمين التباعد بين الناس وفرض وضع الكمامات».
وبدا فاوتشي حذراً جداً بشأن السفر خارج البلاد. وقال إنه من الواضح أن هناك مصلحة في العودة إلى «شكل معيّن من الوضع الطبيعي في مبادلاتنا مع الدول الأخرى». إلا أن مستشار ترمب لشؤون الوباء لم يجازف في توقع موعد إعادة تسيير الرحلات مع أوروبا، مؤكداً أنه يتمّ تقييم الوضع بشكل يومي.
ولم تبدأ الولايات المتحدة بعد بفتح الحدود مع الدول المجاورة لها في أميركا الشمالية؛ فالحدود مغلقة أمام التنقلات غير الأساسية مع المكسيك وكندا لمدة شهر، حتى 21 يوليو (تموز). والولايات المتّحدة هي وبفارق شاسع عن سائر دول العالم، البلد الأكثر تضرّراً جرّاء جائحة «كوفيد - 19» من حيث عدد الإصابات والوفيات.
لكن في حين نجحت البؤر السابقة للمرض في البلاد على غرار نيويورك ونيوجيرسي، في السيطرة على تفشي المرض، فإن الفيروس ينتشر حالياً في نحو عشرين ولاية، خصوصاً في جنوب وغرب البلاد. ويعزو فاوتشي سبب هذا التفاوت إلى واقع أن الولايات الأميركية لم تفرض العزل ولم تخرج منه في الوقت نفسه، خلافاً لدول أخرى. وأعرب عن قلقه لعدم احترام توصيات السلطات بشأن وضع الكمامات. فقال إن «هناك مجموعات تحترم ذلك بشكل صارم. وبعدها ترون صوراً لأشخاص في تجمعات من دون (كمامات)، إذن هناك من كل شيء».
وقال الطبيب الاختصاصي في علم المناعة الذي عُرف بمكافحته أمراضا كثيرة مثل الأيدز والإيبولا، إنه «معجب جداً» بنتائج دراسة مهمة، تفيد بأن عقار «ديكساميثازون» قادر على إنقاذ ثلث المصابين بـ«كوفيد – 19» الذين تعد حالاتهم الأكثر خطورة. إلا أنه حذّر من وصفه بشكل مبكر، بسبب آثاره القوية المثبطة للمناعة.
قلق أميركي بعد تسجيل 23 ولاية ارتفاعاً في الإصابات
تجمع انتخابي لترمب يثير مخاوف صحية... وفاوتشي يقول إن لا ضرورة لفرض عزل جديد
قلق أميركي بعد تسجيل 23 ولاية ارتفاعاً في الإصابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة