الخرطوم تتأهب للمشاركة في مؤتمر شركاء السودان في برلين

رئيس الوزراء يعتبر جهود الأصدقاء إشارة لعودة بلاده للمجتمع الدولي

TT

الخرطوم تتأهب للمشاركة في مؤتمر شركاء السودان في برلين

تتأهب الحكومة الانتقالية السودانية للمشاركة في مؤتمر «شركاء السودان»، الذي ينتظر عقده في برلين الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، بعد أن تقرر تأجيله، استجابة لدعوة من ألمانيا؛ وذلك لتقديم الدعم للانتقال في السودان.
وتنظم المؤتمر مجموعة دولية تطلق على نفسها «أصدقاء السودان»، وتشارك فيه 40 دولة، بما في ذلك ألمانيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويهدف المؤتمر إلى إقامة شراكة مع الخرطوم، تهدف إلى تقديم الدعم الاقتصادي والمالي لإنجاح المرحلة الانتقالية في السودان، وذلك في 25 من يونيو (حزيران) الحالي بمدينة برلين الألمانية.
وشهد الأسبوع الماضي مشاورات مكثفة، أجراها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع قوى المجتمع المدني المحلي وأصحاب العمل، تناولت التحضير لمشاركة السودان في المؤتمر. وقال حمدوك، إن المؤتمر يؤسس لعلاقة جديدة لبلاده مع المجتمع الدولي، ويعد إشارة لعودة السودان للمجتمع الدولي، وبناء علاقات متكافئة معه.
وتوقع حمدوك أن يسهم المؤتمر، الذي يلتئم في ظل تعقيدات وتحديات كثيرة، في دعم الإطار العام لخطة التنمية الاقتصادية، التي تتبناها حكومته، من أجل تحقيق شعارات ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 في الحرية والسلام والعدالة.
وفي حين أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الأسبوع الماضي مشاركتها في المؤتمر، أبدى السودان أمله في مشاركة فاعلة للاتحاد الأفريقي في المؤتمر، ودعوة المشاركين فيه للوفاء بتعهداتهم تجاه السودان.
ونقلت الخارجية السودانية في بيان طلب وكيل الخارجية، الصديق عبد العزيز، خلال جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي عقد الأربعاء الماضي، لبحث تطور الأوضاع في السودان، بمشاركة الاتحاد الفعالة في مؤتمر برلين، وقال بهذا الخصوص «نتطلع إلى مواصلة الاتحاد لدوره البارز والنشط في إنجاح فعاليات المؤتمر، وحشد الدعم والمساندة، وحث المشاركين للتعجيل بالوفاء بتعهداتهم».
وفي هذا الصدد، قال مقرر المجلس المركزي لـ«قوى إعلان الحرية والتغيير»، كمال بولاد، لـ«الشرق الأوسط» أمس «لقد انتظر شعب السودان وعود المجتمع الدولي، ولأسباب كثيرة لم يفِ الكثيرون بوعودهم تجاه السودان»، مضيفاً «نأمل أن يكون مؤتمر شركاء السودان مدخلاً جديداً لعودة السودان للمجتمع الدولي، وبناء شراكات اقتصادية يقدم خلالها السودان ما عنده بندية للإسهام الفاعل في التجارة الدولية، والتعامل الدولي».
وأبدى بولاد أمله في أن يتحول المؤتمر إلى مناسبة، تقدم خلالها شراكات استثمارية جدية وحقيقية، تستثمر في موارد السودان، وتمويل البرامج الإسعافية التي تقدمت بها «قوى الحرية والتغيير» للحكومة الانتقالية، وفق شروط منضبطة تراعي مصلحة البلاد ومستقبله، وتحفظ مصالح الشركاء.
وتأسس ملتقى «أصدقاء السودان» سنة 2018 كمجموعة غير رسمية، ثم اكتسب صفة رسمية بعد قيام الثورة في 2019، ويضم دولاً عدة ومنظمات ملتزمة بالعمل المشترك، من أجل توفير الدعم للحكومة الانتقالية في السودان.
ويحتفظ السودان بتجربة سابقة في التعامل مع وعود المجتمع الدولي بتوفير الدعم لعمليات السلام، وذلك عقب توقيع اتفاقية السلام السودانية، الشهيرة باتفاقية «نيفاشا» 2005، دون أن يفي المانحون بتعهداتهم تحت ذرائع شتى؛ وهو ما أسهم في انفصال جنوب السودان.
بيد أن السودان يتوقع أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة، وهو ما يصفه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بالاختلاف النوعي، بين وعود المانحين في ظل الديكتاتورية والشمولية، وبين المؤتمرات والعلاقات التي يبنيها السودان في ظل المناخ الجديد، الذي أفرزته الثورة والتغيير، والذي يؤذن باستعادة السودان لعافيته ولعلاقاته.
وفي مقابلة تلفزيونية قال حمدوك «من الناحية الاستراتيجية، نحن نريد الاعتماد على قدراتنا، وليس الاعتماد على الهبات والقروض، وننظر للهبات والقروض المتوقعة بأنها مساعدة لنا للخروج من الحفرة بما يساعدنا على الانطلاق»، مضيفاً «نحن غير ذاهبين للشركاء من أجل استجدائه، بل لخلق شراكة حقيقية، تقوم على الاستثمار وآفاق تطوير عمل مشترك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.