دروس خياطة تُلهم مصريين لإنتاج وتوزيع كمامات مجانية

بعد فرض غرامات على من لا يرتديها

TT

دروس خياطة تُلهم مصريين لإنتاج وتوزيع كمامات مجانية

قبل عدة أشهر قررت المصرية سلمى عقل أن تتعلّم الخياطة والتفصيل، ذلك المجال البعيد نسبياً عن عالم مونتاج الفيديو الذي تعمل به منذ سنوات، ويبدو أن خططها المتعلقة بالخياطة وتنفيذ تصميماتها الخاصة قد تأجلت مؤقتاً بعدما قررت أن تُسخر عملها الجديد في التفاعل اجتماعياً مع تحديات التعايش مع فيروس كورونا، حيث قررت أن يكون أول إنتاجها عبارة عن كمامات تُوزّع للمحتاجين بالمجان.
فقد أعلنت سلمى قبل أيام عن مبادرة لتوزيع الكمامات بالمجان عبر صفحتها على «فيسبوك»، وهي مبادرة تفاعل معها عدد من المتطوعين الذين استحسنوا الفكرة وأعلنوا استعدادهم الانضمام لها سواء بالخياطة أو التوزيع، تتحدث سلمى لـ«الشرق الأوسط» عن مبادرتها، وتقول: «بعد أن أصبح ارتداء الكمامات إجبارياً في تلك الفترة، فكرت في أن هناك قطاعاً كبيراً من عدم القادرين على شراء الكمامات للاستخدام اليومي ويضطرون للخروج لعملهم، ويواجهون ارتفاع أسعار الكمامات الذي ارتفع خاصة بعد أن صار النزول للشارع بدونها مخالفاً لقرارات الحكومة، لذلك فكرت في مبادرة لصناعة وتوزيع هذه الكمامات على الفئات المحتاجة لها من غير القادرين مادياً على توفيرها».
وقد فرضت الحكومة المصرية ضمن إجراءاتها لتخفيف إجراءات الحظر الصحي قراراً يُلزم العاملين والمترددين على الأسواق والمنشآت الحكومية والبنوك باستخدام الكمامات الواقية، أو أثناء الوجود بجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة، مع فرض غرامة تصل إلى 4 آلاف جنيه مصري (نحو 250 دولار أميركي) على المخالفين.
وتأتي مبادرة سلمى ضمن عدد من المبادرات التي بدأت قبل فترة لتوزيع الكمامات بالمجان، ضمن واحدة من الجهود المدنية لاحتواء الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، وتعتمد تلك المبادرات على التطوع المادي وبالجهد لشراء القماش، وتفصيل الكمامات، وتوزيعها على المحتاجين لها.
في اليوم الأول لتفعيل المبادرة قامت سلمى بخياطة خمسين كمامة، تقول: «بدأت في تنفيذ الفكرة بمساعدة معلمة الخياطة، وبحثت عن نوع القماش الذي يصلح ككمامات، وأصنعها بطبقتين من القماش القطني الذي توجد به نسبة بسيطة من البوليستر، ومع ضخ عدد كبير من الكمامات سنُحدد مع المتطوعين الذين أبدوا استعدادهم لتوزيعها، مراكز ونقاط لتوزيع الكمامات لا سيما محطات المواصلات، بحيث نستطيع استهداف المحتاجين لها خاصة العُمال، ومرتادي وسائل المواصلات العامة».
ورغم أن الكمامة الطبية تظل النوع الأكثر تفضيلاً في الاستعمال الوقائي ضد فيروس كورونا، تقول صاحبة المبادرة: «هناك فئة كبيرة من الناس لا تستطيع شراء كمامات طبية للاستعمال اليومي، علاوة على أن هذه الطريقة نحاول بها توفير الكمامات الطبية والجراحية للطواقم الطبية باعتبارهم الخط الأول في مواجهة كورونا».
وتضيف سلمى في هذا السياق أن المبادرة تستهدف خلال توزيع الكمامات التأكيد على مستعمليها أن تلك الكمامات لا تُغني عن التباعد الاجتماعي وجميع الإجراءات الاحترازية الأخرى لمواجهة الفيروس.
ومن بين المبادرات التطوعية كذلك مبادرة لمصممة الأزياء المصرية ريم العدل التي نفّذت كمامات قابلة للغسل بالمجان. وتتراوح سعر الكمامة القماش في السوق المصري ما بين 10 جنيهات إلى 30 جنيهاً مصري، وكانت مسألة الكمامات المصنوعة من القماش قد أثيرت عبر تصريح للمتحدث باسم مجلس الوزراء المصري الذي أُرفق بقرار فرض ارتداء الكمامات، حيث قال إن الحكومة تعمل على إنتاج كمامات من القماش بسعر خمسة جنيهات للقطعة الواحدة، وأنها تصلح للاستخدام لمدة شهر كامل.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».