أدى الحظر على السفر الذي فرضته الصين لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد إلى أضرار بالغة بالنسبة للشركات الأجنبية والمدارس الدولية، بينما عَلَق كثيرون ممن يخشون على مستقبلهم كرؤساء تنفيذيين ومدرّسين وطلبة في بلدانهم الأصلية.
وتم تطبيق حظر على دخول معظم الأجانب إلى البلاد في مارس (آذار)، مع تسارع تفشي الفيروس خارج البلاد، لتتشتت العديد من العائلات، بينما تواجه الشركات صعوبات في مواصلة عملها في ظل غياب موظفين أساسيين.
وعلَق في الخارج حتى أولئك الذين يحملون إقامات سارية أو أذون عمل أو من يديرون أعمالا تجارية، في حين زاد اكتشاف إصابات في بكين نهاية الأسبوع الشكوك بشأن موعد رفع القيود.
وعَلَقت مؤسِسة «فريكونسي للإعلان والمناسبات» جيسي ليم في سنغافورة منذ سافرت إليها في يناير (كانون الثاني). وقالت وفق «الصحافة الفرنسية»، إن الحظر «شكّل صدمة حقيقية لي»، مشيرة إلى أن شركتها التي تتخذ من مدينة تشنغدو مقرا لها لم تحقق أي إيرادات في الشهور الثلاثة الأولى من العام، إذ وضع الفيروس حداً للتجمّعات والمناسبات.
وكان من المقرر أن تعود ليم في فبراير (شباط) عندما فُرض حجر صحي مدّته 14 يوما على القادمين من الخارج، فأجّلت عودتها بانتظار رفع الإجراء. وبدلا من ذلك، فرض الحظر فلم يعد بإمكانها العودة إطلاقا.
ومن المتوقع أن تتحسن الأعمال التجارية في الشهور المقبلة، لكن ليس بإمكان ليم لقاء المتعاملين بينما تخشى من تكبّدها مزيدا من الخسائر في حال طالت مدّة بقائها في الخارج.
ورغم أن الصين أسست قنوات مع بعض الدول «لتسريع» عودة الموظفين الأساسيين في الأعمال التجارية، فإن العملية لا تزال معقّدة وتحتاج لرسالة دعوة وموافقة من وزارة الخارجية.
ودعا رئيس غرفة التجارة البريطانية في الصين جون مور هذا الأسبوع إلى نظام يسمح للمواطنين البريطانيين المقيمين في الصين بالعودة مع عائلاتهم. وقال: «يجعل عدد متزايد من الشركات البريطانية الصين مركزها الإقليمي وتحولها مركزا لمسؤوليها التنفيذيين بأدوار في أنحاء المنطقة. في ظل البيئة الحالية، لا يمكن الاستمرار بذلك».
وتوصل استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في مايو (أيار) إلى أن 90 في المائة من 109 شركات أعضاء، وأعمال تجارية تضررت باضطرابات السفر العالمية، وهو ما شكل مصدر قلق رئيسياً. وأفادت أكثر من نصفها بأن عدم قدرتها على إعادة الموظفين المغتربين إلى الصين يشكّل مصدر قلق آخر.
بدوره، أضاف رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين جورج ووتكه أن «موسم التوظيف» بدأ، وهي الفترة التي تنقل فيها الشركات ما يقارب من مائة موظف إلى مناصب جديدة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لكن قد يكون (إبقاء الموظفين في الصين) أمراً صعباً للغاية، إذ إن الكثير من أفراد العائلات تفرّقوا... قد ينهي العديد من الأشخاص مهامهم قبل أوانها ويعودون إلى بلدانهم».
وأضاف: «كيف يمكننا جعل الصين مكانا جيّدا للعيش في وقت توقفت رحلات الطيران بينما ظروف الحجر غير مناسبة ويصعب الحصول على تأشيرات؟».
وعلَق طلبة المدارس الدولية ومدرّسوها في الخارج كذلك. وقال مور: «هناك عدد كبير من المدرّسين البريطانيين الذين بقوا خارج الصين»، وهو ما يشكّل تحدياً للمدارس في استئناف الدروس وجها لوجه.
وتابع: «ما لم يتم حل هذه المسألة عبر جعل الصين مكانا يسمح للعائلات القادمة من الخارج مع أطفالها بمواصلة العمل... فسنشهد تراجعا في جاذبية الصين كمكان يمكن الارتباط به لمدة طويلة».
كما طالب بعض الأهالي باسترجاع رسوم الدراسة الباهظة نظراً لعدم التمكّن من استئناف الدروس، وهو ما فاقم مشاكل المدارس المالية.
واستثمرت المدارس الدولية بشكل ضخم في الصين خلال السنوات الأخيرة، على أمل الاستفادة من الطلب من المغتربين والعائلات الصينية الثرية التي تسعى لتوفير تعليم بمستوى دولي لأبنائها.
وبحسب مركز «آي إس سي ريسيرتش» للأبحاث المرتبطة بالمدارس، ارتفع عدد المدارس الأجنبية المستقلة في الصين من سبعة في 2012 إلى 74 هذا العام.
لكن المدارس الدولية كانت تواجه تحديات حتى قبل ظهور كورونا جرّاء تراجع عدد المغتربين المقيمين في الصين في السنوات الأخيرة.
وحذّر رئيس قسم الأبحاث الميدانية لدى «آي إس إتش ريسيرتش» سام فريزر من أن بعض المدارس «قد لا تكون في موقع يسمح لها برد الأقساط أو تقديم أي خصومات أو تحمّل أي خسائر مالية».
وأوضح أن المدارس قد تضطر لوقف تمويل أي مشاريع أخرى إذا تم تخصيص النقود لإبقائها مفتوحة، مضيفا «نعتقد أن اضطرار بعض المدارس لإغلاق أبوابها سيكون أمرا لا يمكن تجنّبه».
ضربة جديدة للأعمال التجارية العالمية
بسبب حظر دخول الأجانب إلى الصين
ضربة جديدة للأعمال التجارية العالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة