انقلابيو اليمن يعوّضون نزف مقاتليهم بتجنيد المعلمين

انقلابيو اليمن يعوّضون نزف مقاتليهم بتجنيد المعلمين
TT

انقلابيو اليمن يعوّضون نزف مقاتليهم بتجنيد المعلمين

انقلابيو اليمن يعوّضون نزف مقاتليهم بتجنيد المعلمين

كشفت مصادر تربوية في العاصمة اليمنية صنعاء أن الميليشيات الحوثية لجأت مؤخرا إلى تكثيف حملات التجنيد والاستقطاب في صفوف المعلمين مستغلة توقف المدارس وانقطاع الرواتب وسوء الأوضاع المعيشية.
وفي حين يقدر العاملون في قطاع التربية والتعليم في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بنحو 130 ألف شخص، تحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن قيام مشرفي الجماعة الانقلابية بتنظيم عشرات اللقاءات في صنعاء وذمار والمحويت وريمة مع منتسبي قطاع التعليم لغرض تجنيدهم. وقالت المصادر إن وزير الجماعة في حكومة الانقلاب يحيى الحوثي وشقيق زعيمها أمر مسؤولي التربية في صنعاء من أتباع جماعته وفي بقية المحافظات بتنظيم دورات تعبئة طائفية للمعلمين ومنحهم مكافآت مالية لحضور هذه الدورات.
وتسعى الميليشيات الحوثية من تركيزها على التجنيد في صفوف المعلمين - بحسب ما تقوله المصادر - إلى تعويض نزف مسلحيها في جبهات القتال، بخاصة في الآونة الأخيرة في جبهات نهم والجوف وصرواح والضالع.
وكانت الجماعة ضمن مساعيها لتدمير قطاع التعليم الحكومي أقدمت على وقف رواتب المعلمين منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى جانب بقية الموظفين الخاضعين في مناطق سيطرتها.
وأفادت مصادر يمنية محلية مؤخرا بمقتل العشرات من المعلمين كانت الجماعة استقطبتهم للقتال مطلع العام الحالي بعد خضوعهم لدورات قصيرة على استخدام الأسلحة، وخصصت رواتب شهرية لهم لا تتعدى 50 دولارا.
وأبلغ أحد المعلمين في مدرسة ثانوية في صنعاء «الشرق الأوسط» أن المشرف الاجتماعي في منطقة شميلة جنوب العاصمة عقد خلال رمضان الماضي أكثر من تسعة لقاءات بمعلمين في المدارس الحكومية بغرض تجنيدهم وتكليف بعضهم بأدوار الاستقطاب في صفوف زملائهم.
وقال المعلم الذي رمز لاسمه بـ«و.ك» حفاظا على حياته إن 11 شخصا على الأقل من زملائه في المنطقة التعليمية التي تتبعها مدرسته خضعوا لدورات تعبئة استمرت لمدة أسبوعين قبل أن يتم منحهم أسلحة شخصية وإرسالهم للقتال في محافظة الجوف.
في السياق نفسه، كانت الجماعة الحوثية حرمت الآلاف من المعلمين من الحوافز النقدية المقدمة عبر اليونيسيف بعد أن قامت بإحلال الموالين لها بدلا عنهم.
وفي حين لم تكتف الجماعة بحرمان نحو 130 ألف معلم من رواتبهم، قامت بفصل الآلاف منهم، وأجبرت الآلاف على النزوح، وأحلت المئات من عناصرها لنشر أفكار الجماعة في مختلف المدارس، كما أسندت أعمال الإدارة إلى المنتسبين لسلالة زعيمها ابتداء من مديري المدارس ومديراتها وصولا إلى منصب الوزير الانقلابي الذي يشغله شخصيا شقيق زعيم الجماعة.
وكانت إحصائية حكومية ذكرت أن الجماعة الحوثية ارتكبت في العاصمة صنعاء وحدها أكثر من 28 ألف انتهاك بحق قطاع التعليم خلال عام واحد بين الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2018 وأكتوبر 2019.
كما دفع سلوك الميليشيات التدميري آلاف المعلمين لترك مدارسهم والتوجه للبحث عن مهن بديلة لسد رمقهم وتوفير القوت الضروري لذويهم بعد أن قطعت الميليشيات رواتبهم عنوة، في حين بقي البعض الآخر يكافح من أجل القيام بدوره التعليمي في الحد الأدنى ولكن تحت رحمة قادة الجماعة وعناصرها.
وكان أحدث تقرير لفريق الخبراء الدوليين التابعين لمجلس الأمن الدولي في شأن اليمن أكد أن الجماعة الحوثية ترسل الأطفال بعد خطفهم من منازلهم أو مدارسهم إلى معسكرات تدريبية لتلقي محاضرات حول الآيديولوجية الحوثية والجهاد ثم إرسالهم إلى الجبهات وإخضاعهم لظروف قاسية ومنعهم من زيارة عائلاتهم. وبينت دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنه إذا استمر انقلاب الميليشيات الحوثية فسيبلغ متوسط التحصيل العلمي في اليمن ثالث أدنى مستوى في العالم. وقالت الدراسة إنه «في سيناريو عدم حدوث الحرب، كان يمكن لليمن أن يحقق تكافؤا بين الجنسين في التحصيل العلمي، حيث شهد اليمن تقدماً من 174 إلى 169 من أصل 186 دولة، من خلال تدابير الوصول إلى التعليم، بما في ذلك معدلات الالتحاق والانتقال والتخرج في مختلف مستويات التعليم».


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.