«أوبك بلس» تمدد اتفاق خفض إنتاج النفط الحالي شهراً إضافياً

الأسعار تتعافى والسوق تتوازن

جهود «أوبك بلس» تتوصل لتحييد 10 % من إنتاج النفط العالمي في يوليو بدلاً من 7.7 % (د.ب.أ)
جهود «أوبك بلس» تتوصل لتحييد 10 % من إنتاج النفط العالمي في يوليو بدلاً من 7.7 % (د.ب.أ)
TT

«أوبك بلس» تمدد اتفاق خفض إنتاج النفط الحالي شهراً إضافياً

جهود «أوبك بلس» تتوصل لتحييد 10 % من إنتاج النفط العالمي في يوليو بدلاً من 7.7 % (د.ب.أ)
جهود «أوبك بلس» تتوصل لتحييد 10 % من إنتاج النفط العالمي في يوليو بدلاً من 7.7 % (د.ب.أ)

اتفقت دول «أوبك بلس»، أمس السبت، على تمديد تخفيض إنتاج النفط بالنسبة الحالية البالغة 9.7 مليون برميل يومياً، لمدة شهر إضافي، في محاولة من الأعضاء لتوازن أسواق النفط، التي بدأت تستعيد تعافيها مؤخراً.
كانت «أوبك بلس» اتفقت أبريل (نيسان) الماضي، على تخفيض الإنتاج 9.7 مليون برميل يومياً، في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، وبمقدار 7.7 مليون برميل يومياً من شهر يوليو (تموز) حتى نهاية العام.
وأوضح البيان الختامي لاجتماع «أوبك +» المنعقد عبر تقنية «فيديو كونفرانس»، أن الدول التي لم تلتزم بتخفيضات الإنتاج منذ إقرار الاتفاق، سيكون عليها التعويض بالنسبة نفسها التي لم تلتزم بها، خلال شهور يوليو وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).
وأشار البيان إلى «التأكيد من جديد على التزام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والدول غير الأعضاء، على إعلان التعاون المستمر لتحقيق واستدامة سوق نفط مستقرة، والمصالح المشتركة للدول المنتجة، وإمدادات فعالة واقتصادية وآمنة للمستهلكين، وعائد عادل على الاستثمار النفطي».
ودعت «أوبك +»، وفق البيان، جميع المنتجين الرئيسيين للنفط، إلى المساهمة بشكل متناسب في استقرار سوق النفط، مع الأخذ في الاعتبار الجهد الكبير الذي بذلته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول غير المشاركة في إعلان التعاون.
وأشار إلى إعادة التأكيد على تفويض لجنة المراقبة الوزارية المشتركة وأعضائها، للمراجعة الدقيقة لأوضاع أسواق النفط والعوامل المؤثرة، ومستويات الإنتاج، ومستويات الالتزام بالتخفيض، بمساعدة من اللجنة الفنية وأمانة «أوبك»، التي من المقرر أن تجتمع شهريًا حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020 لهذا الغرض.

- ردود الفعل على الاتفاق
وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، قال على هامش الاجتماع، إن الالتزام بالاتفاق الحالي هو مفتاح الحل، مشيراً إلى استقرار الأسواق المرتبط بالمنتجين الحاليين في حال التزامهم بالنسب المتفق عليها سلفاً. من جانبه، قال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، إن الاتفاق بالإجماع من قبل دول أوبك ودول «أوبك +»، على تمديد الخفض الحالي إلى نهاية شهر يوليو المقبل، يعد «قراراً شجاعاً وجهداً جماعياً يستحق الإشادة من جميع الدول المنتجة المشاركة».
وقال إن القرار الذي تم أمس تضمن الالتزام التام بالخفض منذ بداية الاتفاقية، وذلك بتعويض أي كميات لم تخفض من قبل الدول التي لم تتمكن في مايو الماضي، موضحاً أن الاجتماعات تمت وفق جو من التعاون والتكاتف بين مختلف الدول في إصرار على العمل المشترك لتحقيق توازن السوق النفطية، لافتاً إلى أن بلاده تفتخر بدورها الداعم لتحالف الدول المنتجة للنفط.
أما وزير النفط ووزير الكهرباء والماء بالوكالة في الكويت الدكتور خالد الفاضل، فقال إن أسواق النفط شهدت مؤخراً تحسناً ملحوظاً بسبب الاتفاق التاريخي لمجموعة «أوبك بلس»، مشيراً إلى وجود بوادر إيجابية بزيادة نسبية وتحسن تدريجي في الطلب على النفط عالمياً خلال الفترة الماضية. جاء ذلك في تصريح أدلى به الفاضل لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، عقب مشاركته عبر الاتصال المرئي في الاجتماع الوزاري رقم 179 لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وقبل بدء الاجتماع الوزاري الـ11 لمجموعة «أوبك بلس».
وأوضح الفاضل أن هذه الاجتماعات تعقد في أجواء تفاؤلية، حيث شهدت أسواق النفط مؤخراً تحسناً ملحوظاً نتيجة اتفاق «أوبك بلس»، الذي أبرم في 12 أبريل الماضي، وما نتج عنه من خفض تاريخي لمستويات الإنتاج بما يعادل 9.7 مليون برميل يومياً، ابتداء من مايو الماضي.
وأشار الفاضل إلى أن دولة الكويت لعبت دوراً بارزاً في التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي، مؤكداً التزام الكويت بخفض إنتاجها، حسب بنود الاتفاقية، التي لها الأثر الكبير في التحسن الذي شهدته أسواق النفط خلال الأسابيع الماضية.
وتوقع الفاضل أن يسفر اتفاق مجموعة «أوبك بلس»، عن استمرار التعاون بين جميع الدول الموقعة على هذه الاتفاقية لما فيه من مصلحة مشتركة للدول المعنية بالاتفاق، والصناعة النفطية عالمياً بشكل عام، لتنعكس هذه الآثار الإيجابية على الاقتصاد العالمي.
وذكر بيان صادر عن الاجتماع العاشر غير العادي لأعضاء منظمة «أوبك» ومنتجي النفط المتحالفين معها في إطار مجموعة «أوبك بلس»، برئاسة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، والرئيس المشارك وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أنه تقرر خفض مستويات الإنتاج للفترة اللاحقة الممتدة لـ6 أشهر تبدأ من الأول يوليو المقبل حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، بمقدار 7.7 مليون برميل يومياً، على أن يتبع ذلك خفض بمقدار 5.8 مليون برميل في اليوم لمدة 16 شهراً، تبدأ من الأول من يناير (كانون الثاني) 2021 حتى 30 أبريل 2022.
وقال مصدران في «أوبك»، أمس، وفق «رويترز»، إن العراق وافق على الالتزام بحصة «أوبك +»، وخفض إنتاج النفط في الفترة من يوليو لسبتمبر، تعويضاً عن الزيادة في مايو ويونيو. وكان العراق من الدول التي لاقت صعوبة في تطبيق التخفيضات، تارة بالرفض وتارة لمشكلات فنية في التطبيق.
في المقابل، أكدت نيجيريا التزامها باتفاق «أوبك بلس» لخفض سقف إنتاج النفط. وحسب بيان أمس، قالت وزارة النفط النيجيرية، في تغريدة، قبل ساعات من بدء اجتماع مجموعة «أوبك بلس» في فيينا، إنها توافق على أن تقوم الدول، التي لم تمتثل لاتفاق خفض الإنتاج خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، بتعويض الفارق في الإنتاج خلال يوليو وأغسطس وسبتمبر المقبلة.
وقال وزير النفط الإيراني بيجان نامدار زانجنه، إن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وافقت على الالتزام بالقيود الحالية على الإنتاج لمدة شهر إضافي حتى نهاية يوليو. وأضاف زانجنه، في تصريحات أدلى بها من إيران: «مددت (أوبك) خفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل يومياً لمدة شهر إضافي».

- أسعار النفط تستبق اجتماع «أوبك بلس» بالارتفاع
ارتفع خام القياس برنت بما يقرب من 6 في المائة يوم الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، ليجري تداوله بأكثر من 42 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر. وكان السعر قد انخفض دون 20 دولاراً للبرميل في أبريل. لكن الأسعار لا تزال منخفضة بمقدار الثلث عنها في نهاية 2019.
وقال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، لدى افتتاحه محادثات أمس السبت، إنه على الرغم من التقدم الذي تحقق حتى اليوم فلا يمكن التوقف عند هذا الحد.
وقالت مسودة إعلان «أوبك +»، إن لجنة مراقبة وزارية مشتركة ستجتمع مرة في الشهر حتى ديسمبر (كانون الأول)، لمراجعة وضع السوق. وقال مصدران بـ«أوبك»، إن المجموعة اتفقت على تمديد الخفض لمدة شهر واحد.
وقبل بدء المحادثات، قالت مصادر بـ«أوبك +»، إن السعودية وروسيا اتفقتا على تمديد التخفيضات القياسية حتى نهاية يوليو، وإن ذكرت أن الرياض تحبذ تمديد العمل بالتخفيضات حتى نهاية أغسطس، بل وحتى ديسمبر (كانون الأول).


مقالات ذات صلة

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي
الاقتصاد متعاملون أمام شاشة عرض أسهم في بورصة تايلاند (رويترز)

الأسواق الآسيوية تشهد تقلبات ملحوظة مع اقتراب نهاية العام

شهدت الأسواق الآسيوية تقلبات ملحوظة يوم الجمعة، مع تحركات متفاوتة للأسواق الإقليمية في ظل اقتراب نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)

في تحول عن خطط حملته... ترمب يناقش فرض تعريفات جمركية على الواردات الحيوية فقط

مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
TT

في تحول عن خطط حملته... ترمب يناقش فرض تعريفات جمركية على الواردات الحيوية فقط

مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)

يستكشف مساعدو الرئيس المنتخب دونالد ترمب، خططاً لفرض تعريفات جمركية على جميع البلدان، ولكنها ستغطي فقط الواردات الحيوية، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الموضوع، وهو تحول رئيسي عن خطط ترمب خلال حملته الرئاسية لعام 2024. وإذا تم تنفيذ هذه الخطط الناشئة، فإنها قد تؤدي إلى تقليص بعض العناصر الأكثر شمولاً في خطط حملة ترمب الانتخابية، ولكنها قد تؤدي على الأرجح إلى تقويض التجارة العالمية وتخلِّف عواقب وخيمة على الاقتصاد الأميركي والمستهلكين، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وانخفض مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 108.14، بعد نشر تقرير الصحيفة، وذلك بعد أن كان قد سجل صباحاً 108.44، متراجعاً من أعلى مستوى له في أكثر من عامين، والذي بلغ 109.54 يوم الخميس الماضي.

وفي حملته الانتخابية، كان ترمب قد دعا إلى فرض «تعريفات شاملة» تصل إلى 10 أو 20 في المائة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة. وحذر الكثير من الاقتصاديين من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى صدمات سعرية قد تُزعزع استقرار الأسواق، كما أن الكثير من الجمهوريين في الكونغرس قد ينتقدون هذه الخطط.

وقبل أسبوعين من توليه منصب الرئيس، لا يزال مساعدو ترمب يناقشون فرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من جميع الدول، وفقاً للمصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها نظراً للخصوصية التي تحيط بهذه المناقشات. ولكن، بدلاً من فرض التعريفات على جميع الواردات، تركز المناقشات الحالية على تطبيقها فقط على بعض القطاعات الحيوية التي تُعد ضرورية للأمن الوطني أو الاستقرار الاقتصادي. ويُعد هذا التحول تخلياً عن أحد جوانب تعهدات ترمب الانتخابية في الوقت الحالي، حسبما أشارت المصادر التي حذرت من أن القرارات النهائية لم تُتخذ بعد وأن التخطيط لا يزال في مرحلة عدم الاستقرار.

يعكس هذا التحول المحتمل اعترافاً بأن الخطط الأولية لترمب، التي كانت ستؤثر بشكل ملحوظ على أسعار واردات الطعام والإلكترونيات الاستهلاكية الرخيصة، قد تكون غير شعبية سياسياً وقد تزعزع الاستقرار. ومع ذلك، لا يزال الفريق الحالي لترمب مصمماً على تنفيذ تدابير صعبة يصعب التلاعب بها من خلال شحن المنتجات عبر دول ثالثة.

وحتى الآن، لم يتضح بعد أي الصناعات أو الواردات التي ستواجه الرسوم الجمركية. ومع ذلك، قالت المصادر إن المناقشات الأولية تركزت بشكل كبير على قطاعات رئيسية يسعى فريق ترمب إلى إعادتها إلى الولايات المتحدة. وتشمل هذه القطاعات سلاسل توريد الصناعات الدفاعية (من خلال فرض رسوم جمركية على الفولاذ والحديد والألمنيوم والنحاس)، والإمدادات الطبية الحرجة (مثل الحقن والإبر والقوارير ومواد الأدوية)، وإنتاج الطاقة (مثل البطاريات والمعادن النادرة وحتى الألواح الشمسية).

من غير الواضح أيضاً كيف تتقاطع هذه الخطط مع نية ترمب المعلنة بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا، و10 في المائة إضافية على الصين، في حال عدم اتخاذها خطوات للحد من الهجرة والاتجار بالمخدرات. ويرى كثير من قادة الأعمال أن من غير المرجح تنفيذ هذه التدابير، لكنَّ بعض المطلعين على الموضوع قالوا إنه من الممكن أن تُنفَّذ هذه الرسوم إلى جانب فرض تعريفات جمركية شاملة على بعض القطاعات الحيوية.

قد تعكس القائمة القصيرة للتعريفات الجمركية الأولية أيضاً القلق المتزايد بشأن التضخم المستمر في العام المقبل. ففي ديسمبر (كانون الأول)، أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن المسؤولين يتوقعون خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام بسبب استمرارية الزيادات في الأسعار التي تجاوزت التوقعات.

ومن بين القادة الرئيسيين الذين يقودون التخطيط المحلي في فريق ترمب، يوجد فينس هيلي، أحد كبار مساعدي الحملة الذي من المتوقع أن يدير مجلس السياسة المحلية في البيت الأبيض؛ سكوت بيسنت، الذي جرى ترشيحه لمنصب وزير الخزانة؛ وهاورد لوتيرنيك، الذي جرى ترشيحه لمنصب وزير التجارة. وقال أحد المطلعين على الأمر: «إن فرض تعريفات جمركية تستهدف قطاعات معينة سيكون أسهل قليلاً على الجميع قبوله في البداية. الفكرة هي أنه إذا كنت ستفرض تعريفات، فلماذا لا تبدأ بتلك التدابير المستهدفة؟ وهذا سيمنح الشركات حافزاً كبيراً للبدء في إنتاج منتجاتها داخل البلاد».

ورغم إعادة صياغة هذه الخطط، تظل الإجراءات عدوانية للغاية. إذا تم تنفيذ هذه السياسات، فقد تشكل واحداً من أكبر التحديات التي تواجه النظام التجاري العالمي في العقود الأخيرة. ويرى مستشارو ترمب أن هذه الجهود ضرورية لإعادة وظائف التصنيع إلى الاقتصاد الأميركي، ولكنها قد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية من دول أخرى، مما يرفع الأسعار للمستهلكين والشركات على حد سواء.

وقد حذر الكثير من المطلعين على هذه المناقشات من أن ترمب قد يغير رأيه بسرعة، وأن السياسات الجمركية لم تُحدد بعد. وقال بريان هيوز، المتحدث باسم فريق ترمب الانتقالي في بيان: «لقد وعد الرئيس ترمب بسياسات تعريفية تحمي الشركات الأميركية والعمال الأميركيين من الممارسات غير العادلة من الشركات والأسواق الأجنبية». وأضاف: «كما فعل في ولايته الأولى، سينفذ سياسات اقتصادية وتجارية لجعل حياة الأميركيين أكثر يسراً وازدهاراً».

ويقول المنتقدون من مختلف الأطياف السياسية إن النسخ الأكثر اعتدالاً من خطط ترمب التجارية لا تزال متطرفة، معتبرين أن التعريفات الجمركية الشاملة سترتفع بأسعار المنتجات للمستهلكين والمصنعين الأميركيين. بينما يقول ترمب وحلفاؤه الحمائيون إن هذه الرسوم تدعم التصنيع المحلي من خلال تقديم حوافز مالية للشركات للاستثمار داخل البلاد. ويشير خبراء اقتصاديون من كلا الحزبين إلى أن هذه الخطط قد تؤدي إلى زيادة تكاليف المدخلات.

وقالت كيمبرلي كلاوسينغ، الخبيرة الاقتصادية في وزارة الخزانة في عهد الرئيس جو بايدن، التي تعمل الآن في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن: «إذا فرضنا رسوماً جمركية على جميع دول العالم، فلن يكون لدينا مكان نستورد منه سوى المريخ». وأضافت أن الغالبية العظمى من الواردات الأميركية هي سلع وسيطة تُستخدم في سلاسل الإمداد الخاصة بالشركات، وليست سلعاً نهائية. وأضافت: «وبذلك سنجعل من الصعب جداً على الشركات الأميركية التنافس مع أي شركات أخرى في العالم، لأن شركاتنا ستكون مضطرة إلى دفع أسعار أعلى للواردات».

وتسلط خطط التعريفات الجمركية الناشئة الضوء على ما من المرجح أن يكون أولوية رئيسية للإدارة المقبلة. خلال فترة ولايته الأولى، فرض ترمب رسوماً جمركية على سلع تقدَّر قيمتها بأكثر من 360 مليار دولار من الصين، خصوصاً الصلب والألمنيوم. وقد ركزت تهديداته التجارية في البداية على بكين، لكنَّ هذه السياسات أدت إلى زعزعة استقرار التجارة العالمية وتسببت في توترات مع حلفاء أميركا الجيوسياسيين.

وقد أدى فرض ترمب الرسوم الجمركية على الصين إلى زيادة كبيرة في واردات الولايات المتحدة من دول مثل فيتنام، حيث حوّل المصنعون البضائع لتجنب الرسوم الجمركية. وأعرب مستشارو ترمب وبايدن عن قلقهم من إمكانية استخدام الصين للمكسيك بوابةً للأسواق الأميركية. وفي الوقت الحالي، تمثل المكسيك أكثر من 87 في المائة من واردات الولايات المتحدة من الصلب، وهي زيادة تقترب من 500 في المائة عن المعدل التاريخي، وفق البيانات التي جمعها «التحالف من أجل أميركا المزدهرة»، وهي مجموعة تدعم القيود التجارية.

وقال تشارلز بونو، المحامي التجاري في التحالف، إن الحكومة الأميركية تجمع بالفعل معلومات مفصلة حول القطاعات الخاصة بالواردات، مما يجعل إضافة الرسوم الجمركية أمراً سهلاً نسبياً. وأضاف بونو: «إن فرض تعريفة جمركية بنسبة 20 في المائة على جميع البلدان يعد أمراً ممتازاً بالنسبة للإيرادات، ولكن إذا أرادوا تخصيصها قليلاً، فإن ذلك سيكون سهلاً في جدول التعريفات الجمركية، ولا توجد تكاليف إضافية في الامتثال أو الحاجة لإعداد قواعد جديدة».

وفي الأيام الأخيرة، كرر ترمب تفضيله الرسوم الجمركية، التي وصفها خلال حملته الانتخابية بأنها «أجمل كلمة في القاموس». ويوم الأربعاء، نشر على منصته «تروث سوشيال»: «الرسوم الجمركية، والرسوم الجمركية فقط، خلقت هذه الثروة الهائلة لبلدنا... الرسوم الجمركية ستسدد ديوننا وتجعل أميركا غنية مرة أخرى!».