بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لسيول، أجرت بيونغ يانغ تجربة على صاروخ باليستي حلق لمسافة 110 كيلومترات قبل أن يسقط في المياه الإقليمية، بين شبه الجزيرة الكورية واليابان، فيما يمكن أن يشكل تحدياً إضافياً لواشنطن وحلفائها قبل أسبوعين فحسب من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
وبدأ كبير الدبلوماسيين الأميركيين في إدارة الرئيس جو بايدن، رحلة خارجية يمكن أن تكون الأخيرة له إلى كل من كوريا الجنوبية واليابان وبعدهما إلى فرنسا وإيطاليا والفاتيكان، في خضم أزمة سياسية متواصلة بكوريا الجنوبية، على خلفية عزل الرئيس يون سوك يول بعد إعلانه الأحكام العرفية بشكل مفاجئ في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ورفض بلينكن وتشو المخاوف بشأن الضرر الذي قد يلحق بالتحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، في أعقاب الاضطرابات السياسية بسيول. وقال بلينكن: «كانت لدينا مخاوف جدية بشأن بعض الإجراءات التي اتخذها الرئيس يون وأبلغنا الحكومة بها مباشرة»، مضيفاً: «في الوقت نفسه، لدينا ثقة هائلة في مرونة ديمقراطية كوريا الجنوبية، وفي قوة مؤسساتها وفي الجهود التي تبذلها للعمل من خلال تلك المؤسسات، وفقاً للدستور وسيادة القانون لحل الخلافات والقيام بذلك سلمياً».
وفشل المحققون في تنفيذ مذكرة اعتقال ضد يون الجمعة، حيث منعهم حراس جهاز الأمن الرئاسي الذين شكلوا سلسلة بشرية لمنع الوصول إليه.
وأدى إعلان الأحكام العرفية إلى دفع واحدة من أقوى الديمقراطيات في آسيا إلى منطقة مجهولة مع عزل ليس فقط يون، ولكن أيضاً رئيس الوزراء الذي صار رئيساً بالوكالة. وأثار تصرف يون توبيخاً نادراً من المسؤولين في واشنطن، بما في ذلك نائب بلينكن، كورت كامبل، الذي قال إن هذا التصرف «كان سيئ التقدير».
التهديد الشمالي
وخلال اجتماعات بلينكن مع المسؤولين الكوريين الجنوبيين في سيول، لفتت بيونغ يانغ الانتباه مجدداً إلى تهديدها الصاروخي النووي المزداد بإطلاق ما وصفه الجيش الكوري الجنوبي بأنه صاروخ باليستي متوسط المدى قبالة ساحلها الشرقي، علماً بأن كوريا الشمالية أطلقت مثل هذا الصاروخ آخر مرة في أبريل (نيسان) الماضي، وتلا ذلك اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. وأفاد قادة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية بأن الصاروخ متوسط المدى أطلق من منطقة بالقرب من العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ، وأن الاستعدادات للإطلاق اكتشفت مسبقاً من الجيشين الأميركي والكوري الجنوبي. ونددوا بالإطلاق بوصفه استفزازاً يشكل تهديداً خطيراً للسلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
وأفادت وزارة الدفاع اليابانية بأن الصاروخ الكوري الشمالي سقط خارج منطقتها الاقتصادية الخالصة، وأنه لم ترد تقارير عن أضرار لحقت بالسفن أو الطائرات. وأعرب رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا عن قلقه من الوتيرة المتسارعة لاختبارات الصواريخ في كوريا الشمالية.
السياسة الروسية
وصرح بلينكن بأن روسيا تنوي مساعدة كوريا الشمالية من خلال مشاركة تكنولوجيا الفضاء والأقمار الاصطناعية، وربما قبول برنامج بيونغ يانغ للأسلحة النووية، فيما سيكون بمثابة تراجع عن عقود من السياسة الروسية حيال الوضع في شبه الجزيرة الكورية.
وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الكوري الجنوبي تشو تاي يول، ندد بلينكن بإطلاق الصاروخ، عادّاً أنه ينتهك قرارات مجلس الأمن. وكرر المخاوف من التعاون المزداد بين كوريا الشمالية وروسيا في حرب أوكرانيا، وسط تقارير أميركية وكورية جنوبية وأوكرانية تفيد بأن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 10 آلاف جندي وأنظمة أسلحة تقليدية لدعم الجهود الحربية لروسيا. ووصف التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية، بأنه «طريق من اتجاهين»، لأن روسيا تقدم المعدات العسكرية والتدريب إلى الشمال، و«تعتزم مشاركة تكنولوجيا الفضاء والأقمار الاصطناعية».
وكان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون تعهد في نهاية العام تنفيذ «أشد» سياسة مناهضة للولايات المتحدة. وانتقد جهود إدارة بايدن لتعزيز التعاون الأمني مع سيول وطوكيو، التي وصفها بأنها «كتلة عسكرية نووية للعدوان».
ولم تحدد وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية خطط كيم المستقبلية، أو أي تعليقات محددة حول ترمب، الذي التقى كيم 3 مرات خلال فترة ولايته الأولى، لإجراء محادثات حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
ولطالما اشتكى ترمب آنذاك من تكلفة الاحتفاظ بـ28 ألف جندي أميركي في كوريا الجنوبية لردع التهديدات من كوريا الشمالية، ودفع باستمرار من أجل زيادات كبيرة في المساهمات الدفاعية من سيول، التي تتخوف من أن يؤدي نهج «أميركا أولاً» لدى ترمب إلى إلحاق الضرر بمصالح كوريا الجنوبية في التجارة من خلال زيادة التعريفات الجمركية وغيرها من التدابير.