«قوات سوريا الديمقراطية» تلاحق خلايا «داعش»

TT

«قوات سوريا الديمقراطية» تلاحق خلايا «داعش»

بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية أمس، حملة عسكرية بالتنسيق مع غرفة عمليات قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن والحكومة العراقية لملاحقة عناصر تنظيم «داعش» في شرق سوريا. ورغم القضاء العسكري والجغرافي على مناطق سيطرته في شرق سوريا شهر مارس (آذار) العام الماضي؛ فإن مسلحي التنظيم قادرون على شن هجمات دموية تطال أهدافاً مدنية وعسكرية. ويقول مسؤولون عسكريون من القوات إن الحملة أُطلقت بعد عمليات التحري وجمع المعلومات بالتعاون مع قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب وبالتنسيق مع الجيش العراقي: «بدأت قواتنا بحملة ردع الإرهاب لملاحقة وتعقب خلايا تنظيم (داعش) الإرهابي في البادية الشرقية بمحاذاة نهر الخابور والحدود السورية العراقية». وأطلقت هذه القوات المحلية بدعم من التحالف الدولي حملات عديدة لملاحقة بقايا التنظيم المتوارين في شرق دير الزور، وباتت تستهدفهم عن طريق الاعتقالات أو العمليات الميدانية أو عبر عمليات إنزال جوي، إلا أن ذلك لم يوقف نشاطهم في المنطقة، ولا يزال التنظيم ينتشر في البادية السورية المترامية الأطراف، والتي تمتد من ريف حمص الشرقي وصولاً إلى الحدود العراقية. إلى ذلك، احتشد مئات الأهالي من سكان بلدة الشدادي الواقعة على بعد 60 كيلومتراً جنوبي مدينة الحسكة، في مظاهرة جابت شوارع المدينة وأحرقوا الإطارات، مطالبين بتوفير الخبز وخدمتي الكهرباء والمياه وتوزيع جرات الغاز، والبلدة تقع ضمن مناطق نفوذ سيطرة.
ونظم سكان الشدادي احتجاجات مطلبية أمس، وخرج المئات من الأهالي كان من بينهم نساء ورجال وأطفال، جابوا الشارع الرئيسية وأحرقوا إطارات السيارات واستمرت نحو ساعتين، وطالبوا بتأمين الخبز وإعادة خدمة الكهرباء وتوفير مياه الشرب ورفع المظالم، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة السورية بعد أن سجل سعر صرف الدولار الأميركي بالمنطقة 2040 وكان قبل الأزمة 47 ليرة.
ونقلت سيدة تدعى عفراء (42 سنة) شاركت في الاحتجاجات أنها خرجت طلباً للعيش وسط ارتفاع الأسعار وغياب الخدمات، وقالت: «كل شيء غالٍ وعلى الإدارة المحلية أن تعمل على تخفيض الأسعار، غلاء الدولار دمر منازلنا، لا طاقة لنا على شراء شيء». وقالت سيدة ثانية بصوت مرتفع وهي تشير بيديها إلى محصول القمح المجاور: «نحن أهل القمح والزراعة ولا يوجد عندنا خبز. أقف ساعات حتى أحصل على كمية من الخبز تكاد تكفي عائلتي، فلماذا هذا الظلم بحقنا». ويعزو مسؤول محلي من الإدارة الذاتية بالشدادي سبب قلة الخبز لنقص كميات الطحين الموجودة في المخازن الرئيسية، وقال ياسر العباس، رئيس لجنة الاقتصاد بناحية البلدة: «نقص الخبز يعود لعطل بالفرن العام وخروجه عن الخدمة حيث يوزع الخبز عن طريق المندوبين كما خُفضت كميات الطحين، وهنا يعمل فرنان فقط بالمنطقة البالغ عدد سكانها قرابة 60 ألفاً».
وقال شبان شاركوا في المظاهرة إن انقطاع تيار الكهرباء وغياب المياه زادت من معاناة الحياة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وأوضحت آهين سويد رئيسة مكتب الطاقة بإقليم الجزيرة التابعة للإدارة الذاتية، أن البرنامج الجديد لإمداد شبكة الكهرباء مؤقت خلال فترة 48 ساعة، حتى يحصلوا على تقييم من المحطات المركزية، وقالت: «المشكلة الرئيسية تكمن في انخفاض منسوب المياه في السدود ولن تكون هناك زيادة في عدد ساعات الإمداد الكهرباء بالفترة الحالية، وننتظر تقييم المحطات لتحسين الخدمة».


مقالات ذات صلة

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

آسيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول (رويترز)

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أي دور للقوات الفرنسية في سوريا عادّاً أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

القوات العراقية تعلن مقتل نائب والي كركوك في تنظيم «داعش»

أعلنت القوات العراقية عن إطلاق عملية عسكرية لإنهاء وجود بقايا خلايا داعش في وادي زغيتون بين محافظتي كركوك وصلاح الدين.

حمزة مصطفى (بغداد)
أفريقيا وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم