أميركا تدرس تعاوناً أمنياً مع تونس رداً على تحركات روسيا في ليبيا

TT

أميركا تدرس تعاوناً أمنياً مع تونس رداً على تحركات روسيا في ليبيا

قال الجيش الأميركي، ليلة أول من أمس، إن الولايات المتحدة تبحث استخدام أحد ألويتها للمساعدة الأمنية في تونس، في ظل تزايد المخاوف بشأن نشاط روسيا في ليبيا، وتزايد تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى الصراع الدائر هناك، وذلك في انتهاك صارخ لحظر السلاح. وذكرت قيادة الجيش الأميركي بأفريقيا، في بيان، أنه «مع استمرار روسيا في تأجيج لهيب الصراع الليبي، فإن القلق يزداد بشأن الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا»، مضيفاً: «نحن ندرس مع تونس طرقاً جديدة لمواجهة القلق الأمني المشترك، ويشمل ذلك استخدام لوائنا للمساعدة الأمنية».
وبيّنت القيادة العسكرية الأميركية، أن لواء المساعدة الأمنية، الذي أشارت إليه في بيان صدر أول من أمس، بخصوص المكالمة الهاتفية التي جمعت قائدها بوزير الدفاع التونسي، «يتعلّق بوحدة تدريب صغير، تندرج في إطار برنامج المساعدة العسكرية، ولا يتعلّق بقوات قتالية». وجاء في البلاغ التوضيحي، أنه من المهم فهم الاحتياجات والبحث عن مقاربات جديدة في إطار الحوار المستمر. وتتولى هذه القوة الإسناد والتمرين والتدريب، وهو أمر ليس بجديد على تونس في إطار علاقة التعاون العسكري بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى، إذ تدرّب قوات أجنبية وحدات عسكرية تونسية داخل أرض الوطن أو خارجه.
وقال جنرال أميركي ليلة أول من أمس في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء، إن الجيش الأميركي يعتقد أن تسليم روسيا طائرات حربية إلى ليبيا «ربما لن يغير التوازن في الحرب الأهلية التي بلغت طريقاً مسدودة، لكنه يمكن أن يساعد موسكو في نهاية المطاف على ضمان معقل استراتيجي في شمال أفريقيا».
ويقول الجيش الأميركي، إن عسكريين روساً سلموا 14 طائرة «ميج 29» و«سوخوي - 24» إلى قاعدة الجفرة الجوية، التابعة لقوات «الجيش الوطني»، فيما نفى الجيش الوطني وعضو بالبرلمان الروسي ذلك.
وقال البريجادير جنرال جريجوري هادفيلد، نائب مدير إدارة المخابرات التابعة للقيادة الأميركية في أفريقيا، إن الطائرات الروسية انطلقت من روسيا، ومرت عبر إيران وسوريا قبل وصولها إلى ليبيا، مبرزاً أنه لم يتم استخدامها حتى الآن، «لكنها يمكن أن تضيف قدرات جديدة للجيش الوطني الليبي».
ويكمن أحد مخاوف واشنطن الرئيسية في إمكانية استخدام موسكو لمثل هذا الموقع لنشر صواريخ.
وفي هذا السياق، قال هادفيلد: «إذا ضمنت موسكو موقعاً دائماً في ليبيا، والأسوأ، إذا نشرت أنظمة صواريخ طويلة المدى، فإن هذا سيغير قواعد اللعبة بالنسبة لأوروبا وحلف شمال الأطلسي، وكثير من الدول الغربية».
من جانبها، أفادت وزارة الدفاع التونسية بأن التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة، وسبل تدعيمه، كان محور مكالمة هاتفية جرت صباح الخميس بين عماد الحزقي وزير الدفاع التونسي، والجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا (أفريكوم). وقالت إن تونس تؤكد على أهمية التعاون التونسي - الأميركي، دعماً للقدرات العملياتية للجيش التونسي، في ظل ما تشهده الساحة الليبية من تجاذبات إقليمية ودولية، خصوصاً بعد دعم تركيا لحكومة «الوفاق»، على حساب قوات خليفة حفتر، والإعلان عن تدخل روسي وشيك في هذا الملف.
وقالت وزارة الدفاع التونسية، في بيان لها، إن الولايات المتحدة شريك رئيسي في جهود بناء قدرات الجيش التونسي، فيما وجه وزير الدفاع التونسي دعوة إلى قائد القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا لزيارة تونس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم