هل يستعيد «سيرك دي سوليه» نشاطه مجدداً؟

اضطر إلى إلغاء 44 عرضاً في عشرات المدن

من عروض «سيرك دو سوليه» في لاس فيغاس العام الماضي (غيتي)
من عروض «سيرك دو سوليه» في لاس فيغاس العام الماضي (غيتي)
TT

هل يستعيد «سيرك دي سوليه» نشاطه مجدداً؟

من عروض «سيرك دو سوليه» في لاس فيغاس العام الماضي (غيتي)
من عروض «سيرك دو سوليه» في لاس فيغاس العام الماضي (غيتي)

ظلت البهلوان المنغولية تبهر المتفرجين كل ليلة ضمن عروض «سيرك دي سوليه» المقام على متن سفينة سياحية، وهي تحرك جسدها الذي اتخذ شكل كرة فوق عصا رأسية مثبتة في فمها، إلى أن تفشى فيروس «كورونا» في الشهور الماضية.
ومع ذلك، وعلى مدار الخمسين يوماً الماضية، ظلت الشابة البالغة من العمر 26 عاماً، أورانبيليج أنغاراج، عالقةً في مقصورة ضيقة قبالة الساحل الإيطالي تقف على يديها وتقوم بحركات بهلوانية لتحافظ على مرونتها فيما تجري مكالمات فيديو عبر تطبيق «واتساب» وتتساءل عن موعد معاودة عروض السيرك المحجوزة بالفعل مرة أخرى.
ومن مكانها حيث أوقفت السفينة عروضها في مارس (آذار) الماضي، قالت أورانبيليج: «من حسن حظي أنني اعتدت أن ألف جسدي في مساحات صغيرة، لكني لا أستطيع تحمل مرارة انتظار العودة إلى السيرك. لكن ليس لدينا فكرة متى سيكون العالم مستعداً لمشاهدة العروض الحية مرة أخرى».
من «برودواي» إلى الساحات الرياضية، أصاب الوباء عالم الترفيه الحي بشلل تام، بما في ذلك «سيرك دو سوليه»، عملاق سيرك مقاطعة «كيبك» الكندية الشهير.
وفي غضون أسابيع، اضطر السيرك إلى إلغاء 44 عرضاً في عشرات المدن، من «لاس فيغاس» الأميركية إلى «هانغتشو»، الصينة، وسرح مؤقتاً ما يقرب من 5 آلاف موظف يمثلون 95 في المائة من قوته العاملة، وتوقفت عن سداد أجور العشرات من مقدمي العروض.
وحتى قبل تفشي الوباء، كانت الشركة تعاني من الإرهاق وكثرة التمارين بعد أن استحوذ عليها كونسورتيوم بقيادة شركة الأسهم الأميركية الخاصة عام 2015 وسرع من موجة التوسع العالمي التي تغذيها الديون.
الآن وفي ظل حالة عدم اليقين بشأن توقيت ظهور لقاح لفيروس «كورونا» أو متى ستسمح المدن بتجمعات عامة كبيرة مرة أخرى، يتساءل البعض عما إذا كان السيرك سيعاود النشاط.
وفي هذا الصدد، قال ميتش غاربر، مدير السيرك: «لم يسبق لأحد أن وضع تصوراً لما سنفعله إذا فقدنا 100 في المائة من إيراداتنا. لا يمكننا العمل من دون جماهير»، مشيراً إلى فترة الكساد العظيم حيث تراجعت أعداد الجماهير، وهو ما يختلف عن الوضع الحالي حيث اختفت الجماهير تماماً.
لكن الواقع يقول إنه من الصعب إغفال دور «سيرك دي سوليه» في عالم الترفيه الكندي والعالمي. فقد نشأ السيرك في مونتريال في ثمانينيات القرن الماضي عندما سعت مجموعة من فناني الأداء في كيبيك - الذين يمشون على الحبل وينفثون النار ومنهم المؤسس المشارك في العزف على الأكورديون جاي لاليبرتي - لإسعاد السكان المحليين على شواطئ نهر سانت لورانس.
تأسس السيرك عام 1984 ليقدم عروضه التي خلت من الحيوانات واعتمدت على الألعاب البهلوانية المذهلة والرقص والأزياء الفخمة والموسيقى الحية والحرفية ذات التقنية العالية، في رؤية جديدة لما يمكن أن يكون عليه السيرك.
قبل تفشي فيروس «كورونا»، اجتذبت عروضه السبعة في لاس فيغاس وحدها - بما في ذلك عرض «كا»، الذي حظي بإعجاب النقاد لتميزه بمشاهد معارك تجري على ارتفاع 70 قدماً في الهواء، وكذلك العروض المائية التي كانت تجتذب نحو 10 آلاف شخص كل ليلة.
تخطت إيرادات السيرك المليار دولار العام الماضي فقط، لكن الوضع تغير العام الحالي بعد أن تخطت ديونه نفس الرقم.
واليوم بات «أتيلييه» صناعة الزي فارغاً بعد أن كان يعج بنشاط محموم لإنتاج ملابس عارضي السيرك في مونتريال والذي تخطى إنتاجه 18 ألف قطعة ملابس تصمم ببراعة وحرفية كل عام، ناهيك عن الشعر المستعار والأقنعة غير المكتملة المتناثرة عبر أرجاء المكان.
عمل غابرييل دوبي دوبويس، مديراً فنياً لاثنين من عروض السيرك التي حملت اسم «كوسموس» و«أكستنتريك» والتي استمرت طيلة 23 عاماً، حيث كان والده مهرجاً مشهوراً، لكنه الآن يشكو من أنه مدين بعشرات الآلاف من الدولارات.
استطرد قائلاً: «هذا عمل يخاطر فيه فنانو السيرك بحياتهم كل ليلة، وإذا لم يدفع لهم الناس فلا بد أن تحدث أزمة ثقة».
في 18 مارس (آذار)، تراجع تصنيف «مودي إنفستور سيرفيس» لـ«سيرك دي سوليه» إلى «حالة غير مرغوب فيها» تقريباً، مشيراً إلى «مخاطر عالية» حال استمر السيرك في التخلف عن سداد ديونه.
وأبدى عملاق الاتصالات في كيبيك «كويبكور» اهتماماً مؤخراً بشراء «سيرك دي سوليه» لكن عرضه قوبل بفتور.
كذلك دخل الملياردير غاي ليبرتي، الشريك المؤسس لـ«سيرك دي سوليه» على الخط بطرح احتمال الدخول في «مباراة مصارعة» لإنقاذ السيرك. لكن المطلعين على المحادثات بشأن مستقبل السيرك أفادوا بأنه قد باع أسهمه في الشركة بالفعل ومن غير المرجح أن يعيد شراءها.
من جانبه، قال دانيال لامار، الرئيس التنفيذي لـ«سيرك دي سولي»، إنه اعتقد في البداية أن الأزمة الصحية يمكن أن تقتصر على الصين، حيث أُجبر سيرك دي سوليه في مقاطعة «هانغتشو» في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي على إنهاء عرضه الافتتاحي الذي حمل عنوان «أرض الخيال».
لكنه أشار إلى أنه في بداية مارس، بعد دقائق فقط من اجتماع الأزمة في مونتريال، بدأت المدن تغلق واحدة تلو الأخرى في جميع أنحاء العالم. ومع إغلاق الحدود، كان على «سيرك دي سوليه» الدخول في سباق مع الزمان لتحميل معدات كبيرة على طائرات الشحن العملاقة وإجلاء ألفي موظف.
استطرد لاماري قائلاً: «لقد تغير عالمنا بين عشية وضحاها. كانت الصدمة الكبرى عندما تلقيت مكالمة في 14 مارس بأنه يتعين علينا إغلاق جميع العروض السبعة في لاس فيغاس».
وقال لاماري إن السيرك يدرس جميع الخيارات، بما في ذلك طلب الحماية من الإفلاس، مشيراً إلى أن ضخ 50 مليون دولار في الآونة الأخيرة قد ساهم في شراء بعض الوقت.
وقال إنه متفائل بأن الشركة ستستعيد عافيتها بفضل علامتها التجارية المتلألئة وحماسة الناس للترفيه الحي بعد أشهر من الحبس، حيث كان «سيرك دي سوليه» قد شرع بالفعل في إجراء محادثات مع شركائه الكوريين والصينيين لإعادة افتتاح العروض الحية.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.