«كوفيد - 19» يجتاح أميركا اللاتينية... والبرازيل في عين العاصفة

أشخاص يحضرون جنائز في مقبرة جماعية خاصة بضحايا فيروس كورونا بالبرازيل (إ.ب.أ)
أشخاص يحضرون جنائز في مقبرة جماعية خاصة بضحايا فيروس كورونا بالبرازيل (إ.ب.أ)
TT

«كوفيد - 19» يجتاح أميركا اللاتينية... والبرازيل في عين العاصفة

أشخاص يحضرون جنائز في مقبرة جماعية خاصة بضحايا فيروس كورونا بالبرازيل (إ.ب.أ)
أشخاص يحضرون جنائز في مقبرة جماعية خاصة بضحايا فيروس كورونا بالبرازيل (إ.ب.أ)

سُجّلت أعلى حصيلة يومية للوفيات بفيروس كورونا المستجد في البرازيل كبرى دول أميركا اللاتينية التي بدأت تشعر بتأثير الوباء بقوة في حين وافقت منظمة الصحة العالمية على التحقيق في تصديها للأزمة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومع وصول عدد الإصابات بشكل متسارع إلى خمسة ملايين بينما تجاوزت الوفيات 320 ألفاً في ظل اقتصاد عالمي مدمّر، تسود مخاوف من أن القادم أسوأ في المناطق الأكثر فقراً في العالم التي تحاول جاهدة احتواء تفشي الفيروس.
وارتفعت الحصيلة بشكل مثير للقلق في البرازيل أمس (الثلاثاء) إذ تجاوز عدد الوفيات بكوفيد - 19 خلال 24 ساعة الألف لأول مرّة، لكن الرئيس اليميني المتشدد جاير بولسونارو لا يزال معارضاً بشدة لتدابير الإغلاق التي قال إنها غير ضرورية أمام ما وصفه بـ«مجرّد إنفلونزا صغيرة».
وقال المتقاعد غلبيرتو فرييرا في ريو دي جانيرو إن «بلدنا ينتقل من سيء إلى أسوأ، الوضع يزداد سوءاً. لدينا حكومة غير فعالة والناس كذلك لا يلتزمون بالقواعد التي يفرضها الوباء».
ويسجل عدد الإصابات في البرازيل، أعلى ثالث عدد بين دول العالم، زيادة بالآلاف، ويرجّح أن يتسارع تفشي الوباء في سادس أكبر دولة في العالم بينما لا يتوقع أن يبلغ ذروته قبل مطلع يونيو (حزيران).
ودفع ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في أميركا اللاتينية بعض المناطق إلى تعليق خططها لتخفيف القيود، كما هو الحال في كوردوبا ثاني مدن الأرجنتين، التي تراجعت عن خطتها لتخفيف تدابير الإغلاق جرّاء ارتفاع عدد الإصابات.
وصدرت تحذيرات من تداعيات الوباء على المجتمعات الأكثر فقراً إذ قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس أمس إنه قد يدفع بما يقارب من 60 مليون شخص «إلى الفقر الشديد».
وفي مؤشر مثير للقلق على تفاقم الضغوط الاقتصادية، نشرت سلطات تشيلي التي تعاني كذلك من ارتفاع كبير في عدد الإصابات، جنوداً على أطراف عاصمتها سانتياغو التي تشهد إغلاقاً بعدما اندلعت صدامات مع متظاهرين غاضبين من نقص الغذاء وخسارة الوظائف.
وقال نجّار عاطل عن العمل يدعى خورخي: «لا يملكون وظائف. وتم عزلهم في منازلهم ولا يمكنهم الخروج للبحث عن عمل. إنهم يجبرون العامل التشيلي على السرقة».
على الجانب الآخر من العالم، تعمل السلطات جاهدة على نقل السكان إلى مكان آمن وتحاول في الوقت ذاته منع تفشي فيروس كورونا في وقت يضرب أشد إعصار يشهده خليج البنغال منذ عقود مناطق يقطنها الملايين في شرق الهند وبنغلاديش.
صدرت الأرقام المقلقة من أميركا اللاتينية في وقت وافقت منظمة الصحة العالمية على فتح تحقيق مستقل بشأن طريقة تعاطيها مع تفشي الفيروس بعد تعرّضها لانتقادات شديدة من الولايات المتحدة التي انخرطت في سجال مع الصين بشأن الوباء.
وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوقف تمويل الولايات المتحدة للمنظمة بشكل دائم متهماً إياها بأنها «دمية في أيدي الصين» وساعدت بكين على التستّر على المعلومات في أولى مراحل تفشي الوباء.
ونفت الصين التهمة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تطلق العنان لاتهامات كهذه في محاولة «للتهرّب من مسؤوليتها والمساومة على التزاماتها الدولية تجاه منظمة الصحة العالمية».
ونددت روسيا كذلك بتهديد ترمب بينما دعم الاتحاد الأوروبي منظمة الصحة العالمية، مشيراً إلى أن «الوقت غير مناسب لتبادل الاتهامات».
وهدد الخلاف جهود تنسيق الاستجابة العالمية للوباء، لكن الرئيس الأميركي واصل مهاجمة الصين ومنظمة الصحة العالمية.
وتعد الولايات المتحدة البلد الأكثر تأثراً بالفيروس في العالم بناء على الأرقام المطلقة مع تسجيل نحو 92 ألف وفاة بكوفيد - 19 وأكثر من 1.5 مليون إصابة. في الأثناء، بدأ كثيرون يشعرون بالقلق من إجراءات التباعد الاجتماعي التي شكّلت ضربة لأكبر اقتصاد في العالم وخلّفت عشرات الملايين من العاطلين عن العمل.
ولم يخف ترمب مراراً حماسه لإنهاء تدابير العزل في الولايات المتحدة خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما حذّر وزير الخزانة ستيفن منوتشين من أن الاقتصاد الأميركي يواجه خطر التعرّض لـ«ضرر دائم» كلما طال أمد الإغلاق.
منذ ظهوره وسط الصين أواخر العام الماضي، أحدث الفيروس تحوّلا في حياة الناس والأعمال التجارية حول العالم، إذ انعكست تداعياته على مختلف الأصعدة، من الهدوء الذي عمّ مراكز مدن لطالما كانت مزدحمة وصولاً إلى التغيّرات البيئية الكبيرة.
وأفاد باحثون بأن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون العالمية من أنواع الوقود الأحفوري ستنخفض بنسبة تصل إلى سبعة في المائة هذا العام جرّاء الوباء، في أكبر تراجع منذ الحرب العالمية الثانية.
لكن هذا الانخفاض الضخم «بالكاد سيؤثر على التراكم المتواصل لثاني أوكسيد الكربون في الجو»، بحسب رئيس أبحاث تأثير المناخ لدى «مركز هادلي البريطاني للأرصاد» ريتشارد بيتس.
وبينما بدأت آسيا في تقييم الأضرار الناجمة عن الوباء، أدركت بعض الدول أنه حمل معه فوائد لم تكن في الحسبان رغم الدمار الاقتصادي الأكثر تأثيراً.
فخلال فترة العزل، شهدت فيتنام تراجعاً في معدلات الجرائم بينما رحبت هونغ كونغ بانتهاء موسم الإنفلونزا السنوي لديها مبكرا. أما تايلاند، المعروفة بالعدد الكبير من الوفيات في حوادث الطرقات، فشهدت تحسناً ملحوظاً في السلامة على الطرق.
وقال بانجيرد بريجميت الذي يترأس فريقاً طبياً يعمل قرب بانكوك إن «عدد الحوادث تراجع بشكل كبير»، مرجعاً الأمر إلى الإجراءات التي اتّخذتها تايلاند لاحتواء الوباء، والتي تشمل حظر بيع المشروبات الكحولية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.