«الوطني الليبي» يتّهم الميليشيات وتركيا باستهداف المدنيين

مقتل 14 شخصاً في قصف عشوائي استهدف مستشفى طرابلس المركزي

منزل تعرض للقصف في منطقة بن غشير بطرابلس خلال معارك «الجيش الوطني» مع الميليشيات (أ.ف.ب)
منزل تعرض للقصف في منطقة بن غشير بطرابلس خلال معارك «الجيش الوطني» مع الميليشيات (أ.ف.ب)
TT

«الوطني الليبي» يتّهم الميليشيات وتركيا باستهداف المدنيين

منزل تعرض للقصف في منطقة بن غشير بطرابلس خلال معارك «الجيش الوطني» مع الميليشيات (أ.ف.ب)
منزل تعرض للقصف في منطقة بن غشير بطرابلس خلال معارك «الجيش الوطني» مع الميليشيات (أ.ف.ب)

قُتل 14 شخصاً على الأقل في قصف عشوائي استهدف مستشفى طرابلس المركزي بشارع الزاوية، ومنطقة طريق السور بالعاصمة الليبية، فجر أمس، وسارعت قوات «بركان الغضب»، التابعة لحكومة «الوفاق» باتهام «الجيش الوطني» بشنّه. لكن المتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد المسماري، نفى ذلك، وقال إن «الميليشيات تقف وراء استهداف المناطق المدنية».
وردّ اللواء أحمد المسماري، في بيان أصدره فجر أمس، على اتهامات قوات «الوفاق»، بالقول إن «ميليشيات طرابلس قامت بتنسيق مع المخابرات التركية بقصف المناطق السكنية بالعاصمة بشكل متعمد»، نافياً تنفيذ قوات «الجيش الوطني» أي عمليات قصف لمناطق سكانية داخل العاصمة، التي تعرضت لوابل من القذائف في ساعة مبكرة من صباح أمس، بما فيها مستشفاها المركزي.
وقال المسماري إن «هذه السياسة (القذرة) التي تنتهجها الميليشيات مؤخراً، بالتنسيق مع المخابرات التركية، من خلال تعمد استهداف المدنيين في مناطق مدنية مأهولة وبعيدة عن أي مرافق عسكرية، باتت مفضوحة لاستجداء تدخل عسكري أكبر من سيدهم (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان، ومنحه مبرراً للتدخل بحجة حماية المدنيين»، لافتاً إلى أن الهدف أيضاً «تأليب الشارع في طرابلس ضد قوات الجيش، ومحاولة استقطاب عدد أكبر من المقاتلين بسبب عزوف شباب العاصمة عن القتال مع الميليشيات، وفرار وموت عدد كبير من الميليشيات السورية، وامتناع عدد آخر عن التوجه من شمال سوريا إلى ليبيا».
ولليوم الثاني على التوالي، واصل «الجيش الوطني» توجيه رسائل دعائية إلى سكان العاصمة طرابلس وقوات السراج؛ حيث بثّ لقطات مصورة عبر شعبة إعلامه الحربي، تعيد التذكير بنجاح الجيش في قتل وأسر الجماعات الإرهابية في مدينتي بنغازي ودرنة، شرق البلاد. لافتاً إلى أن قواته لا تزال «تجاهد لدحض الباطل، وإسدال الحقّ المنجلي عن البُقعة المُلوّثة المستوطنة، من قبل الغزاة والخونة». في إشارة إلى العاصمة طرابلس.
ووعد «الجيش الوطني» الشعب الليبي بأن قواته المسلحة «لن تخذله»، داعياً الميليشيات إلى تسليم نفسها، أو «مواجهة مصير الفناء أو الأسر».
ومن جهتها، أعلنت عملية «بركان الغضب»، الموالية لحكومة السراج، إصابة 14 شخصاً في حصيلة أولية لضحايا قصف، اتهمت «الجيش الوطني» بشنّه على مستشفى طرابلس المركزي بشارع الزاوية ومنطقة طريق السور، وأشارت العملية، التي وزعت لقطات ومشاهد تُظهر جانباً من آثار القصف، أن النيران طالت عدداً من منازل المواطنين، فيما هرعت سيارات الإسعاف إلى مواقع القصف. وقال ناطق باسم وزارة الصحة في حكومة السراج إن من بين جرحى القصف، الذي استهدف منطقتي سيدي خليفة وشارع الزاوية، عدداً من النساء والأطفال. مشيراً إلى تعرض مستشفى طرابلس المركزي لأضرار كبيرة.
وقال وكيل الوزارة محمد هيثم، في تصريحات تلفزيونية، إن القصف استهدف قسم الجلد والأمراض السارية بالمستشفى، وعدداً من المصحات بجانبه. فيما قدّم مركز الطب الميداني والدعم التابع للوزارة قائمة، تضم أسماء الـ14 جريحاً، الذين تم نقلهم لتلقي العلاج بالمستشفى. ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق»، عن مصدر عسكري، أن قواتها دمرت عربة صواريخ «غراد» لقوات «الجيش الوطني» خلف شركة النهر بسوق الأحد، استهدفت أحياء العاصمة.
ومن جانبها، اتهمت وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» قوات الجيش بقصف المدنيين، انتقاماً لهزيمته أمام قوات «بركان الغضب». مشيرة إلى عدم استجابة المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة لدعواتها المتكررة بتحمل المسؤولية لتوثيق هذه الجرائم، ومحاسبة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة.
في شأن قريب، وجّهت قوات «الوفاق» على لسان عملية «بركان الغضب»، ما وصفته بالإنذار الأخير إلى عناصر «الجيش الوطني» في قاعدة الوطية الجوية، الواقعة على بعد 140 كيلومتراً، جنوب غربي طرابلس، وقالت إنها «عازمة على بسط سيطرة الدولة على القاعدة، وكل ربوع ليبيا».
في غضون ذلك، بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، مع نظيره في مالطا، إيفاريست بارتولو، مستجدات الأزمة في ليبيا.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، إن شكري استعرض مع بارتولو خلال اتصال هاتفي بينهما، محددات الرؤية المصرية نحو التوصل لحل شامل ومستدام للأزمة، بما يحقق تطلعات الشعب الليبي الشقيق نحو السلام والاستقرار. وأضاف المتحدث أنه «تم التأكيد على أهمية تكثيف الاتحاد الأوروبي لجهوده، واتخاذ إجراءات فعالة لوقف التدخلات الأجنبية، والقضاء على التنظيمات الإرهابية، والتصدي للأطراف الداعمة لها، تجنباً للتداعيات السلبية الخطيرة على أمن واستقرار ليبيا ومنطقة شرق المتوسط».
وأضاف المتحدث أن الاتصال تطرق كذلك إلى الجهود المرتبطة بمواجهة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، وظاهرة الهجرة غير الشرعية؛ حيث استعرض الوزير شكري جهود مصر في هذا الصدد، كما أوضح الوزير المالطي الضغوط التي تقع على بلاده جراء هذه الظاهرة.
ولم تمنع هذه التطورات الأمم المتحدة من الدعوة مجدداً لإبرام هدنة إنسانية لوقف إطلاق النار في ليبيا، كما بحث وزير الخارجية الإيطالي لويجي خطوط العمل الممكنة للمجتمع الدولي لدعم الحوار داخلها، وذلك خلال اجتماع افتراضي أول من أمس، عقدته لجنة المتابعة الدولية المكرسة للأزمة الليبية، وكانت من مخرجات مؤتمر برلين في يناير (كانون الثاني) الماضي.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.