لجنة تفكيك نظام البشير تكشف فساداً جديداً لـ«الإخوان» في السودان

توافق في أجهزة الحكم على مهلة أسبوعين لإعلان حكّام مدنيين للولايات

رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك (أ.ب)
TT

لجنة تفكيك نظام البشير تكشف فساداً جديداً لـ«الإخوان» في السودان

رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك (أ.ب)

استردت لجنة تفكيك واجتثاث النظام المعزول في السودان، عقارات وأرضاً مسجلة بأسماء أشقاء الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، وأحد أصهاره في حي كافوري الراقي بالخرطوم بحري، بلغت مساحتها 176 ألف متر، وتعهدت بتقديمهم لمحاكمات عادلة.
وأصدرت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد لنظام الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، قرارات بإنهاء عقود شركات، وحل مجالس إدارات وإنهاء خدمة مديرين، وإلغاء تسجيل منظمات، واسترداد أصولها لصالح وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
وبلغت جملة مساحات العقارات المشيدة والأراضي، التي استردتها لجنة التفكيك 167 ألف متر مربع. واستردت اللجنة عقارات وأراضي بضاحية كافوري بالخرطوم بحري من أسرة شقيق الرئيس المعزول، عبد الله حسن البشير وأشقائه تقدر مساحتها بنحو 92 ألف متر. كما أعلنت اللجنة استرداد 20 عقاراً بحي كافوري، مملوكة لصهر الرئيس المعزول، نور الدائم إبراهيم، بمساحة تقدر بـ17 ألف متر، إضافة إلى 9 قطع أراضٍ وعقارات من والي الخرطوم الأسبق عبد الرحيم محمد حسين بلغت جملة مساحتها أكثر من ستة آلاف متر.
وأكد ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي، رئيس اللجنة، أن اللجنة ستظل داعمة للجنة الطوارئ الاقتصادية، عبر ما تسترده من أموال لصالح وزارة المالية، وخلق بيئة استثمارية صالحة خالية من الفساد، مبرزاً أن مشروعات العدالة الانتقالية والمساواة وإصلاح القوانين «قطعت شوطاً كبيراً». ومن جانبه، قال الرئيس المناوب للجنة، عضو مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان، إن ما تسترده اللجنة يسهم في تحقيق الأمن وتعزيز التنمية، وتوفير الحياة الكريمة لأبناء الشعب السوداني، مؤكداً أن مجلسي السيادة والوزراء، وقوى الحرية والتغيير توافقوا على دعم اللجنة ومنحها صلاحيات كاملة، وأنه لا مجال بعد الآن لاستغلال نفوذ سياسي من أجل مصلحة خاصة.
وأضاف سليمان أن لجنة التفكيك، ورغم ما تتعرض له من حملة إعلامية مضللة، فإنها تستمد قوتها من إرادة الشعب ورغبته في العدالة، موضحاً أن من تم استرداد ممتلكات الشعب منهم سيخضع لمحاكمة عادلة.
وأنهت اللجنة العقد المبرم بين اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام، وشركة فندق «غراند هوليدي فيلا»، وإرجاع إدارة الفندق لوزارة المالية. كما أصدرت اللجنة قراراً بإنهاء عقود شركة مطار الخرطوم الدولي، وشركة «ساس» لتشغيل المطارات، والخاص بتشغيل صالة كبار الزوار وصالة الدرجة الأولى، وكافتيريا صالة المغادرة. في سياق ذلك، أصدرت اللجنة قراراً بحل مجالس إدارات شركة مطارات السودان القابضة، وشركة مطار الخرطوم الدولي، وشركة المطارات الولائية، وشركة أكاديمية السودان لعلوم وتكنولوجيا الطيران، إضافة إلى شركة هندسة المطارات وشركة المقاولات والتشييد.
كما أصدرت اللجنة قراراً بإنهاء خدمة كل من سهير إبراهيم أحمد، المدير العام المكلف لبنك النيلين، وأسامة عطا جبارة مدير بنك النيلين فرع أبوظبي، وقرارات بإنهاء عقد الإجارة بين هيئة الأوقاف ومأمون حميدة فيما يلي القطعة التي شيد عليها مستشفى الزيتونة، وإلغاء تسجيل منظمة ميمان الخير والحجز على أصولها، ومنقولاتها لصالح وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
بدوره، أكد عضو اللجنة وجدي صالح أن اللجنة تعمل وفق قانون صدر متوائماً مع الوثيقة الدستورية، مشيراً إلى أن التعديل على قانون اللجنة جاء ليعبر عن إرادة السلطة الانتقالية تجاه تفكيك النظام، وتقديم الفاسدين للعدالة، مبرزاً أن التعديل منح اللجنة سلطات قانونية تعينها على عملها في كل المؤسسات دون استثناء.
إلى ذلك، توافق شركاء السلطة الانتقالية في السودان، مجلسا السيادة والوزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، على مهلة لا تتعدى أسبوعين للحسم نهائياً في ملف اختيار حكام الولايات المكلفين، وذلك بعد الانتهاء من المشاورات مع الحركات المسلحة المشاركة في عملية السلام. وكان من المقرر أن تتم الخطوة اليوم (السبت)، بحسب القيد الزمني، الذي أجيز بين الأطراف الثلاثة في مصفوفة الاتفاق لحل قضايا المرحلة الانتقالية.
في سياق ذلك، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك طلب من المجلس المركزي، باعتباره أعلى هيئة قيادية لتحالف قوى «التغيير»، أن يجري تعديلات على قوائم المرشحين التي كان قد تقدم بها في السابق، وضمت أسماء المرشحين عن 18 ولاية.
وأقر حمدوك بأن تأخير تعيين حكام الولايات أضر كثيراً بقضاياها، لدرجة أن المواطنين لا يكادون يشعرون بالتغيير، الذي اقتلع نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن المجلس المركزي سيعقد اليوم (السبت) اجتماعاً مباشراً، أو عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» لمواصلة النقاش حول التعديلات في أسماء المرشحين، ومن بين أجندة الاجتماع أيضاً ضمان مشاركة منصفة للمرأة في مناصب الولاة. ويواجه مجلس الوزراء ضغوطاً مكثفة من المجموعات النسوية والنشطاء في منظمات المجتمع المدني، بخصوص تمثيل المرأة بنسبة 40 في المائة لشغل مناصب حكام الولايات، والمجلس التشريعي الانتقالي.
وأفادت المصادر ذاتها بأن اللجنة الثلاثية المشتركة المكلفة من مجلسي السيادة والوزراء وقوى التغيير، بإجراء الاتصالات المباشرة مع الفصائل المسلحة في تحالف «الجبهة الثورية» للتشاور حول الخطوة لم تبدأ عملها بعد، موضحة أن مقترح الثورية بتكوين آلية رباعية لاختيار الحكام لم يناقش بعد.
وكانت «الجبهة الثورية» قد وافقت على تعيين حكام الولايات إلى حين الوصول إلى اتفاق سلام نهائي، مشترطة إشراكها في آليات الاختيار، وأن تتوفر معايير الكفاءة والخبرة الإدارية في المرشحين، مشيرة إلى أن التأكد من موافاة هذه المعايير والاشتراطات لا يتحقق إلا بأن تكون «الجبهة الثورية» شريكة في وضع أسس ومعايير الاختيار، وطرفاً في آلية اختيار الولاة وتشكيل المجلس التشريعي.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».