يدخل محمد رمضان البيوت عبر مسلسله الجديد «البرنس» بوصفه ابن البلد الجاد، والإنسان البار، ونصير المظلومين، والشخص الخلوق المتحمل مسؤولية من حوله مهما كلفه ذلك من صعاب، وهي «توليفة» من الصعب عدم الانحياز لها أخلاقياً وعاطفياً، ليضع الكثير من المشاهدين في حالة من الارتباك و«الازدواجية» أحياناً، فمحمد رمضان البطل الدرامي هنا، هو نفسه «نمبر وان» الذي يشغل الساحة العامة بالجدل الذي وصل إلى درجة دعوات المقاطعة له بعد سلسلة من الانتقادات التي طالت النجم المصري، لعل آخرها أزمة الطيّار الذي تسبب فيديو «قمرة الطائرة» في فصله عن عمله، ومظهره المنتقد في حفلاته الغنائية الصاخبة، وغيرها من الانتقادات التي غالباً ما يتفاعل معها رمضان باعتبارها ردود أفعال لكونه «ظاهرة».
ولعل تلك المفارقات الحائرة بين حياته العامة وشخصياته الدرامية، لم تبدأ فقط خلال هذا الموسم الرمضاني، فقد كرّس رمضان من خلال أكثر من عمل له لشخصية ابن البلد الشهم الذي يضطر إلى الانتقام كتصعيد مبرر لانقلابه من النقيض للنقيض، كما في مسلسلاته السابقة «زلزال»، و«الأسطورة» و«ابن حلال»، و«نسر الصعيد»، بينما يجعل في مسلسله هذا العام الانتقام ومسوغاته مرهونين بصراع الإخوة، الذي تصل دارميته إلى ذروة العداء.
ورغم أن صراع الإخوة ليس ثيمة مستجدة على الدراما، فإن التناول الدرامي لمسلسل «البرنس» يطرح صورة البطل الذي يحظى بمحبة والده الشديدة، بما يوغر صدور إخوته ضده فيكيدوا له بالانتقام؛ ما جعل البعض يربطون بين ملامح المسلسل واستلهام المغزى الإنساني من قصة سيدنا يوسف وكيد إخوته له، وهي مقاربة التقطها الكثير من المشاهدين على «السوشيال ميديا» وحتى النقاد، ومنهم الناقد الفني مجدي الطيب الذي لفت إلى هذه المقاربة، وأشار إلى أن اختيار مخرج المسلسل محمد سامي آية من سورة «يوسف» لتتلى في عزاء والد رضوان «الأسطى حامد» تأكيد لوجهة النظر تلك.
إلا أن مؤلف المسلسل ومخرجه محمد سامي لم يعلن عن اقتباسه لملامح مسلسله من ملامح قصة النبي يوسف وإخوته، وقال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إنه استلهم القصة من باب «بريد الجمعة» الشهير الذي كان يكتبه الصحافي الراحل عبد الوهاب مطاوع بجريدة «الأهرام» المصرية لسنوات طويلة، وكان يتواصل فيها الراحل مع القصص الإنسانية التي كان يرسلها له القراء، بما فيها من تعقيدات عائلية جمّة، ومنها التقط سامي، على حد تعبيره، فكرة مسلسل «البرنس»، الذي قضى نحو خمس سنوات في كتابته.
يظهر «رضوان البرنس» الفنان الشاب محمد رمضان، باعتباره آية في الاستقامة، والنبل والبر بوالده وإخوته وعائلته الصغيرة وأهل منطقته، يتوفى الأب مخلفاً وراءه مفاجأة وعبئاً كبيرين، بأن يخصّ ابنه رضوان من دون إخوته الستة بالميراث، فيستشيط إخوته غضباً وحقداً بسبب قرار الأب، رغم ما يستقر داخلهم من علم بأنهم لم يكونوا أبراراً يوماً بوالدهم، وبخلاف جميع الإخوة لا يقف بجانب رضوان سوى أخ وأخت يصغرانه سناً، اللذين قاما بدورهما الفنان الشاب أحمد داش، والفنانة الشابة ريم سامي في ظهور ومساحة تمثيلية مميزة لكل منهما.
يكشف السياق الدرامي بعد قرار الميراث عن خبايا نفوس الإخوة، الذين وصل بهم حد الكراهية لرضوان لذروتها، الذي يقرر تنفيذ وصية والده رغم تهديداتهم له ولزوجته (قامت بدورها الفنانة نجلاء بدر)؛ وهو ما يدفعهم لقرار قتله هو وأسرته بوحشية، حتى لا يبقى له من ورثة غيرهم.
يذاع المسلسل على فضائية «دي إم سي» المصرية، وهو من إنتاج شركة «سينرجي» تامر مرسي، ويحسب للمخرج محمد سامي الاستعانة في هذا العمل بعدد متميز من الفنانين من مختلف الأجيال، ليخلق في كثير من كادرات العمل ما يشبه المباريات التمثيلية بينهم، في خطوة تفسح للعمل مجالاً للخروج من جعبة «النجم الأوحد» للعمل وهو محمد رمضان، فتستطيع في المسلسل التوقف ملياً أمام دور كالذي لعبته الفنانة سلوى عثمان (زوجة والد رضوان) السيدة المبتلاة في قسوة أبنائها، حتى أنها استطاعت عبر مشهد «ماستر سيين» في المسلسل، أن تحقق ردود أفعال واسعة، حتى تحوّل اسمها إلى «ترند» تتداوله «السوشيال ميديا»، بسبب هذا المشهد، وهو الذي تكتشف فيه أن أبناءها هم من دبّروا مقتل زوجة أخيهم وابنه.
ويلفت الأنظار كذلك الفنان أحمد زاهر بدور «فتحي» وهو أخو رضوان الذي يتزعم حركة العداء والتحريض على قتله، وتسهم زوجته فدوى (الفنانة روجينا) في تزكية نار الفتنة وتحريضه على قتل رضوان، وهو دور تلفت به الفنانة روجينا الأضواء هذا العام، سواء بأدائها التمثيلي أو بهيئتها الصاخبة الجديدة عليها في الملابس والماكياج، في حين تطل الفنانة اللبنانية نور في المسلسل التي تحقق بحضورها الناعم والتلقائي حضوراً لافتاً في المسلسل، وهي في المسلسل تلعب دور جارته (علا) التي كان يحبها، لكنها تتزوج غيره، وتقع في مشكلات مختلفة ويظل رمضان هو «المنقذ» كواحد من الأدوار التي يحرص رمضان على الظهور بها في مسلسلاته. ورغم أن استعانة المخرج محمد سامي بحشد كبير من الفنانين المميزين في العمل، يعد إحدى نقاط القوة التي تحسب لمسلسله، فإنه وقع في فخ الإطالة لاعتماده في كثير من الأحيان على قوتهم التمثيلية.
ووفق الكاتب الصحافي والناقد الفني المصري عبد الله غلوش، فإن مسلسل «البرنس» يعد أفضل مسلسل رمضاني حتى الآن من حيث إيقاعه»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: إن المسلسل يعد كذلك أفضل أداء تمثيلي، خصوصاً فيما يتعلق بتوزيع الأدوار؛ إذ لم يجعل مخرج العمل، محمد رمضان هو البطل الوحيد من أول المسلسل لآخره كما في أعماله السابقة.
ويتوقع المشاهدون أنهم مقبلون على موجات انتقامية يقودها محمد رمضان بعد تدبير إخوته له الحادث الذي أودى بحياة زوجته وابنه، في «لعبة» انتقام التي سبق وأداها رمضان في أعماله السابقة.
ولعل هذه هي المرة الثانية التي يعمل فيها رمضان مع المخرج محمد سامي الذي قدم معه قبل سنوات مسلسل «الأسطورة»، ويظهر الشغف الشخصي لدى محمد سامي بالغناء وإخراج «الكليبات» في مسلسل «البرنس»، فهو يستعين بصوت الفنان أحمد سعد الشجي في غناء تتر المسلسل، وكذلك في بعض الأغاني التي يوظفها داخل الحلقات ضمن السياق الدرامي للعمل.
مسلسل «البرنس» ينجح في الخروج من دائرة «النجم الأوحد»
محمد رمضان يجدد مفارقات شخصيته العامة والدرامية
مسلسل «البرنس» ينجح في الخروج من دائرة «النجم الأوحد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة