استفاقت، أمس، منطقة كرويتسبيرغ في برلين وصداع اليوم الذي سبق كان شديداً. فالليلة الآفلة شهدت تجمعات كبيرة لأكثر من ألف شخص، للمرة الأولى منذ وباء كورونا وإجراءات العزل والتباعد الاجتماعي المفروضة. لم يحفظ المتظاهرون أي مسافة بينهم، وقلة كانت ترتدي الكمامات الواقية. ورغم محاولات الشرطة الكثيرة، فهي لم تتمكن من تفريقهم إلا بعد ساعات.
كانت تلك تظاهرات الأول من مايو (أيار) التي ينظمها اليساريون الناشطون بشدة في برلين، وهي تقليد سنوي مهم بالنسبة إليهم. وهذا العام، لم يدعوا وباء كورونا يوقف تظاهراتهم التي لم تكن مرخصة وخالفت قوانين التجمع المعمول به حاليا.
ولكن صباح اليوم التالي، بدأت المخاوف تتزايد من أن يصبح يوم الأول من مايو يوماً يسجل في العاصمة برلين على أنه كان النقطة الفارقة في انتشار هذا الفيروس بسرعة بين السكان. وصدرت صحيفة «تاغس شبيغل» واحدة من أبرز صحف برلين المحلية، بعنوان تتساءل: «هل تتحول كرويتسبيرغ إلى إيشغل برلين؟»، في إشارة إلى مدينة إيشغل النمساوية التي يعتقد أن أوائل حالات الإصابة بكورونا في أوروبا انتشرت فيها بين المتزلجين الذي يرتادون المنتجعات هناك، ومنها انتشر الفيروس في عدد من الدول الأوروبية.
ورغم أن ألمانيا اتجهت لرفع بعض إجراءات العزل مطلع الأسبوع، عبر فتح متاجر صغيرة وإعادة بعض الطلاب لصفوف الدراسة، فإن مخاوف صحية كثيرة تلازم هذه القرارات. ذلك أن فتح المتاجر وعودة الطلاب كانا مرهونين بشروط صعبة أحياناً خاصة على المدارس، تتعلق بحفظ المسافة وغسل اليدين المستمر، إلى جانب ارتداء الكمامات أثناء التسوق والتنقل في النقل العام. ومقابل هذا، ما زالت إجراءات التباعد الاجتماعي ومنع التجمعات الكبيرة، أي أكثر من 20 شخصا، قائمة.
ولكن واقع أن الوضع الصحي في ألمانيا أفضل بكثير من غيرها من الدول الأوروبية، بدأ يزيد الضغوط على الحكومة الألمانية لرفع المزيد من إجراءات العزل بسرعة أكبر. فحتى ظهر أمس كانت أعداد مجمل الإصابات بفيروس كورونا أكثر بقليل من 160 ألف إصابة، منهم أكثر من 130 ألفا تعافوا، ما يعني أن أعداد المصابين بهذا الفيروس حاليا قرابة الـ30 ألفا فقط.
ومعدل انتقال العدوى ما زال أقل من واحد، أي أن كل شخص ينقل العدوى لشخص آخر، وهو الوضع الذي تريد المستشارة أنجيلا ميركل أن يبقى على ما هو عليه، لأن أي ارتفاع فوق معدل الواحد قد يبدأ بإثقال النظام الصحي.
كل هذا دفع بأصحاب الصناعات التي ما زال غير مسموح لها بإعادة استئناف أعمالها، إلى دعوة الحكومة لتقديم خطة واضحة لها وتاريخ يمكنها أن تعيد فيه فتح أبوابها. وطالبت جمعية الصناعات الألمانية بخطة ملموسة من الحكومة، وقال رئيسها ديتر كامبف: «شركاتنا يجب أن تعرف في أي مراحل من الحياة الاجتماعية والاقتصادية يمكنها أن تبدأ مجددا»، مضيفاً أنه يجب وضع هكذا خطة بحلول 6 مايو عندما ستجتمع ميركل مجدداً مع رؤساء حكومات الولايات لتقييم الوضع، وحذر من أنه لو استمر الإقفال أكثر فإن عدداً كبيراً من الشركات ستفلس ولن يعود بالإمكان إنقاذها.
وكانت دراسة أجرتها 4 جمعيات بحث طبي، أوصت بتمديد إجراءات العزل بهدف إبقاء معدل الإصابة أقل من واحد، وفي الوقت نفسه توسيع قدرة إجراء فحوصات لاكتشاف الإصابات بالفيروس. وفي المرحلة الثانية، البدء برفع إجراءات العزل تدريجيا عندما تصبح لألمانيا القدرة على تتبع كل سلسلة إصابة.
وتجري حالياً ألمانيا قرابة الـ400 ألف فحص أسبوعياً، رغم أن القدرة المتوفرة لديها هي ضعف ذلك. وقبل يومين وافقت الحكومة على توسيع التوصيات التي ترسلها للعيادات والمستشفيات لإجراء الفحوصات، بهدف زيادة عدد الفحوصات الأسبوعية. وفي الوقت الحالي لا يجرى الفحص لتأكيد الإصابة بالفيروس إلا للأشخاص الذين ثبت أنهم جاؤوا على تواصل مع شخص مصاب، أو للأشخاص الذي يعانون من أعراض وهم من الفئة الأضعف، أي يعانون من أمراض مسبقة أو هم فوق سن الـ60.
على صعيد متصل، وضع حوالي ثلاثة آلاف من أفراد طاقم سفينة سياحية تابعة لشركة السياحة الألمانية العملاقة «تي أو إي» في الحجر الصحي بعدما ثبتت إصابة شخص واحد إصابته بفيروس كورونا المستجد، وفق ما أعلنت الشركة الجمعة. وأجري اختبار كورونا على 15 من أفراد طاقم سفينة الرحلات الترفيهية «ماين شيف 3»، بعدما ظهرت عليهم عوارض إنفلونزا خفيفة، وقد تبين إصابة أحدهم بمرض كوفيد - 19.
وقد عزل هؤلاء البحارة على متن السفينة في ميناء كوكسهافن في ألمانيا.
وأوضحت الشركة في بيان أن جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 2899 سيبقون في الحجر الصحي على متن السفينة «حتى إشعار آخر». وأضافت أن بعض أفراد الطاقم الذين غادروها قبل الثلاثاء الماضي، تاريخ وصولها إلى الميناء، استدعوا للعودة إلى السفينة.
وأشارت المجموعة الألمانية إلى أن السفينة السياحية كانت خالية من المسافرين. وأكد رئيس المنطقة كاي - أوفي بيليفيلد ورئيس بلدية كوكسهافن أنه «ليس هناك أي خطر على سكان مدينة ومنطقة كوكسهافن»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «مجموعة الأشخاص الذين صعدوا إلى السفينة من أجل إجراءات النزول عند وصول السفينة معروفون بدقة وكانوا مزودين بمعدات للوقاية الفردية».
مخاوف من انتشار جديد لـ«كورونا» في برلين عقب تجمعات عيد العمال
مخاوف من انتشار جديد لـ«كورونا» في برلين عقب تجمعات عيد العمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة