الوباء يفرض في إيران معادلات جديدة

الوباء يفرض في إيران معادلات جديدة
TT

الوباء يفرض في إيران معادلات جديدة

الوباء يفرض في إيران معادلات جديدة

فرضت جائحة «كورونا» معادلات جديدة على الخريطة السياسية الإيرانية وسط أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، تتفرع كل يوم جراء الانسداد الداخلي، ودخول التوتر الإيراني - الأميركي في نفق، يصعب التكهن بنهايته.
منذ تنفيذ الاتفاق النووي، لم تأخذ وعود الرئيس الإيراني حسن روحاني صبغة حقيقية، واصطدمت شعاراته الأساسية بـ«إنهاء العزلة وتحريك عجلة الاقتصاد» في موازاة دوران أجهزة الطرد المركزي، بأجندة عميقة تتمحور على محاولات التوسع في المحيط الإقليمي وتعزيز برنامج التسلح الصاروخي، بذريعة ردع التهديدات الموجهة لأصل النظام، وتتحكم بها أجهزة يقف على رأسها صاحب كلمة الفصل «المرشد» علي خامنئي.
بعد شهور على بداية ولاية روحاني الثانية، اهتزت البلاد جراء العسر المعيشي وأزمة البطالة، وتحركت الطبقة الفقيرة وفئات لا تنتمي إلى أي توجه سياسي، ضد سياسات النظام. وضاقت سبل العيش بوجه المواطن الإيراني، تدريجيا عقب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وإعادة العقوبات، والفساد الاقتصادي الذي ترك أثره على أسعار العملة وتدهور أحوال الأسواق.
وبذلك، تنوعت على مدى ثلاثة أعوام فصول المواجهة بين الشارع الإيراني والمؤسسة الحاكمة ومعها زادت القيود الأمنية على الناشطين السياسيين وطلاب الجامعات والأوساط العمالية، وحاصرت الأجهزة الأمنية الإنترنت ونشر المعلومة.

احتجاجات
قبل وصول «كورونا» إلى إيران، كانت هناك ملفات واحتجاجات. إذ أنه في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. أدى قرار مفاجئ للحكومة الإيرانية برفع أسعار البنزين إلى 300 في المائة إلى احتجاجات غاضبة بدأت في جنوب البلاد وامتدت إلى الوسط والمناطق الشمالية. واستخدمت قوات الشرطة مدعومة بالباسيج و«الحرس الثوري» وأجهزة الاستخبارات، الرصاص الحي ضد المتظاهرين واعتقلت المئات منهم. وبادرت السلطات في صباح اليوم الثاني لقطع الإنترنت في عموم البلاد وعادت الخدمة تدريجيا بعد أسبوع في الخط الثابت أما أجهزة الموبايل فلم تعد إلا بعد أسبوعين. وكشفت «رويترز» لاحقا أن نحو 1500 سقطوا في الاحتجاجات، أما منظمة العفو الدولية فأعلنت توثيق أسماء أكثر من 400 قتيل بينهم 23 طفلا. ورغم السخط الداخلي، وضغوط الأوساط السياسة، تقاذفت الأجهزة الإيرانية المعنية، مسؤولية إعلان العدد الحقيقي للقتلى والمعتقلين. ومنذ ذلك الحين تماطل الدولة الإيرانية في الكشف عن أرقام الضحايا والمعتقلين.

الطائرة الأوكرانية
في يناير (كانون الثاني) الماضي، أسقطت دفاعات الحرس الثوري، الطائرة الأوكرانية بعد لحظات قليلة من إطلاق «الحرس الثوري» صواريخ باليستية على قاعدتين تضمان القوات الأميركية في العراق ردا على مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. وأجبر «الحرس الثوري» على الاعتراف بإسقاط الطائرة، بعد معلومات غربية وضغوط داخلية. لكن اعتراف «الحرس» ونسف الرواية الحكومية، أديا إلى إشعال غضب الشارع الإيراني، وامتدت احتجاجات لفترة أسبوع في عدة مدن، وردد الإيرانيون هتافات غاضبة ضد كذب المسؤولين، وأحرقوا صور «المرشد» الإيراني وسليماني.
ومع تزايد الشكوك حول إسقاط الطائرة، طلبت دول معنية نقل الصندوقين الأسودين إلى الخارج، رفضت طهران ذلك في بداية الأمر، قبل أن تعلن موافقتها المفاجئة وسط جائحة كورونا: على طلب دولي بنقل الصندوقين إلى مختبر أوروبي. لكن مسار التحقيق تعطل مؤقتا بسبب الظروف الحالية، بالتزامن وردت تقارير عن مفاوضات يجريها وزير الخارجية، محمد جواد ظريف لحل المشكلة عبر القنوات الدبلوماسية.

الانتخابات التشريعية
واجهت الانتخابات التشريعية إقبالا باهتا من الإيرانيين، نتيجة الظروف الداخلية وإبعاد مرشحين مستقلين وإصلاحيين من الانتخابات. وفي طهران، شارك 25 في المائة من الناخبين حسب الإحصائية الرسمية، وسيطر المحافظون على أغلبية معاقد البرلمان. وسبق إعلان تفشي الفيروس، عملية الاقتراع بـ48 ساعة. ومع توسع انتشار «كورونا» تراجع الجدل حول نسبة المشاركة وتحفظ الأوساط السياسية على المسار الانتخابي. وتترقب الأوساط السياسية الشهر المقبل بداية البرلمان ذات الأغلبية المحافظة في ظل تكهنات بتغيير الدستور، تمهيدا لتغييرات أساسية في شكل المؤسسة الحاكمة. وواجهت الحكومة صعوبات في تمرير الموازنة الإيرانية خلال ثلاثة أشهر، إذ رفض النواب مسودة الموازنة وأعيدت للحكومة. وفي اللحظات الحاسمة من المشاورات حول التصويت النهائي، أجبر البرلمان على تعليق جلساته بعد إصابة عدد من النواب بالفيروس. وطلب روحاني من «المرشد»، استخدام جزءا من الموازنة في بداية السنة، وفقا للدستور، غير أن «المرشد» أصدر أوامر دولة بتمرير الموازنة دون الحاجة إلى تصويت البرلمان.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش الإسرائيلي يستعيد رفات جندي كان محتجزاً في غزة منذ 2014

الجندي الإسرائيلي أورون شاؤول (صحيفة «جيروزاليم بوست»)
الجندي الإسرائيلي أورون شاؤول (صحيفة «جيروزاليم بوست»)
TT

الجيش الإسرائيلي يستعيد رفات جندي كان محتجزاً في غزة منذ 2014

الجندي الإسرائيلي أورون شاؤول (صحيفة «جيروزاليم بوست»)
الجندي الإسرائيلي أورون شاؤول (صحيفة «جيروزاليم بوست»)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (الأحد)، استعادة جثة الجندي الإسرائيلي أورون شاؤول الذي كان محتجزاً في قطاع غزة منذ عام 2014، خلال «عملية خاصة».

وقال الجيش في بيان: «في عملية سرية خاصة... تم استرجاع جثمان الجندي المفقود أورون شاؤول، الذي سقط في معركة بحي الشجاعية (شمال القطاع) في 20 يوليو (تموز) 2014».

ومن جانبه، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعودة رفات شاؤول، وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن نتنياهو قال: «أحتضن أسرة شاؤول وقوات الدفاع، وأهنئ الشاباك وقوات الدفاع على شجاعتهم».

وأوضح أن صور شاؤول وزميله الجندي هادار جولدين، الذي احتفظت حركة «حماس» أيضاً بجثته لما يقرب من 9 أعوام «موجودة في مكتبه منذ أعوام، لتذكرني بمسؤوليتي لإعادتهم لوطنهم». وأضاف أن إسرائيل الآن «أكملت مهمة إعادة أورون، ولن نشعر بالراحة أو نصمت لحين إعادة رفات هادار جولدين، وسوف نستمر في العمل على إعادة جميع الرهائن الأحياء والأموات».