«العيش في زمن كورونا» خطوة سينمائية من وحي الجائحة

مبادرة تتضمن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجين لبنانيين

مشهد لكورنيش بيروت بكاميرا كارول منصور من فيلمها «كوفيديو - مذكرات»
مشهد لكورنيش بيروت بكاميرا كارول منصور من فيلمها «كوفيديو - مذكرات»
TT

«العيش في زمن كورونا» خطوة سينمائية من وحي الجائحة

مشهد لكورنيش بيروت بكاميرا كارول منصور من فيلمها «كوفيديو - مذكرات»
مشهد لكورنيش بيروت بكاميرا كارول منصور من فيلمها «كوفيديو - مذكرات»

مشاهد كثيرة طبعت حياتنا في زمن جائحة «كورونا» في لبنان، تصلح لتؤلف موضوعات أفلام سينمائية بالجملة. وبات كل يوم جديد يطل علينا بمثابة مساحة وقت إضافية نعتز بها. فهي تذكرنا بأنّنا اجتزنا المحنة بنجاح بعيداً عن خطر الوباء وتترسخ في أذهاننا كفسحة أمل من نوع آخر. وكم من مرة تساءلنا عمّا سيحمله فيروس «كورونا» إلى عالمنا؟ فماذا بعدها؟ وكيف سيترك آثاره علينا؟ وأفكار أخرى فيما سيتركه على عالم الفن من بصمات؟ وكيف ستتناوله أفلام هوليوود مثلاً؟ وكيف سيؤثر على الصناعة السينمائية؟ ولكن الردّ على هذه الأسئلة لا يزال غامضاً، ومن المبكر معرفته في ظل وباء عالمي لم تنتهِ مفاعيله بعد.
ولكن ما قام به خمسة من أبرز صناع أفلام السينما في لبنان من خلال خمسة أفلام قصيرة صوّروها في زمن الحجر المنزلي، تخْلص إلى عناوين أساسية لموضوعات مستقبلية. وكما زينة صفير وكارول منصور ولميا جريج كذلك عمد كل من المخرجين غسان سلهب ومحمود حجيج في هذه المبادرة إلى نقل تجارب إنسانية عاشوها في زمن «كورونا» كلٌّ على طريقته.
فساهموا في تسليط الضوء على قصص وروايات تتناول أوضاع الحياة اليوم كبديل لوسائل إعلام ونشرات أخبار لم يسبق أن تطرقت إليها. فعبّروا فيها عن أفكارهم وهواجسهم، وكذلك عن غضبهم ومخاوفهم، وعمّا يمكن أن تؤثر به هذه الجائحة على مستقبلهم.
واستغرقت هذه المبادرة لتنفيذها نحو أسبوع كامل، بعدما عرضت شركة (آي إم إس) صاحبة المبادرة على المخرجين الخمسة القيام بهذه الخطوة التي تعد الأولى من نوعها في لبنان في ظل زمن «كورونا». فصوّروا مشاهدهم من نوافذ منازلهم أو من سياراتهم، كما دارت كاميراتهم داخل بيوتهم، لتنقل واقعاً يعيشونه بتفاصيله الصغيرة كما ملايين الناس غيرهم على الكرة الأرضية.
وتقول زينة صفير صاحبة فيلم «إحساس غريب» الذي يندرج على لائحة الأفلام الخمسة المشاركة في المبادرة: «كان من السهل عليّ اختيار موضوع والدي الراحلين اللذين لا يزال طيفهما يسكن ذاكرتي حتى اليوم. وفي ظل الحجر المنزلي الذي مارسناه جميعنا، كان من البديهي أن ألملم أغراضهم مرة وأطل على صور فوتوغرافية ومقاطع فيديو سبق وصورتها لهم. فتكوّن عندي إحساس غريب باستذكارهما في زمن (كورونا) كأن كل الحزن والخوف اللذين ساوراني عندما كنت أهتم بهما في أثناء مرضهما لا يضاهي ما كان يمكن أن أعيشه فيما لو شهدا أيضاً خطورة هذا الوباء». وتتابع زينة صفير في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم هو كناية عن مذكرات لي أعدت كتابتها بكاميرتي. فهذا البركان الذي كان يغلي في داخلي منذ رحيلهما تفجّر بكل ما فيه من قوة ليشكل فكرة فيلمي (إحساس غريب)».
ويعدّ فيلم صفير من الأعمال المؤثرة ضمن لائحة الأفلام الخمسة التي تؤلف مضمون المبادرة. فهي تأخذنا لا شعوريا بكاميرا واقعية وقريبة من القلب إلى زوايا بيت العائلة، وكل ما يخيم عليه من سلام وهدوء وراحة بال. إنّه شعور الحنين الذي عادةً ما يتملكنا عندما نزور بيوت أهالينا. وتخبرنا زينة صفير خلال الفيلم عن معاناتها مع المستشفيات وتأمين الأدوية والعلاج لوالديها، رابطةً ما بين تلك الفترة وتلك التي يعيشها لبنانيون كثر اليوم في زمن الوباء.
وكانت الشركة المنظمة لمبادرة «العيش في زمن كورونا» (آي إم إس) قد وضعت شروطاً للمخرجين المتعاونين معها. فطالبت أن يُنتج كل مخرج عملاً يستغرق فقط خمس دقائق على أن يجري تصويره في مدة أسبوع واحد، وعلى أن يسمح بالاستعانة بشخص واحد فقط بدل فريق عمل. وعلى الرابط إلكتروني (Daraj.com) وُزّعت هذه الأفلام التي باستطاعة أي شخص مشاهدتها والتمتع بها.
وفي فيلم المخرجة كارول منصور بعنوان «كوفيديو – مذكرات» نستكشف إيقاع حياة يعيشها معظم سكان لبنان. فهم يبحثون عن كيفية تمضية وقت فراغ طويل فُرض عليهم، إمّا بممارسة ألعاب تثقيفية ترفيهية وإما بطرح أسئلة وجدانية على أنفسنا واستكشاف أمور كنا نجهلها عن حالنا، قبيل زمن الوباء. كما نغوص معها في تفاصيل حياتية تلامسنا عن قرب كونها تساورنا دون أن نتحدث عنها. وتحت عنوان «A covid - eo diary» تبدأ رحلتك مع كاميرا كارول منصور الواقعية لنشاهد البقال وطرقات كورنيش بيروت وأزقة الأشرفية وأحياء الجميزة في زمن الوباء. ولتتخللها مقاطع وتعليقات بصوت المخرجة تنقل لنا فيها مشاعر وأسئلة كثيرة تخالجها حول مستقبل غامض.
وتقول منصور: «لقد سعدت كثيراً بهذه التجربة سيما أنني قمت شخصياً بعمليات التصوير والمونتاج، وهي أعمال أعشقها في فن السينما. وما يراه المتفرج، خلال خمس دقائق، هو حقيقي وواقعي أردت التعبير عنه على طريقتي. وهناك عبرة استخلصتها من زمن الوباء، وهي أن الإنسان برأيي لم يتعلم أي درس في الحياة من كارثة (كورونا)؛ فلا تغييرات سنشهدها في علاقاتنا الاجتماعية، ولا في الروابط من اقتصادية واجتماعية وبيئية وغيرها. وهو عكس ما اعتقدته للوهلة الأولى من بدء الجائحة، إذ خيّل إليّ أن ما بعد (كورونا) لن يكون مشابهاً لما قبلها. ولكن مع الأسف، وحسب ما نراه، فإن الأمور بغالبيتها ستبقى على حالها».
وفي أفلام أخرى كتلك التي يخرجها غسان سلهب (النافذة الخلفية) نتابع وقع كاميرا تدور بصمت في يوم ممطر بين أحياء وشوارع خالية من ناسها ومصابة بالشلل. ويكتب في نهاية العمل «حلم بلا نهاية ولا هدنة إلى لا شيء». وتنقلنا لميا جريج ضمن فيلمها «ليال ونهارات في زمن الوباء» إلى مشاهد تعيشها في زمن «خليك بالبيت» وخارجه. وتعبر عن شوقها لتعود كائناً بشرياً عادياً، يلتقي أصدقاءه يضمهم ويقبلهم كما قبل الجائحة. أما محمود حجيج فيلقي الضوء على إحدى أكثر العادات شيوعاً بين الناس في زمن «كوفيد - 19» وهي تناول الطعام من دون توقف، ويخلص إلى القول: «الكثير يبدو كأنه لا شيء».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».