ألمانيا تشهد أول محاكمة علنية للنظام السوري في العالم

المحامي أنور البني لـ«الشرق الأوسط»: رسالة إلى رموزه بأنهم لن يفلتوا من العقاب

عنصر الاستخبارات السوري السابق إياد غريب يغطي رأسه في قاعة المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)
عنصر الاستخبارات السوري السابق إياد غريب يغطي رأسه في قاعة المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تشهد أول محاكمة علنية للنظام السوري في العالم

عنصر الاستخبارات السوري السابق إياد غريب يغطي رأسه في قاعة المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)
عنصر الاستخبارات السوري السابق إياد غريب يغطي رأسه في قاعة المحكمة الألمانية أمس (أ.ف.ب)

بدأت أمس في ألمانيا أول محاكمة علنية في العالم لانتهاكات منسوبة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مع مثول رجلين يعتقد أنهما ضابطان سابقان في الاستخبارات السورية أمام محكمة في كوبلنز. وقال المحامي السوري أنور البني لـ«الشرق الأوسط» بأنها «أول محاكمة علنية حيادية مستقلة بحق متهمين من النظام السوري بارتكاب جرائم»، لافتا إلى وجود ملفات أخرى غير علنية ضد مسؤولين في النظام أمام محاكم أوروبية عدة.
وحضر المشتبه به الرئيسي أنور رسلان (57 عاما) بصفته عقيدا سابقا في جهاز أمن الدولة وهو ملاحق بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. ويتهمه القضاء الألماني بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصا وعن تعذيب ما لا يقل عن أربعة آلاف آخرين من أبريل (نيسان) 2011 إلى سبتمبر (أيلول) 2012، في «فرع الخطيب» الأمني، الذي كان يديره في دمشق. كما مثل أمام محكمة كوبلنز إياد الغريب (43 عاما) الذي غطى وجهه بقناع، وهو متهم بالتواطؤ في جريمة ضد الإنسانية لمشاركته في توقيف متظاهرين تم اقتيادهم إلى هذا السجن بين الأول من سبتمبر و31 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.
وبعد سنوات على لقائهم الأول مع سجانهم في واحد من أبشع السجون السورية، «القسم ٢٥١» في دمشق، عاد معتقلون سابقون وواجهوا شبح الماضي. ولكن هذه المرة ليس في سوريا ودمشق بل في ألمانيا ومدينة كوبلنز في ولاية راينلاند بالاتينات. والأدوار هذه المرة كانت مقلوبة. وجدوا سجانهم السابق، الضابط في المخابرات السورية أنور رسلان، نحيفا، أنحف بكثير مما يتذكرونه. كانت يداه ترتجفان كذلك. ربما يعاني مرضا عصبيا. بدا مكسورا خلف الزجاج الذي جلس خلفه داخل قاعة المحكمة. وإلى جانبه، المتهم الثاني، المجند السابق إياد الغريب.
لم ينطق إلا بكلمتين ليذكر اسمه. وبقية الوقت، الساعة وربع الساعة التي استغرقتها تلاوة التهم من قبل الادعاء، كان يجلس بصمت وانكسار داخل علبة خشبية في قفص زجاجي. والمدعي العام يقول على مسامعه إنه متهم بتعذيب أكثر من ٤ آلاف معتقل، وقتل ٥٨ معتقلا آخر على الأقل بين أبريل (نيسان) ٢٠١١ وسبتمبر (أيلول) ٢٠١٢. قرأ أجزاء من شهادات ٢٤ ضحية، قال محامي الضحايا لاحقا بأنه وجد الاستماع إليها «مؤلما».
لم يشأ أن يرد على التهم فورا. طلب محاميه مهلة للرد كتابة. أما إياد الغريب، المتهم باعتقال عشرات المتظاهرين واقتيادهم إلى السجن الذي يديره رسلان حيث خضعوا للتعذيب، فرد محاميه برفض التهم على أساس أنها باطلة. فهي تنطلق من شهادة أدلى بها عندما وصل إلى ألمانيا لاجئا، واعترف في المقابلة التي أجرتها معه دائرة الهجرة بأنه عمل مع المخابرات السورية. ولكنه ظن، كما ظن البني، بأن الاعتراف والإعلان بأنه انشق وغادر يعني بأن التهم زالت. وكان رسلان قد اعترف كذلك بأنه كان ضابطا للمخابرات عندما وصل طالبا اللجوء في ألمانيا قادما من الأردن التي انتقل إليها بعد أن أعلن انشقاقه عن النظام والانضمام للمعارضة.
وأوضح البني المحامي السوري الناشط في هذه القضية والذي ساعد على جمع الشهود لـ«الشرق الأوسط» بأن «الاعتراف لا يعني بأن الذنب لم يعد موجودا». ومحامي الضحايا باتريك كروكر، متأكد من أن هذه المحاكمة ليست إلا البداية. وبالنسبة إليه فهي كانت «تاريخية لأنها المرة الأولى التي يواجه فيها مسؤولون من النظام السوري القضاء». كروكر مقتنع بدور رسلان المباشر في التعذيب، ويقول لمن يجادل بأنه غير متورط بشكل مباشر: «هناك أجزاء كبيرة من الدعوى حيث كان هناك تورط مباشر من المتهم وقانونيا حتى ولو لم يلمس أحدا شخصيا لا يعني بأنه لم يرتكب الجريمة».
أما المدعي العام لدى محكمة العدل الاتحادية جاسبر كلينغ فبدا متأملا من أن هذه المحاكمة ستؤدي إلى إدانات، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل ونعتقد أن التهم ستكون كافية وجيدة بالنسبة للمدعين والأدلة التي سنقدمها ستؤدي إلى إدانة». وأكد بأن القضية لا علاقة لها بالسياسة بالنسبة للقضاء الألماني: «بادرنا بالقضية لأننا في موقع مسؤول، وظيفتنا فتح التحقيق في حال حصولنا على أدلة تؤكد وفق القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية». وأضاف: «نحن جميعا مستقلون في النيابة العامة وقمنا برفع هذه الدعوى والآن وصلت إلى المحكمة العليا في كوبلنز وهي محكمة مستقلة كذلك ولذلك نحن مطمئنون أنه لن يكون هناك أي تدخلات سياسية، في ألمانيا القضاء مستقل وليس لدينا أي قلق في هذا الشأن». المدعي العام يبدو متأكدا كذلك بأن هذه المحاكمة لن تكون الأخيرة بحق مسؤولين في النظام السوري، وهو يقول: «إن توفرت لدينا أدلة كافية في المستقبل سنقوم بلاحقة أي شخص ارتكب جرائم حرب من عناصر في النظام السوري».
بالنسبة للشهود الضحايا، كان يوم أمس بالفعل يوما تاريخيا. فهم حضروا باكرا إلى المحكمة العليا في مدينة كوبلنز، قبل حوالي ساعة على بدء الجلسة الافتتاحية التي يحاكم رسلان، الذي كان مشرف على السجن في سوريا حيث قبعوا لأشهر يواجهون الضرب المبرح والصدمات الكهربائية والإهانات اليومية.
كان عشرات الصحافيين والسوريين يقفون بعيدين مترا ونصف المتر عن بعضهم في الخارج، ينتظرون الدخول إلى قاعة المحكمة. الحراس أمامهم يرتدون الكمامات، بالكاد أدخلوا جزءا صغيرا من المنتظرين. فالمقاعد داخل قاعة المحكمة قُلص عددها قبل أسبوعين بسبب فيروس كورونا.
وفيما راوح صف الانتظار مكانه، دخل من الباب الجانبي الشاهدان حسين غرير ووسيم المقداد، مع محاميهما باتريك كروكر من «المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان». بديا متوترين ومتحمسين في الوقت نفسه. لم يسمح للصحافيين بالحديث إليهم، لا عندما دخلوا ولا بعد أن خرجوا إثر انتهاء الجلسة الافتتاحية، خوفا من أن يقولوا شيئا قد يعرض شهادتهم للخطر. ولكن هما تحدثا بعد خروجهما قاعة المحكمة، وفي الوسط وقف المحامي ليتأكد من أنهما لن يجيبا على أسئلتنا.
بالنسبة للمقداد، هذه المحاكمة هي مهمة «ليس فقط للضحايا المباشرين ولكن لكل ضحية تعذيب في السجون السورية... من عاش منهم ومن توفي تحت التعذيب». أما الغرير، فقال بأن المحاكمة في الداخل جعلته يقارن بين وضع رسلان ووضعه عندما كان في السجن في سوريا، قائلا: «نسمع بالمحاكمة العادلة ولكن هذه المرة الأولى التي اختبر المحاكمة العادلة». ويضيف: «المحاكمة لا تكون عادلة إلا عندما يمكن للمتهم أن يتواصل مع محاميه وهو لديه محامٍ وهذا جعلني أقارن بوضعنا حيث كنا مجردين من كل حقوقنا وكانت أعيننا معصوبة كي لا نرى ما يحصل». ويختم متمنيا وآملا أن «تكشف كل الحقيقة في هذه المحاكمة»، ويقول: «ما نسعى له هو كشف الحقيقة عن التعذيب الممنهج في سوريا وما زال يمارس في سوريا حتى هذه».
وفر رسلان والغريب من سوريا ووصلا إلى ألمانيا حيث طلبا اللجوء على غرار مئات آلاف السوريين منذ تسع سنوات. وهما موقوفان قيد الحبس الاحترازي منذ اعتقالهما في 12 فبراير (شباط) 2019.
ويقول رسلان إنه انشق في أواخر 2012 وتفيد عدة وسائل إعلام أنه انضم إلى صفوف المعارضة في المنفى قبل أن يصل إلى ألمانيا في 26 يوليو (تموز) 2014. وهو يواجه عقوبة السجن المؤبد. وقال البني بأن المحاكمة لا علاقة لها بمواقفهما السياسية، بل إنها «تنظر باتهامات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وهي تمس النظام وسياسته المنهجية في ارتكاب جرائم حرب». وزاد: «لا علاقة بين الجانبين السياسي والقضائي». وأشارت مصادر سورية معارضة إلى قول المدعي الألماني أمس بأنه «لن يسمح لمن قام بهذه الجرائم والمسؤول عنها أن يفلت من العقاب».
وكان البني أول من أثار ملف التحقيق، باعتبار أنه تعرف على رسلان خلال لقائهما صدفة في مجمع للاجئين في ألمانيا في قبل خمس سنوات. وقال: «تذكرت أن وجه هذا الشخص مألوف لأنه هو ذاته الذي كان خطفني واعتقلني في منتصف 2006 في دمشق». وزاد: «أتذكر عندما رفع عناصر دورية الأمن الغطاء عن رأسي لتسليمي إلى الشرطة، أني شاهدت وجه رسلان الذي كان رئيس الدورية». ومن المقرر أن يقدم ضابط التحقيق بإفادات أمام المحكمة الألمانية اليوم.
ومن المتوقع أن تُعرض خلال المحاكمة صور من بين آلاف التقطها مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف عنه باسم مستعار هو «قيصر»، تمكن من الهرب من سوريا صيف عام 2013 حاملا معه 55 ألف صورة.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».