​شبح تداعيات اقتصادية يحدق باليمن بعد الضربات الإسرائيلية

مخاوف من استهداف المنشآت الحيوية ومحاصرة موانئ الحديدة

صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
TT

​شبح تداعيات اقتصادية يحدق باليمن بعد الضربات الإسرائيلية

صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)
صورة وزعها الإعلام الحوثي عقب الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

بينما كان يتوقع المراقبون أن تستهدف أي غارات إسرائيلية مواقع عسكرية حوثية ردا على مهاجمة تل أبيب، إلا أن الهجوم استهدف منشأة اقتصادية تتمثل في خزانات الوقود في ميناء الحديدة (غرب اليمن) وهو ما تسبب في أزمة وقود حادة ظهرت ملامحها خلال الساعات الأولى، وسط خشية من تفاقم الأزمات المعيشية التي تعيشها البلاد.

وبرر الجيش الإسرائيلي، هجماته، السبت، على ميناء الحديدة، بأنه المنفذ الذي تستقبل الجماعة من خلاله الإمدادات والمعدات العسكرية لتنفيذ هجماتها، وذلك بعد الهجوم المميت بالطائرة المسيرة في قلب العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، وهو الهجوم الذي تبنته الجماعة الحوثية ولوحت إسرائيل بالرد عليه مباشرة.

عمال يفرغون حاوية من سفينة تجارية في ميناء الحديدة الذي يعد أحد أكبر موانئ اليمن وأكثرها حيوية (رويترز)

وألحقت الضربات الإسرائيلية خسائر وأضراراً كبيرة بالميناء وخزانات الوقود فيه، ما أدى إلى أزمة وقود حادة في كثير من المدن اليمنية الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية، فبحسب مصادر مطلعة؛ استهدفت الغارات 20 خزاناً للوقود من أصل أكثر من 82 خزاناً في الميناء، إضافة إلى وجود منشآت للتخزين بميناء رأس عيسى شمال الحديدة ومنطقة كيلو 18.

ويتوقع الباحث الاقتصادي نجيب العدوفي أن تؤثر هذه الضربات على الحالة المعيشية داخل البلاد التي تستورد ما يقارب 90 في المائة من احتياجاتها من الوقود والأغذية والمواد الأساسية، ويعد ميناء الحديدة أحد أهم الموانئ التي تستقبل هذه المواد، وهو ما سيؤدي إلى زيادة المخاطر على النقل البحري.

ويخشى العدوفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن تتسبب هذه المخاطر في عزوف شركات النقل عن إرسال سفنها إلى اليمن، أو أن تعمل إسرائيل على توسيع عملياتها ضد الجماعة الحوثية إلى تنفيذ حصار بحري، ما سيؤدي إلى مزيد من الإضرار بالمدنيين حتى في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي ستتأثر موانئها من استمرار الهجمات أو حدوث الحصار.

كارثة مرهونة بالتصعيد

تزداد المخاوف من أن تكون الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة مقدمة لعمليات واسعة وحصار بحري، خصوصاً مع إعلان الجماعة الحوثية استعدادها للرد والدخول في مواجهة مفتوحة، وهو ما يهدد اليمنيين بمزيد من المعاناة المعيشية.

ويرى الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي أن تأثير الغارات الإسرائيلية سيكون محدوداً من الناحية الاقتصادية إذا توقفت عند هذا الحد، ولم تتطور إلى مزيد من العمليات العسكرية، واستهداف مزيد من المنشآت الاقتصادية.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي بدأ الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر بقرصنتها تحت مزاعم دعم قطاع غزة المحاصر (إ.ب.أ)

ويوضح المساجدي لـ«الشرق الأوسط» أن الغارات أخرجت ربع خزانات الوقود في الحديدة وموانئها، ومنشأتين لتفريغ الحاويات لم تدخلا الخدمة بعد، ما سيؤدي إلى تأخير تفريغ ناقلات النفط، وزيادة في تكاليف انتظارها على السعر النهائي للوقود.

لكنه يعود ويستدرك أن التأثيرات ستظهر في نقص الواردات إلى الميناء، وفي حال استمر التصعيد وتم استهداف منشآت جديدة للميناء وازدادت مخاطر الملاحة في موانئ الحديدة، ستتفاقم الكارثة الإنسانية مع صعوبة الاستيراد لتموين السوق المحلية بحاجتها من السلع الغذائية والوقود إضافة إلى ارتفاع أسعارها.

من جهته، يبدي الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب يوسف المقطري مخاوفه من عدم قدرة ميناء عدن على تغطية الحاجة إلى إمدادات سلاسل الغذاء نتيجة لما يمر به الميناء من حالة تدهور في خدماته، وتراجع كفاءة منشآته، وعدم التوافق على إدارته وإدارة موارده من قبل القوى التي تتشارك قوام الحكومة الشرعية.

ويبين المقطري لـ«الشرق الأوسط» أن التأثيرات المتوقعة للهجمات ما زالت قيد الاحتمالات بحسب حجم التصعيد والنيات الإسرائيلية ورد الفعل الحوثي، محذراً من كارثة إنسانية في حال استمرار التصعيد، واستهداف منشآت حيوية أخرى وإعلان حصار بحري.

سفينة راسية قبالة ميناء عدن الذي يخشى خبراء الاقتصاد عدم قدرته استيعاب الحاجة إلى الإمدادات في حال توقف ميناء الحديدة عن العمل (رويترز)

وينوه إلى أن تكلفة التأمين البحري والنقل سترتفع مجدداً بعد هذه الغارات، بعد أن كانت قد ارتفعت خلال الأشهر الماضية بسبب توترات البحر الأحمر، كما سترتفع تكلفة النقل البري بين المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية والواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

تحديث الموارد الحوثية

شهدت المدن الخاضعة للجماعة الحوثية مخاوف شديدة من حدوث أزمات في الوقود والمواد الأساسية، ورغم إعلان الجماعة عدم تأثير الضربات على مخزونها من الوقود، فإن المخاوف من حدوث أزمات حادة لم تتراجع.

وتراجع الزحام حول محطات الوقود إلى حد ما، في حين لجأت أعداد كبيرة من السكان إلى شراء المواد الغذائية بكميات تفوق احتياجاتها، وذكرت مصادر مطلعة في عدد من المدن أن عدداً من الموظفين والعمال اضطروا إلى الاستدانة بضمان رواتبهم لشراء المواد الضرورية.

الحرائق في ميناء الحديدة إثر غارات إسرائيلية استمرت طوال الليل (رويترز)

وينوه أكاديمي وباحث اقتصادي في جامعة صنعاء، إلى أن الضربات الإسرائيلية ستؤدي بالضرورة إلى تصعيد الجماعة الحوثية من ممارساتها للحصول على مزيد من الموارد، وستذهب إلى فرض مزيد من الجبايات والإتاوات تحت أسماء مختلفة.

ويشير الأكاديمي، الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته حفاظاً على سلامته نظراً لإقامته تحت سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن تحول نقل إمدادات الغذاء والمواد الأساسية إلى الموانئ الواقعة تحت إدارة الحكومة الشرعية سيدفع الجماعة الحوثية إلى محاولة تعطيل هذه الموانئ للمساومة على مواردها، وإجبار الحكومة على تسليمها إليها.

وبحسب الأكاديمي، ستلجأ الجماعة إلى الحصول على موارد من المنافذ البرية التي تسيطر عليها ما سيؤدي إلى رفع الأسعار بشكل كبير، متوقعاً أن تؤثر الجبايات المفروضة في تلك المنافذ على أسعار السلع بشكل أكبر من تأثير ارتفاع تكاليف النقل البحري.

ويرى المتابعون أن الغارات الإسرائيلية كانت أشد قسوة وتأثيراً على مقدرات الجماعة الحوثية من الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة تحت راية «تحالف الازدهار» الذي نشأ أواخر العام الماضي لمواجهة هجمات الجماعة على السفن الملاحية في البحر الأحمر.

وتعدّ الغارات الإسرائيلية حدثاً نوعياً في مسار الصراع في اليمن من جهة، والصراع في الشرق الأوسط من جهة أخرى، بعد أشهر من ادعاءات الجماعة الحوثية بمناصرة أهالي قطاع غزة المحاصر، وتصعيد المواجهة بين إسرائيل وأذرع إيران العسكرية في المنطقة خلال الأشهر الماضية، وهي المواجهة التي لم تخفف من معاناة أهالي القطاع.


مقالات ذات صلة

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

العالم العربي مسلحون حوثيون يشاركون في تظاهرة باليمن (د.ب.أ)

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الثلاثاء، استهداف سفينة شحن في البحر الأحمر، غداة تقرير من «مركز المعلومات البحرية المشترك» عن انفجارين منفصلين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)

«استهلاك الغذاء السيئ» غير مسبوق بمناطق سيطرة الحوثيين

بلغ «استهلاك الغذاء السيئ» في جميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين مستوى قياسياً، وتجاوز المرحلة «المرتفعة جداً».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (رويترز)

انقلابيو اليمن يفتعلون أزمة غاز الطهي في إب

يعاني أغلبية السكان في محافظة إب اليمنية منذ أسبوع من انعدام شبه كلي لغاز الطهي، وسط اتهامات لقيادات رفيعة في جماعة الحوثيين بالوقوف وراء اختفاء المادة الحيوية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الواقع في موقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي بالبحر الأحمر، تتجه الأنظار نحو أبرز تحديات تواجهها المنطقة منذ بداية العام مع توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا تضمن لها منفذاً بحرياً، التي عدّتها مقديشو «باطلة وتمس سيادتها».

إعلان المفوضية الانتخابية في «أرض الصومال»، الثلاثاء، فوز المعارض عبد الرحمن عرو، يحمل، حسب خبراء في الشؤون الأفريقية تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فرصاً لإمكانية التراجع عن مسار تلك المذكرة، وفتح أوجه تفاهمات مع مقديشو ستقابل بـ«ضغوط إثيوبية» للاستمرار فيها أو البحث عن منفذ بحري آخر بدولة جوار لغلق هذا التوتر بمنطقة القرن الأفريقي، الذي تصاعد منذ بداية العام وسمح بوجود قوات مصرية، ترفضها أديس أبابا، ضمن قوات حفظ السلام بالأراضي الصومالية.

وعقدت إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال»، اتفاقاً مبدئياً مطلع العام تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق لتوتر بمنطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها، توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029، بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

وأعلنت المفوضية الانتخابية في «أرض الصومال»، الثلاثاء، انتخاب عبد الرحمن محمد عبد الله «عرو»، مرشح حزب «وطني»، رئيساً جديداً بعد أيام من إجراء الانتخابات في 13 نوفمبر الحالي، بنسبة بلغت 63.92 في المائة من الأصوات، متغلباً على الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي مرشح حزب «كولميه» (التضامن) الحاكم، الذي حصل على نسبة 34.81 في المائة من مجموع الأصوات، في حين حصل فيصل علي حسين (وارابي) مرشح حزب «العدالة والرفاهية» على 0.74 في المائة من الأصوات، وفق ما نقلته وسائل إعلام صومالية محلية.

ونقلت «وكالة الأنباء الصومالية» الرسمية، فوز عِرو في الانتخابات، مشيرة إلى أنه «أصبح الرئيس السادس لإدارة (أرض الصومال)، المحافظات الشمالية للبلاد»، في إشارة لتمسك مقديشو بأن إقليم الصومال من ضمن حدود الدولة.

وأشار تلفزيون «فانا» الإثيوبي، التابع للدولة، عبر موقعه الإلكتروني إلى فوز عرو، متوقعاً أن «يحدد الرئيس المنتخب أولوياته خلال الأيام المقبلة، في ظل تطلعات (أرض الصومال) لتحقيق التنمية والسعي للحصول على الاعتراف الدولي»، في إشارة لدعم مسار الانفصال عن الصومال.

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإنه من الصعب التكهن حالياً بتداعيات فوز مرشح المعارضة على مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا، موضحاً أن «عبد الرحمن عرو خلال مقابلات سرية جرت في مدينة نيروبي مع أعضاء من الحكومة الفيدرالية الصومالية، والتي يعتقد أنها موّلت حملته الانتخابية، تعهد بأنه سيلغي مذكرة التفاهم». وهي لقاءات لم تعلن عنها مقديشو أو حملة عرو حتى الآن.

واستدرك إبراهيم: «لكن كانت هناك تحركات إثيوبية في الأيام الأخيرة في مدينة هرجيسا العاصمة، مما يجعل ممكناً أن يتغير موقف عرو الذي يوجد تفاؤل عام بأن فوزه سيعزز سياسة المصالحة».

ويتوقع المحلل في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أيضاً أن «فوز عرو ستكون له انعكاسات وتأثير مباشر على مذكرة التفاهم بخاصة وهي أبرز تحديات التي واجهت الإقليم في رئاسة سلفه».

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن «فوز زعيم المعارضة في (أرض الصومال)، بمثابة انقلاب سياسي كبير في هذا الإقليم الطامح للاستقلال منذ عام 1991، خاصة أنه اكتسب هذه الشعبية الجارفة والتي أهلته للفوز بسبب أن برنامجه الانتخابي كان يقوم في الأساس على رفض التدخلات الخارجية، وإعادة النظر في مجمل الاتفاقات التي تمت في عهد سلفه».

وفي 5 نوفمبر، قال عرو في تصريحات نقلها إعلام صومالي، إن «حزبه لم يطلع على مذكرة التفاهم التي أبرمتها حكومة (أرض الصومال) مع إثيوبيا؛ حيث لم يتم عرضها على البرلمان كما كان المطلوب»، لكنه أكد في الوقت نفسه «أنه سيلتزم أيضاً بالاتفاقيات التي وقعتها الحكومة وبكل ما يساهم في تطوير (أرض الصومال)»، ووعد بـ«بناء (أرض الصومال) المتصالحة مع نفسها ومع العالم».

وقدم رئيس الصومال حسن شيخ محمود، في بيان صحافي، الثلاثاء، التهنئة إلى «الرئيس المنتخب لـ(أرض الصومال)»، مؤكداً «التزام الحكومة الفيدرالية بإتمام المفاوضات الثنائية التي تصب في صالح تنمية ووحدة البلاد».

وباعتقاد مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، أنه إذا سارت الأمور إلى «إلغاء مذكرة التفاهم من أي طرف من الأطراف المعنية، فإن منطقة القرن الأفريقي ستتجه إلى تعاون واستقرار».

ولا يختلف تورشين مع هذا المسار، مرجحاً أن «يسهم إلغاء الاتفاقية في تهدئة الأوضاع بالمنطقة، وتضييق الخناق على إثيوبيا»، مستدركاً: «لكن أديس أبابا ستتحرك للحفاظ على المذكّرة وكذلك الصومال ستحاول إيجاد مقاربة لمزيد من الاستقرار».

وكشفت حكومة جيبوتي عن تقديم عرض الوصول الحصري لإثيوبيا إلى ميناء جديد لنزع فتيل التوترات، وفق ما أفاد وزير الخارجية الجيبوتي محمد علي يوسف، في مقابلة مع إذاعة «بي بي سي» في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وحسب عبد الناصر الحاج، فإن «عرو سيواجه تحديات كبيرة فيما يخص تجاوز عقبات الاتفاقات القديمة، إلا أن ذلك يتوقف على مدى نجاحه في تحقيق اختراقات ملحوظة في عدد من الملفات الداخلية، مثل محاربة الفقر والفساد وترسيخ دعائم الأمن الداخلي في الإقليم».

ويتوقع أن «يظل الاتفاق المبرم مع إثيوبيا محل إعادة نظر في فترة ولاية عرو»، مرجحاً أن «يسلك استراتيجية أخرى لنيل الاعتراف الدولي، تقوم على تهدئة الخطاب السياسي تجاه مقديشو، وإرسال رسائل تطمينية لها، بغية حثها على الاعتراف بـ(أرض الصومال) دولةً مستقلة، مقابل الوصول لصيغة قانونية جديدة معترف بها دولياً تحكم العلاقة بين المنطقتين، مثل صيغة الاتحاد الفيدرالي على سبيل المثال».

ويستبعد الحاج أن «تنجح التحركات الإثيوبية في تحييد مسار السياسة الداخلية التي يتبناها عرو، إلا في حال واحدة فقط، وهي أن ترفض مقديشو أي تفاهمات مستقبلية تمنح أرض الصومال الاعتراف بالاستقلال عنها»، مضيفاً: «في هذه الحالة سيُضطر عرو للعب بورقة إثيوبيا في مقابل اتفاق التعاون العسكري المبرم بين القاهرة ومقديشو».