تونس تعيش التقارب العائلي في ظل التباعد الاجتماعي خلال رمضان

بائع تمر تونسي
بائع تمر تونسي
TT

تونس تعيش التقارب العائلي في ظل التباعد الاجتماعي خلال رمضان

بائع تمر تونسي
بائع تمر تونسي

تجمع العائلات التونسية على أن رمضان هذه السنة لن يكون مثل غيره من أشهر الصيام في تونس وبقية دول العالم الإسلامي بعاداتها التي لا يخلو منها أي بيت، فأفراد العائلة باتوا شبه محاصرين في ديارهم وما عليهم إلا تعديل عاداتهم الاجتماعية وإيجاد فرص تواصل اجتماعي مختلفة عما اعتادوه منذ عقود من الزمن. ودأبت العائلات التونسية على التزاور وتقاسم الحلويات التونسية اللذيذة وقضاء سهرات عائلية لتمتين أواصر القرابة ولتعيد الود بين مختلف العائلات.
وأفادت أكثر من عائلة تونسية بأنها ستعيش رمضان هذه السنة بطريقة مختلفة، وأن رمضان الكريم سيحافظ على مكانته الروحية الكبرى على الرغم من الظروف الصحية والأمنية الاستثنائية. وقبل يوم من مشاهدة هلال رمضان، بدت الحركة في الأسواق وأمام المتاجر أكثر من الأيام الماضية وباتت الألفة أكثر وعمّ الاحترام بين الجميع نتيجة تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي المتخذ من قبل السلطات التونسية.
ومن خلال جولة في بعض أسواق الخضراوات واللحوم والمنتجات الغذائية المختلفة، لاحظت «الشرق الأوسط» جنوح عدد من العائلات إلى ملء عدد من السلال الموجهة إلى العائلات الفقيرة من خلال عدد من المنتجات التي جمعت في ركن «المساعدات الاجتماعية»، وهو ما قد يخفف من معاناة العائلات الفقيرة. وتدرك تلك العائلات أن الكثير من التونسيين يعيشون في ضائقة مالية نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي وضعف الأنشطة خاصة التي هي على ملك أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وبشأن عادات رمضان هذه السنة وما ستفعله العائلة في ظل الحجر الصحي وحظر التجول، أكدت شاذلية المجري (موظفة) أنها انضمت إلى مجموعة اتفقت على ختم القرآن الكريم خلال أيام الشهر الفضيل أي أن كل عضو منضم إلى المجموعة يقرأ (جزءا من أجزاء) الكتاب الكريم خلال ساعات النهار إلى أن يختموا القرآن جماعة.
وأضافت أن أفراد العائلة سيعملون على إقامة صلوات التراويح في المنزل في ظل الحجر الصحي الشامل، وهي فرصة للم الشمل وفرض التقارب العائلي في ظل التباعد الاجتماعي مع مراعاة المخاطر المحتملة للوباء.
واتفقت بعض النساء على الالتقاء ليلا على الرغم من الحجر الصحي مع احترام قوانين التباعد الاجتماعي، وقالت نبيلة الشواشي (ربة بيت) إن تراجع الحركة خلال ساعات اليوم نتيجة تأثير الصيام سيقابل بالحركة الدؤوب خلال ساعات الليل، ولكن الأمر سوف يصطدم بحظر التجول الذي يبدأ في تونس من الساعة الثامنة ليلاً إلى غاية الخامسة صباحا. وما على العائلات إلا الالتفاف قليلاً على هذا الحجر وضمان زيارات عائلية للجيران الأكثر قرباً بعضهم من بعض مع مراعاة الجوانب الصحية. وربما تقع برمجة بعض حصص المشي لمدة زمنية مقبولة (حوالي الساعة) من أجل المحافظة على الصحة وضمان العافية.
وأكد عدد من ساكني الأحياء القريبة من العاصمة على ضرورة برمجة حصص مشي خلال ساعات الليل، وأنه من الأجدى لو أخرت السلطات حظر التجول إلى الساعة الحادية عشرة ليلا حتى تتمكن العائلات من فسحة قليلة لهضم الأطباق الرمضانية الشهية وضمان الصحة للجميع.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.