عانى مخرجو الأعمال الدرامية الموجّهة لشهر رمضان من ضياع فرصة استكمال الحلقات الأخيرة من تلك الأعمال؛ إذ إن معظم الطاقم الفني من مصورين وممثلين انطلقوا متأخرين في عمليات التصوير وفاجأهم قرار الحجر الصحي وأدخل اضطراباً كبيراً على رزنامة إنجاز تلك الأعمال. ورجع كثير من المخرجين إلى مسلسلاتهم القديمة ليضيفوا لها أجزاء جديدة؛ اعتباراً لأن الشخصيات ومختلف مناخات العمل الدرامي معروفة خلال الجزء الأول ومن اليسير إكمال مسلسل الأحداث بدل خلق شخصيات جديدة.
وأدى هذا الوضع إلى تقلص عدد الأعمال الدرامية التي ستعرضها القنوت التلفزيونية التونسية خلال شهر رمضان الحالي، وسيطرت النزاعات القانونية والإدارية على مراحل إنجاز هذه الأعمال نتيجة ضغط الوقت وضغوط الظرف الاستثنائي الذي سيطر على البلاد ومنع معظم الأعمال التلفزيونية من استكمال حلقاتها وإعداد دراما مقبولة لدى العائلات التونسية.
وسيطر النزاع القانوني على أحقية بثّ مسلسل «قلب الذيب» بين قناة «الوطنية» الأولى الحكومية، وقناة «الحوار» الخاصة، على المشهد خلال الأيام لأخيرة، وانتهى بإلزام التلفزة الحكومية بعدم بثّ هذا المسلسل، وتضمن الحكم القضائي عبارةَ وعلى «الأحرص من الطرفين القيام بقضية في الأصل بعد رفع الحجر الصحي». وكانت التلفزة الوطنية الحكومية قد شرعت في بثّ ومضات إشهارية حول المسلسل، وهو ما كان بمثابة الصدمة لبرمجتها الرمضانية الحالية. ويضيء هذا المسلسل فترة من فترات الحركة الوطنية التونسية في مواجهة الاستعمار الفرنسي، ويوثق التضحيات التي قدمها التونسيون ثمناً لحصولهم على الاستقلال.
وفي هذا الشأن، قال إلياس الجراية، مدير الاتصال بالتلفزة الوطنية، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ المؤسسة «تنأى بنفسها عن أي تصريحات جانبية أو تحويل المنابر الإعلامية لدرجة من درجات التقاضي للتأثير على السير العادي للقضاء التونسي وتوجيه الرأي العام، في انتظار الفصل بالقضية، والمؤسسة على ثقة في العدالة التونسية»، على حد تعبيره.
من ناحيته، قال منير بن صالحة، محامي الشركة المنتجة لمسلسل «قلب الذيب»، إنّ قرار المحكمة بمنع بثّ المسلسل «غريب؛ لأنّ العقد المبرم بين قناة (الحوار) والشركة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير مسجل بمصالح القباضة المالية وغير محرر باللغة العربية أو مترجم إلى العربية»، وهي عيوب شكلية تسقط الملف برمته ولا يمكن لقناة «الحوار التونسي» التمسك بعرض المسلسل على شاشتها. وعدّ أن مسلسل «(قلب الذيب) عمل درامي رائع وممتاز»، وأن قرار المنع خسارة لكل الأطراف المتنازعة: قناة «الحوار»، والقناة «الوطنية»، والشركة المنتجة، والممثلين.
وخلال شهر رمضان الحالي يُنتظر عرض مسلسلي «دنيا أخرى» و«أولاد مفيدة» في جزء خامس على قناة «الحوار التونسي»، (قناة خاصة)، ومسلسل «نوبة 2» على قناة «التاسعة» الخاصة. وبالنسبة للتلفزة الوطنية الحكومية، فقد انطلقت في بثّ ومضات إشهارية لمسلسل «27» للمخرج التونسي يسري بوعصيدة. ويروي هذا المسلسل بطولات الجيش التونسي ويطرح قضايا مهمة مثل «تغول» الفساد والارتباط الوثيق بين التهريب والإرهاب. وفي هذا الشأن، قال المخرج يسري بوعصيدة لـ«الشرق الأوسط» إنّ إعداد المسلسل جرى في إطار من الألم نتيجة صعوبة استكمال الحلقات الأخيرة.
وغالباً ما تكون المنافسة شديدة بين قنوات التلفزة الحكومية والخاصة، لأنّ العائلات التونسية تتابع من كثب الأعمال الدرامية المحلية، مما يعني بالنسبة لتلك القنوات الحصول على موارد مالية مهمة متأتية من عائدات الإشهار.
الدراما التونسية تلجأ إلى أجزاء جديدة من مسلسلاتها القديمة
الدراما التونسية تلجأ إلى أجزاء جديدة من مسلسلاتها القديمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة