القهوة روتين يومي لا ينقطع لسكان نيويورك

مقاهي نيويورك لا تزال تخدم زبائنها (نيويورك تايمز)
مقاهي نيويورك لا تزال تخدم زبائنها (نيويورك تايمز)
TT

القهوة روتين يومي لا ينقطع لسكان نيويورك

مقاهي نيويورك لا تزال تخدم زبائنها (نيويورك تايمز)
مقاهي نيويورك لا تزال تخدم زبائنها (نيويورك تايمز)

بالنسبة للعديد من سكان نيويورك، فإن طقس تناول قدح من القهوة يوميا هو من سمات الرفاهية المتبقية في زمن التباعد الاجتماعي.
ففي عطلات نهاية الأسبوع يصطف الناس على بعد 6 أقدام بين كل شخص وآخر خارج المقاهي التي تقدم مشروبات الكابتشينو والموكا الساخنة، فيما تواصل مقاهي «بودجيز» تقديم أقداح القهوة إلى روادها وإلى زبائنها الجدد على حد سواء، فيما تتلقى بعض الشركات طلبات القهوة لترسلها إلى المنازل. (في نيويورك، تندرج المقاهي تحت بند «تجارة التجزئة الأساسية»، والتي تشمل محلات البقالة والمطاعم والحانات).
وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة «واليت هاب» البحثية، يجري تزويد مدينة نيويورك بكميات من القهوة بوتيرة تجعل نصيب الفرد في اليوم يفوق أي مدينة أخرى في الولايات المتحدة. ولذلك فقد استمر شعار قدح القهوة المدون عليه باللونين الأزرق والأبيض عبارة «نحن سعداء لخدمتكم» رمزا خالدا للمدينة.
في مشهد معبر عن الوضع الحالي، بثت الممثلة غلين كلوز أغنية عاطفية قصيرة على «إنستغرام» تقول كلماتها «أفتقد المقهى الصغير الرائع القريب من بيتي». والآن بعد أن أغلقت العديد من تلك المحال بشكل مؤقت أو دائم، أصبح كوب قهوة الصباح يمثل شيئا أكثر من مجرد الطعم، وهو دعم الأعمال التجارية المحلية مع الحفاظ على شعور الروتين اليومي منذ الاستيقاظ في الصباح.
في السنوات التي سبقت الوباء، كانت ليزلي بيرسون (47 سنة) تأخذ بيد ابنها لتسير على امتداد الشارع حيث تقع شقتها في حي «هارلم» إلى مقهى «لينوكس» عدة مرات كل أسبوع، وكان مصدر سعادتها أن العاملين في المتجر «يتذكرون ابنها منذ كان طفلا صغيرا وأنهم شاهدوه يكبر أمامهم».
في أيامنا الحالية، أصبحت زيارة المقهى فرصة للحفاظ على الشعور بالحياة الطبيعية والاختلاط، ولو لفترة وجيزة. وفي هذا المعنى، قالت المحامية بيرسون، «أنا أم عزباء، طفلي عمره 7 سنوات، لذا فإن مجرد الخروج والدردشة قليلا أمر لطيف للغاية».
تذهب نويل كانسي إلى مقهي «كينشيب كوفي» في حي «كزينز» مرة كل أسبوع برفقة خطيبها لارتشاف كوب سريع من القهوة وللاستمتاع بقدر من «التفاعل الاجتماعي مع شخص غير الذي تعيش معه».
وقال كانسي (29 عاما)، الذي يعمل مصفف شعر: «من الأشياء التي نحبها في الحي الذي نعيش فيه هو النادل الخاص بك الذي يعرفك ويعرف ما تريد لأنك تذهب وتعود إليه مرارا وتكراراً». وأضاف: «الآن الجميع خائفون ومتوترون. نحن نبذل قصارى جهدنا لضمان استمرار وجود تلك الخدمات والمؤسسات من حولنا».
استطرد قائلا إن مغادرة المنزل لتناول القهوة من حين لآخر ميزة وأيضا «خطر محسوب» في الوقت الذي شعرت فيه بالراحة لمساعدة الأعمال التجارية المحلية على الاستمرار. فقد وجد العديد من أصحاب المقاهي أنفسهم يختارون بين إبقاء متاجرهم مفتوحة والمخاطرة بسلامة موظفيهم، أو مواجهة الخراب المالي وترك موظفيهم دون عمل. ذلك رغم أن المقاهي التي لا تزال مفتوحة تقدم خدمات توصيل الطلبات الخارجية للمارة وللمنازل، وتعمل غالباً ساعات مخفضة.
وفي الإطار ذاته، قالت سابرينا مينهاردت، مديرة العمليات في مقهي «دبينير» في بروكلين، «إذا أغلقنا (المقهي)، فلن نعيد فتح المكان. العملاء ممتنون للغاية ويقولون شكراً لك. فهم دعموا موظفينا عندما تراجعت مبيعاتنا إلى النصف».
وقالت لوزين ميكايليان، مديرة متجر «تي بي كوفي هاوس» في بروكلين، التي افتتحت المكان قبل عام فقط، إن حركة المشاة قد انخفضت أكثر من النصف. يقدم المتجر الآن بشكل أساسي مزيجاً من النظامين والعملاء الجدد الذين تم إغلاق مقاهيهم القريبة.
أضافت أن «معظم الناس الذين يعيشون في مجتمعنا يقولون، شكراً لك على فتحك المقهى في الوقت الذي أغلقت فيه باقي المحال». وقال لها أحد الزبائن ممتنا إن «القدوم إلى مقهاك يجعلني أشعر أن كل شيء لا يزال على ما يرام».
ووصف عاملون آخرون في المقهى شعورهم بأنهم لم يقدموا خدمة فحسب، بل إن وجودهم رمزي. ولتفسير ما تعني، قالت سارة مادجز (29 عام)، مديرة مقهي «سوالو كافي»، ذات الفروع الثلاثة في بروكلين، «أعرف أنها ليست القهوة فحسب. كل من يأتي في معظم الأحيان يقول إن هذا المكان بات نشاطه اليومي الوحيد الذي يوحي بأن الحياة الطبيعية. فالمكان يوفر قدرا من الراحة تتمثل في الخدمة التي يقدمها شخص بقناع ويد مغطاة، فهذا النادل هو أقرب الأشخاص الذين يمكنهم الوصول معه إلى تفاعل بشري حقيقي».
أضافت سارة: «لكن من الصعب أيضاً الحفاظ على تلك الروح خاصة عندما لا يبدو الناس ممتنين. أنا لا أطلب منهم الإشادة بي». وأعطت أمثلة عن عملاء يتحاشون دائما دفع بقشيش (يعتمد كثير من العاملين عليه كمصدر دخل شبه أساسي) وآخرين يغضبون عند نفاد منتج يريدونه.
يعمل متجرها مع طاقم صغير هذه الأيام بعد أن استقال العديد من العامين بعد انتشار الفيروس في المدينة، ويعمل موظف واحد فقط في كل نوبة، كإجراء احتياطي للسلامة وللضرورة. وبينما تشعر سارة بقلق بشأن صحتها وتعرض الآخرين للخطر، تقول «المسألة هي أنني مطالبة بسداد الإيجار. في معظم الأيام، أحاول التفكير في أن الأوقات التي يقضيها الناس في المقهى هي الجزء الجميل من وقتهم هذه الأيام».
استمرت كاتي كالهان (27 عاماً) في العمل فترتين لمدة 11 ساعة أسبوعياً في مقهى «سي كوفي» بمنطقة «بوشويك» في بروكلين، وقالت «إنها ليست مهمة صعبة من الناحية البدنية، هي بالتأكيد لعبة عقلية. فأنت تدفع مقابل طاقتك العقلية والعاطفية».
يسعى بعض المترددين على المقهى إلى الحصول على قدر من التبادل العلاجي أو الاجتماعي الذي يشعر به عند التعامل مع الناس هناك. أضافت كاتي «نصف العملاء ينظرون إليك بعين الشفقة ويريدون حقاً معرفة كيف يسير يومك. لكن عندما تكون مطالبا بتقديم مشروب (لاتيه) مثلا للزبون رقم 75 على التوالي، فإنني فقط أفكر في أنني أريد فقط أن ينتهي يومي».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

صحتك شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء (إ.ب.أ)

كيف تؤثر القهوة في أمعائك؟

كشفت دراسة جديدة عن أن شرب القهوة يزيد من تنوع ميكروبيوم الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المفيد بها، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب في صحتنا ككل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك القهوة غنية بمضادات الأكسدة (أ.ف.ب)

فوائد تناول البروتين مع القهوة في الصباح

يمكن للقهوة والبروتين تعزيز صحتك بطرق متنوعة، فالقهوة غنية بمضادات الأكسدة ويمكن أن تساعد في مقاومة الإجهاد التأكسدي، الذي يرتبط بالإصابة بالأمراض المزمنة.

صحتك لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول رشفة من الكافيين؟

يرصد التقرير كيف يؤثر الكافيين علينا ويسبب تغيراً بيولوجياً في أجسامنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد نائب أمير منطقة جازان يدشن المركز وإلى جانبه نائب الرئيس للشؤون العامة في «أرامكو» خالد الزامل (أرامكو)

«أرامكو» تدشّن مركز تطوير البن السعودي في منطقة جازان

دشّنت «أرامكو السعودية» مركز تطوير البن السعودي في جازان ضمن مبادرات المواطنة التي تقدمها لدعم زراعة وإنتاج البن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الظهران)
يوميات الشرق لا يقتصر حب القهوة على تناول فنجان أو اثنين في اليوم... فمنهم مَن يشرب 50 منها (رويترز)

ومن البُنِّ ما قتل... مشاهير أدمنوا القهوة فشربوا 50 فنجاناً في اليوم

وصل هَوَس الكاتب هونوري ده بالزاك بالقهوة حدّ تناول 50 فنجاناً منها يومياً، أما بريتني سبيرز فتشربها بالـ«غالونات». ما سر هذا المشروب الذي أدمنه المشاهير؟

كريستين حبيب (بيروت)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.