اتسع الاهتمام في السنوات الأخيرة بتمارين التأمل، التي عادة ما ترتبط برغبة من ممارسيها في اتباع نمط حياتي يحد من العديد من المشاعر السلبية، أبرزها القلق والتوتر. وبعد مساهمة «عزلة كورونا» في زيادة هذه المشاعر لدى قطاع كبير من الناس في الآونة الأخيرة، قام عدد كبير من مدربي التأمل، لمحاولة كسر هذه الدائرة، بالخروج عبر وسائط التواصل الاجتماعي للإعلان عن بدء جلسات تأمل «عن بعد».
المدربة المصرية ماغي بلبع، المُعالجة المعتمدة في مجال البرمجة اللغوية العصبية والعلاج بالطاقة والتأمل، بدأت في العمل بمجالها قبل 8 سنوات، إلا أن هذه هي المرة الأولى عبر مسيرتها المهنية التي تقود فيها جلسات تأمل «لايف»، شارك في آخر جلسة قامت بها فيها ما يزيد عن 50 مشاركاً.
تقول ماجي: «في هذه المرحلة في تاريخ العالم، أصبح كل من يستطيع تقديم شيء إيجابي في مجاله شيئاً ضرورياً، ولست وحدي، بل إننّي وجدت أن أساتذتي من مدربي التأمل حول العالم أصبحوا يقدمون جلسات تأمل عن بعد بأسعار رمزية، وأحياناً بالمجان، رغم أن الوصول لبعضهم في الظروف العادية كان أمراً صعباً، وكذلك مُكلفاً مادياً أحياناً، إلا أن الظرف الاستثنائي الذي نعيشه بسبب فيروس كورونا جعل هناك اتجاهاً في كل المجالات لإتاحة الخدمة العامة والمساعدات التي قد تفيد الكثيرين».
تطوّر برنامج بلبع على نحو لم تتوقعه، على حد تعبيرها، في البداية أعلنت عن جلسة تأمل واحدة بالمجان، وفوجئت بالعدد الكبير الذي التحق بالجلسة، ما دفعها لتأسيس «غروب» على تطبيق «واتساب» يضم كل المهتمين بالتأمل، ووضعت معهم برنامجاً مدته ستة أسابيع، بحيث يشمل جلسة واحدة كل أسبوع لايف مدتها ساعة ونصف الساعة، تجريها عبر تطبيق «زووم» المخصص للاجتماعات عن بعد، فيما ترسل لهم كل يوم تدريب تأمل يمكنهم ممارسته في البيت، حتى موعد لقاء الأسبوع المباشر الذي يبدأ عادة بمشاركة انطباعاتهم عن مدى قدرتهم على تطبيق التمرين اليومي، والاستمرار فيه، وما يلمسونه من فروق، ولو طفيفة، تقول ماجي: «يساعدنا هذا الحوار على الدخول في حالة الجلسة الجماعية فعلاً والتفاعل بشكل أكبر داخل غرفتنا الافتراضية».
تعتبر ماجي أن الوصول بعقل المشارك وذهنه لحالة الحضور الكامل، هو المفتاح الرئيسي للدخول في مراحل التأمل التي تستهدف الهدوء، ويعتبر التنفس الصحيح وتمارينه من أول وأهم التمارين التي تبدأ بها الجلسات، تقول ماجي «نحن نتنفس عادة بطريقة غير سليمة، وهذا ما يتفاجأ به المشاركون في البداية، التنفس الصحيح يساعد على إدخال كميات أكبر من الأكسجين للجسم ما يحفز قدرته على التفكير الهادئ، والسيطرة على مخاوفه ومشاعره السلبية، والتواصل مع العقل الباطن، وكذلك فإن نجاح المحتوى أو السيناريو الذي يضعه المدرب له أهمية كبيرة في تمرينات التأمل».
وترصد ماجي بعض التأثيرات السلبية التي تتسبب فيها تلك المرحلة المرتبطة بعزلة «كورونا»، «في البداية وجد الناس أنفسهم مضطرين لتلك العزلة، وليس باختيارهم، ما يُمثل في حد ذاته ضغطاً، لا سيما بالنسبة لإنجاز الخطط الشخصية لكل شخص، فيما بعد تحوّل هذا الضغط إلى غضب عندما أدركنا أن الأزمة تتصاعد فعلاً، وأنه لا توجد حلول سريعة للخروج منها، ثم مع الوقت تحوّل هذا الغضب إلى أمر واقع تفاعل معه الكثيرون بشكل إيجابي كالتعلم الذاتي، وممارسة رياضات كالتأمل، كوسيلة للتفتيش داخل ذواتنا حتى نخرج من هذه المحنة بلياقة ذهنية ونفسية وروحية أكبر، وهذه ربما تكون فرصة لم تتحها عجلة الروتين اليومي للكثيرين للتوقف والتواصل مع ذاتنا بهذا العمق».
وزاد الاهتمام بتمرينات التأمل (الميدتيشن) في مصر، خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب رياضة «اليوغا»، ويتم ممارستها في مراكز متخصصة، أبرزها المركز الثقافي الهندي في مصر، وعدد من المراكز الخاصة التي تعتمد جلسات فردية وأخرى جماعية وأخرى للسيدات فقط؛ وتدير جلساتها عادة داخل تلك المراكز أو في الهواء الطلق؛ لتحقيق أقصى استفادة من التأمل الذي يعتمد على تمرينات التنفس بشكل رئيسي.
ياسمين مدحت، مهندسة وأم، واحدة من بين المشاركات في الجلسات التأملية، تقول إنه سبق لها الاشتراك في عدد من جلسات التأمل فيما قبل، وأنها اختبرت بالفعل مشاعر السلام التي يمكن أن تصل بها جلسات التأمل لحالة المشاركين، لذا كان لديها تخوف في البداية من مدى قدرة الجلسات عن بعد عبر الإنترنت أن تجتذبها بالفعل للاندماج في تمرينات التأمل، لكني خرجت منها بطاقة تأملية رائعة.
وتقول ياسمين لـ«الشرق الأوسط»، إن «فترة عزلة (كورونا) كانت سبباً رئيسياً في جعل التأمل طقساً يومياً في حياتها، تبدأ به يومها الآن»، مؤكدة: «هذه الفترة منحتني الفرصة والوقت للتأمل، وهو ما لم أكن مواظبة عليه بسبب انشغالات اليوم قبل ذلك، وأرى أن التأمل مثل الرياضة، يحتاج لممارسته بشكل مستمر لتطوير الأداء العقلي والنفسي بشكل عام».
جلسات تأمل «عن بعد» لكسر روتين المصريين في مواجهة «كورونا»
غرف افتراضية لـ«استعادة الهدوء النفسي»
جلسات تأمل «عن بعد» لكسر روتين المصريين في مواجهة «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة