الصين تراجع حصيلتها وسط انتقادات غربية وشكوك جديدة

عالم يثير جدلاً بعد إعلانه عن تسبب «خطأ مخبري» في نشأة «كورونا»

الصين تراجع حصيلتها وسط انتقادات غربية وشكوك جديدة
TT

الصين تراجع حصيلتها وسط انتقادات غربية وشكوك جديدة

الصين تراجع حصيلتها وسط انتقادات غربية وشكوك جديدة

راجعت الصين، أمس، أرقامها فأعلنت زيادة في عدد الوفيات نتيجة فيروس «كورونا المستجد» على أراضيها، بعد تعرضها لاتهامات من قادة غربيين شككوا في شفافية الأرقام التي أصدرتها حول الوباء الذي انطلق من الصين وبات يشل الاقتصاد العالمي. وانتقل الفيروس منذ ظهوره في نهاية 2019 في مدينة ووهان بوسط الصين، إلى أكثر من مليوني شخص عبر العالم. ومع تفشيه، فُرض الحجر المنزلي على ما يزيد على 4,4 مليار شخص، فيما طالت البطالة الجزئية أو التامة عشرات ملايين الأشخاص، بينهم 22 مليوناً في الولايات المتحدة وحدها. في المقابل، أعلنت ألمانيا أمس أن الوباء بات «تحت السيطرة»، مشيرة إلى أن المتاجر ستعاود العمل قريباً على أن تفتح المدارس أبوابها مجدداً اعتباراً من الرابع من مايو (أيار). وأعلنت الصين عن نحو 1300 وفاة إضافية بـ«كوفيد – 19» في ووهان، ما يرفع عدد الوفيات في البلد الأكبر من حيث عدد السكان في العالم إلى 4632. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وجه أصابع الاتهام أول من أمس، إلى بكين، على غرار ما فعله قبله المسؤولون الأميركيون وفي طليعتهم الرئيس دونالد ترمب. وقال ماكرون لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية: «من الواضح أن هناك أشياء حدثت ولا نعرفها»، مشككاً في حصيلة الضحايا التي أعلنتها الصين.
وفي لندن، أعلن وزير الخارجية دومينيك راب، كذلك أن على بكين الرد على «أسئلة صعبة حول ظهور الفيروس، ولماذا لم يكن بالإمكان وقفه في وقت أبكر». فيما قال الرئيس الأميركي في تغريدة أمس: «أعلنت الصين للتوّ مضاعفة عدد وفياتهم من العدو غير المرئي. إنها أعلى بكثير من ذلك وأعلى بكثير من (وفيات) الولايات المتحدة، ليست بأي حال قريبة منها!».
وفي مواجهة هذه الاتهامات، أكد متحدث باسم الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، أمس، أنه «لم يكن هناك أي تستر (على المعلومات) ولن نسمح بأي إخفاء»، مؤكداً أنه «من الضروري أن تتحد جميع الدول لمكافحة الوباء». لكنه اعترف بحصول «تأخير» و«إغفال» في تسجيل الوفيات.
وبررت بلدية ووهان عدم احتسابها الوفيات الجدد الذين أعلنت عنهم أمس، في الحصيلة الأساسية بكون المرضى توفوا في منازلهم، وليس في المستشفيات. لكن الخبير في الشؤون الصينية جان بيار كابستان، من جامعة هونغ كونغ المعمدانية، لفت إلى أن هذا العدد يبقى أدنى بكثير من بعض التقديرات المنتشرة في الغرب، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. ويشتبه بأن فيروس «كورونا المستجدّ» ظهر في سوق في الهواء الطلق في ووهان تباع فيها حيوانات برية حيّة بهدف استهلاكها. ويعتقد أن الفيروس القريب من فيروس منتشر بين الخفافيش قد يكون انتقل في هذه السوق من حيوانات إلى الإنسان وتحول. لكنّ وسائل إعلام أميركية طرحت نظرية أخرى، إذ أوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن السفارة الأميركية في بكين أبلغت واشنطن قبل سنتين بشأن تدابير أمنية غير كافية في مختبر محلي يدرس فيروسات «كورونا» لدى الخفافيش، فيما ذكرت شبكة «فوكس نيوز» أن فيروس «كورونا المستجد» مصدره هذا المختبر بالذات وإن كان فيروساً طبيعياً غير مركّب، وأنه قد يكون «تسرّب» عرضاً نتيجة تدابير وقائية غير سليمة.
وفي ظل الكارثة الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الصحية، تعهد قادة مجموعة السبع، الخميس، بالعمل معاً لإعادة فتح اقتصادات بلدانهم المتعثرة بسبب الحجر المنزلي الذي فُرض في جميع أنحاء العالم سعياً لاحتواء تفشي وباء «كوفيد - 19». وتشير أرقام النمو الصيني الصادرة أمس إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 6,8% في الفصل الأول من السنة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وهو أمر غير مسبوق منذ بدء وضع الإحصاءات الفصلية في مطلع التسعينات.
في غضون ذلك، أثار البروفسور الفرنسي لوك مونتانييه، وهو أحد مكتشفي فيروس الإيدز، جدلاً كبيراً في الأوساط العلمية نتيجة إعلانه أن فيروس «كورونا المستجد» نَجَم عن خطأ ارتُكب في مختبر، وفق ما نقل موقع «يورونيوز» الإخباري. وقال مونتانييه الفائز بجائزة نوبل للطب إن فيروس «كورونا المستجد» نَجَم عن محاولة إنتاج لقاح ضد فيروس الإيدز، معتبراً الدليل على ذلك وجود عناصر من الأخير في جين فيروس «كورونا الجديد»، فضلاً عن عناصر من «مرض الملاريا». وقال مونتانييه، في مقابلة مع موقعين يعنيان بالشؤون الطبية، إن هذه الخصائص في فيروس «كورونا المستجد» لا يمكن أن تحصل بطريقة طبيعية، وقد يكون الحادث وقع في مختبر في مدينة ووهان الصينية. إلا أن عالم الأوبئة إتيان سيمون - لوريير من معهد «باستور» في باريس رفض هذه النظرية، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا لا معنى له، إذ نجد هذه العناصر الصغيرة في فيروسات أخرى من العائلة نفسها، في فيروسات كورونا أخرى في الطبيعة».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.