مع تسجيل الولايات المتحدة أعلى حصيلة في عدد الوفيات جراء وباء «كوفيد-19» بين دول العالم، بدأ المسؤولون الأميركيون يتحدثون عن تراجع حدة الوباء، والاقتراب من تسطيح منحناه، بعدما بلغ ذروته، وخصوصاً في ولاية نيويورك. ورغم أن مدينة نيويورك هي بؤرة الوباء الرئيسية في الولايات المتحدة، فإن عدداً من الولايات تسجل هي الأخرى أرقاماً عالية في عدد الإصابات والوفيات، كولايات نيوجيرزي وميشيغان وماساتشوستس وفلوريدا ولويزيانا.
نيويورك وحدها سجلت نصف عدد الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة، مما أثار كثيراً من التساؤلات عن سر الضرر الكبير السريع الذي لحق بها وأسبابه؟
حاكم نيويورك، أندرو كومو، قال إن «الأمر يعود إلى كبر الولاية واكتظاظها، وضخامة تعداد سكان مدينة نيويورك، البالغ رسميا 8.6 مليون نسمة، فضلاً عن عامل الكثافة السكانية فيها، إضافة إلى استخدام وسائل النقل والمواصلات من قبل الآلاف في الدقيقة الواحدة. وبالتالي، فإنها مكان خصب لانتشار الأمراض المعدية».
عامل آخر يفسر سبب الضرر الكبير للولاية، هو كونها واحدة من الوجهات السياحية الرائدة في العالم، بأكثر من 60 مليون سائح سنوياً، الأمر الذي يسهل استيراد فيروس الوباء من الخارج. وهو ما أشارت إليه دراسة علمية نشرها المركز التعليمي «سليفر»، أكدت أن نيويورك «تعد المدينة الأكثر عرضة للوباء في الولايات المتحدة»، أكثر من سان فرانسيسكو وواشنطن وديترويت وميامي.
عامل ثالث لعب دوراً مهماً في مفاقمة انتشار الوباء في نيويورك، هو احتضانها أحياء شعبية مكتظة بالسكان، مثل كوينز وبرونكس، يسكنها غالبية من السود يعاني كثير منهم مشكلات صحية، لعجزهم عن الحصول على الرعاية الطبية.
يوم 2 مارس (آذار) الفائت، أي بعد يوم واحد من تسجيل أول حالة مؤكدة في نيويورك، اكتشفت حالة أخرى في الأطراف الشمالية لضاحية نيو روشيل، لمحام يسافر يومياً إلى مانهاتن في قلب نيويورك. حينذاك، قلل حاكم الولاية، كومو، من الأمر، وقال إن «الولاية تتوافر على أفضل نظام صحي على الكوكب». لكن بعد توالي الإصابات، وتسارع انتشار الفيروس، أعلن عمدة مدينة نيويورك، بيل دي بلاسيو، إغلاق المدارس والحانات والمطاعم العامة، بدءاً من 16 مارس (آذار).
وهنا، يفسر إروين ريدلنر، أستاذ الصحة العامة في جامعة كولومبيا المرموقة، التأخر في الإغلاق وفرض الحجر بـ«الضغوط التي مورست على حاكم الولاية» بين من يطالب بتسريع إصدار قرار الحجر، ومن يرى أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على اقتصاد الولاية، الأمر الذي آخر عملية احتواء الفيروس، بحسب وكالة «الصحافة الفرنسية».
وللمقارنة، يستشهد كثيرون بولاية كاليفورنيا، الولاية الأكبر من حيث عدد السكان في الولايات المتحدة، التي كانت سباقة في اتخاذ قرار الحجر، مما جعل أعداد الإصابات والوفيات فيها قليل. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ولاية واشنطن التي كانت أولى الولايات الأميركية التي ابتليت بالوباء، لكنها تمكنت من احتوائه سريعاً، عبر فرض الحجر وسياسة التباعد الاجتماعي، وإغلاق المؤسسات العامة والخاصة، ودور اللهو والمطاعم والمدارس.
واليوم، ورغم إعلان الحاكم كومو أن «الأسوأ قد مر، شرط مواصلة التقيد بتدابير العزل»، محذراً من أن الأرقام ستعود للارتفاع إذا ما «ارتكبت حماقات»، برزت تحركات مقلقة في عدد من الولايات، تقودها جماعات محافظة متشددة، متأثرة بخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تطالب بإعادة فتح البلاد.
وسجلت ولايات ميشيغان ونورث كارولينا وأوهايو احتجاجات شخصية، اتخذ بعضها شكل إطلاق أبواق السيارات أمام المباني الحكومية فيها، فيما يخطط بعضهم لتنظيم احتجاجات دورية طوال الشهر لحض الحكام على رفع قرار الحجر.
ونظمت جماعات أخرى مظاهرة، مساء الاثنين، في ولاية أوهايو التي ينتمي حاكمها للحزب الجمهوري، ضمت أكثر من 100 شخص، وضعوا وجوههم على الأبواب الزجاجية لمبنى حاكم الولاية، من دون أقنعة أو قفازات، قبيل مؤتمره الصحافي اليومي عن وضع الوباء في الولاية.
15:2 دقيقه
أيهما أولوية أكبر... الناس أم الاقتصاد؟
https://aawsat.com/home/article/2239581/%D8%A3%D9%8A%D9%87%D9%85%D8%A7-%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%9F
أيهما أولوية أكبر... الناس أم الاقتصاد؟
أيهما أولوية أكبر... الناس أم الاقتصاد؟
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة