صخب نهاراً وهدوء ليلاً... «كورونا» يخيّم على العاصمة المصرية (صور)

مخاوف على قطاع السياحة بعد تراجع إيراداتها

أحد شوارع وسط البلد في القاهرة (أ.ب)
أحد شوارع وسط البلد في القاهرة (أ.ب)
TT

صخب نهاراً وهدوء ليلاً... «كورونا» يخيّم على العاصمة المصرية (صور)

أحد شوارع وسط البلد في القاهرة (أ.ب)
أحد شوارع وسط البلد في القاهرة (أ.ب)

بمجرد أن تدخل القاهرة إلى ساعات حظر التجوال الذي يبدأ في الثامنة مساء (بالتوقيت المحلي)، يخيم الهدوء على العاصمة المصرية التي يزيد سكانها على 20 مليون نسمة. القاهرة التي اشتهرت بأنها المدينة التي لا تنام، أصبحت، بفعل «كورونا»، تختبر لحظات هدوء قلما اعتادتها.

الهدوء الليلي لم يغيّر من طبيعة المدينة الصاخبة نهاراً، إذ تبدو القاهرة كما كانت قبل ظهور فيروس «كورونا المستجد»، حيث تستمر حركة المرور في التدفق، وكذلك حركة الأسواق في الأحياء الشعبية، وتزداد تلك الحركة مع إقبال شهر رمضان الكريم.

وأظهرت عدة صور لوكالة «أسوشييتد برس» معالم مصرية تحت وطأة الإغلاق، منها أهرامات الجيزة أو ميدان التحرير الشهير وسط القاهرة، ودور العبادة من المساجد والكنائس.


كما امتد الإغلاق على المقاهي المنتشرة في ربوع مصر، فضلاً عن الفراغ الذي طال صالات الألعاب الرياضية والنوادي، وحتى كورنيش النيل الذي عهده المصريون متنفَساً للمشي.

ومنذ منتصف مارس (آذار)، أغلقت الحكومة المصرية المدارس ودور العبادة والمواقع الأثرية. كما أمرت بإغلاق المطاعم والمقاهي ومراكز التسوق وصالات الألعاب الرياضية لتشجيع الناس على البقاء في منازلهم. كما فرضت حظر تجول من الساعة 8 مساءً حتى 6 صباحاً.

وتزيد المخاوف من تأثير «كورونا» وإجراءاته على قطاعات مثل السياحة والصناعة في مصر. يقول سيد الجبري، بائع للهدايا التذكارية في منطقة أهرامات الجيزة، إن الإغلاق نتيجة تفشي فيروس «كورونا المستجد» والإجراءات التي تلته تؤثر سلباً على قطاع السياحة الذي يعمل فيه.

ويتابع الجبري (42 عاماً) لوكالة «أسوشييتد برس»: «كنا نتعافى للتوّ بعد تحسن حركة السياحة»، في إشارة لما بعد الانكماش الذي شهده الاقتصاد المصري إبان انتفاضة يناير (كانون الثاني) 2011. وكان الجبري يكسب نحو 900 جنيه مصري في الأسبوع (ما يقارب 75 دولاراً)، وهو ما يكفي لإعالة أسرته وأطفاله الثلاثة، لكن كل هذا ذهب الآن في ظل جائحة «كورونا».

وفي هذا الإطار، أشارت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، في مؤتمر صحافي أول من أمس (الاثنين)، إلى تأثر قطاعي السياحة والصناعة تأثراً شديداً بسبب أزمة «كورونا»، حسبما نقل موقع الهيئة العامة للاستعلامات. وتوقعت السعيد أن تصل إيرادات السياحة، وهي أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للاقتصاد المصري، إلى نحو 11 مليار دولار في السنة المالية الحالية 2019 - 2020 بدلاً من 16 مليار دولار المتوقعة قبل أزمة «كورونا»، بنسبة خسارة تزيد على 30%.
كانت إيرادات السياحة قد سجلت في العام المالي الماضي أعلى معدلاتها على الإطلاق بقيمة 12.6 مليار دولار بزيادة 28% عن العام الأسبق، حسب بيانات البنك المركزي المصري.

وعمدت مصر إلى مساعدة الفئات المتضررة بمنحة خاصة للعمال المتضررين، وتقدر وزيرة التخطيط المصرية عددهم في قطاع السياحة بنحو 800 إلى 900 ألف عامل، فضلاً عن منحة تقدمها مصر للعمالة اليومية تقدر بمبلغ 500 جنيه مصري منذ الشهر الجاري ولمدة ثلاثة أشهر للحد من تأثيرات أزمة «كورونا» على تلك العمالة اليومية.

جدير بالذكر أن إجمالي عدد المصابين بمرض «كورونا» في مصر حتى أمس (الثلاثاء)، هو 2350 حالة من ضمنهم 514 حالة تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل، و178 حالة وفاة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».