تجدد الجدل بين الرئيس دونالد ترمب وحلفائه، من جهة، ومعارضيه، من جهة ثانية، حول التاريخ الملائم لإعادة فتح أجزاء من الاقتصاد الأميركي، تمهيداً لعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً، وذلك في الفترة التي تلي بلوغ وباء «كوفيد – 19» مستوى الذروة.
وقال ترمب إنه متحمس لرؤية رفع أوامر البقاء في المنزل وإعادة فتح الأعمال التجارية والشركات قريباً، مشيراً إلى أنه يدرس ما إذا كان سيدفع حكام الولايات للبدء في ذلك بحلول شهر مايو (أيار) المقبل.
ومع تصاعد ردود الفعل من حكام الولايات بين مؤيد لرؤية ترمب ومعارض لها، رد ترمب في تغريدة له صباح أمس الاثنين قائلاً إن قرار إعادة فتح الاقتصاد الأميركي هو قراره وليس قرار حكام الولايات. وكتب ترمب على {تويتر}: {إنه قرار رئيس البلاد... الإدارة وأنا نعمل بشكل وثيق مع حكام الولايات، وهذا سيستمر. سأتخذ قريباً قراراً بعد التشاور مع حكام الولايات وآخرين}.
وجاء هذا الجدل في وقت تجاوزت حصيلة الوفيات بفيروس {كورونا} في ولاية نيويورك أمس عشرة آلاف، إذ بلغت 1056 وفاة، وفق ما اعلن الحاكم أندرو كومو مع تسجيل 671 وفاة إضافية في الساعات الـ24 الأخيرة.
ويعلم الرئيس الأميركي أن الخيارات التي سيتخذها في إدارته لأزمة الوباء، ستؤثر بشكل كبير على حظوظه لتجديد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وهو يعلم أن الناخب الأميركي في نهاية المطاف عينه على الاقتصاد وعلى التقديمات الحكومية، والخطأ في تقدير تلك العوامل، قد يكلفه الرئاسة.
وموعد الأول من مايو المقبل سبقه «تمني» الرئيس ترمب بأن يعيد فتح البلاد في عيد الفصح، الذي احتفل به يوم الأحد، وهو ما لم يتم وسط الارتفاع الكبير في حالات الإصابات والوفيات بوباء «كورونا» المستجد.
لكن تحذيرات عدة أشارت إلى أن الموعد الجديد في مايو قد لا يكون ملائماً وقد يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة، إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من تسطيح مؤشر الإصابات والوفيات بشكل جدي.
وقال مفوض إدارة الغذاء والدواء، ستيفن هان، إن هذا التاريخ هو هدف، و«من الواضح أننا نأمل في تحقيقه، ولكن أعتقد أنه من السابق لأوانه أن نحسم ما إذا كان هذا تاريخ عودة الحياة، أم لا».
وترافقت تعليقات هذا المسؤول مع تحذيرات أخرى مماثلة، فيما عدد الإصابات بفيروس «كورونا» في الولايات المتحدة تجاوز نصف المليون شخص وأكثر من 22 ألف حالة وفاة. مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فوتشي، الذي بدأ يتعرض لهجمات تدعو إلى طرده بعدما قال إن أميركا قد تكون تأخرت في مواجهة الفيروس، رأى من جهته أنه بدل إعادة فتح البلاد بشكل مفاجئ، يجب وضع خطة «عودة تدريجية» إلى الحياة الطبيعية اعتماداً على الظروف في مناطق مختلفة. وأكد أن العودة التدريجية من المحتمل أن تبدأ الشهر المقبل في بعض مجالات الحياة، لكنه حذر من احتمال عودة الفيروس في وقت لاحق من العام.
وأضاف في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» أن «النماذج تظهر أن رفع جميع الإجراءات مثل التباعد الاجتماعي في آن واحد في جميع أنحاء البلاد قد يؤدي إلى انتعاش جديد للفيروس في شهر يوليو (تموز)... وفتح المجال مرة واحد في شهر مايو (أيار) قد يؤدي إلى مشكلة حقيقية».
أما مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، كريستوفر موراي، فقد حذر من رفع القيود المفروضة الشهر المقبل، مؤكداً أن هذا ربما يعني «أننا قد نعود إلى الوضع الكارثي نفسه» بحلول شهر يوليو (تموز) أو أغسطس (آب). وأوضح موراي: «ربما يمكن أن تفتح بعض الولايات منتصف مايو، ولكن علينا أن نكون حذرين للغاية وأن نتأكد من أننا لا نفقد كل الجهد الذي قدمه الشعب الأميركي في عمليات الإغلاق قبل الافتتاح المبكر».
وفي الإطار ذاته، قال حاكم ولاية نيوجيرسي فيل مورفي: «أخشى أن العودة المبكرة للحياة قد تكون بمثابة صب الزيت على النار»، في حين قال حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت، إنه يخطط لإصدار أمر تنفيذي هذا الأسبوع يتناول استراتيجيات كيفية إعادة فتح أعمال الولاية. وأضاف أبوت: «سنركز على حماية الأرواح مع استعادة سبل العيش، يمكننا ويجب علينا القيام بذلك، يمكننا القيام بالأمرين معاً»، بحسب قوله.
حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو الذي تشهد ولايته أزمة كبيرة بسبب العدد الكبير من الوفيات والإصابات بفيروس كورونا، قال، من جانبه، إن الجهود المبذولة بدأت تؤتي ثمارها، مشيراً إلى أن منحنى الإصابات الجديدة بدأ في الاستقرار. غير أن كومو، عندما سئل عن إعادة فتح الاقتصاد، أكد أنه من السابق لأوانه النظر في المستقبل، وقال إن «إعادة فتح الولاية سلاح ذو حدين، مسألة اقتصادية ومسألة صحة المواطنين، وأنا غير مستعد لإحداث طلاق بين الجانبين، لا يمكنك أن تطالب الناس في هذه البلاد بأن يختاروا بين أجورهم وحياتهم».
وحرم الوباء أكثر من 16 مليون أميركي من العمل، ما أدى إلى ممارسة ضغوط من قبل أصحاب الأعمال والشركات والمصانع لإعادة فتح البلاد، خصوصاً أن تقديرات تشير إلى احتمال ازدياد العدد فيما لو طالت مدة الإغلاق.
وعلى الرغم من أن الحكومة الفيدرالية لديها القدرة على تقديم التوصيات حول تاريخ إعادة فتح البلاد، فإن القرار النهائي بشأن ما إذا كان ستتم إعادة تخفيف القيود وفتح الولايات يعود إلى كل ولاية بنفسها. وبحسب التوجيهات الفيدرالية، فإن تجنب التجمعات الاجتماعية والعمل من المنزل كل ذلك ينتهي في نهاية أبريل (نيسان) الجاري.
ويؤكد خبراء الصحة العامة أن من أجل إعادة فتح الاقتصاد بأمان، يجب اتخاذ خطوات معينة؛ منها أنه يجب على الولايات المتحدة أن تبذل جهوداً واسعة النطاق لتحديد الأشخاص الذين كانوا على اتصال بالمصابين وإجراء اختبارات واسعة النطاق. كما طالبوا بالامتناع عن تخفيف القيود قبل حصول انخفاض مستدام في الحالات الجديدة لفترة طويلة على الأقل.
جدل أميركي حول موعد إعادة فتح الاقتصاد
ترمب: القرار يعود لي وليس لحكّام الولايات

جدل أميركي حول موعد إعادة فتح الاقتصاد

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة