مجلس الأمن يخفق في مواجهة «كورونا»... ويكتفي بسطور لدعم غوتيريش

مناكفات أميركية ـ صينية حول منشأ الفيروس - تحذير أممي من أن سوء الاستعداد يفتح باباً لتنفيذ هجوم عبر الإرهاب البيولوجي

أطفال إندونيسيون يتلقون مساعدات غذائية في مقاطعة جافا أمس (رويترز)
أطفال إندونيسيون يتلقون مساعدات غذائية في مقاطعة جافا أمس (رويترز)
TT

مجلس الأمن يخفق في مواجهة «كورونا»... ويكتفي بسطور لدعم غوتيريش

أطفال إندونيسيون يتلقون مساعدات غذائية في مقاطعة جافا أمس (رويترز)
أطفال إندونيسيون يتلقون مساعدات غذائية في مقاطعة جافا أمس (رويترز)

حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعضاء مجلس الأمن، خلال جلسة عقدت الخميس عبر الفيديو، على التغلب على خلافاتهم المتواصلة منذ أسابيع بشأن كيفية التعامل فيروس «كوفيد - 19»، معتبراً أنه يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين لأنه «يمكن أن يؤدي إلى زيادة الاضطرابات والعنف الاجتماعي»، فضلاً عن خطره على الصحة العالمية.
غير أن هذه المناشدة من كبير الموظفين الدوليين حيال «وحدة المجلس وتصميمه» لمواجهة الفيروس الذي أصاب أكثر من مليون ونصف المليون من الناس، ووفاة زهاء مائة ألف شخص في كل أصقاع العالم حتى الآن، لم توقف المناكفات الأميركية - الصينية التي هيمنت على محاولات بناء الجسور في الجلسة التي استمرت زهاء ثلاث ساعات، وانتهى الأمر ببضعة سطور يعبر فيها أعضاء المجلس بصورة عامة عن دعمهم لغوتيريش الذي كان شدد على أن «مشاركة مجلس الأمن ستكون حاسمة مستقبلاً للتخفيف من آثار جائحة كوفيد 19 على السلم والأمن الدوليين»، مضيفاً أنه «للتغلب على الوباء اليوم، نحتاج إلى العمل معاً» و«هذا يعني تعزيز التضامن». ورأى أن هزيمة الوباء «معركة جيل بأكمله، وهي علة وجود الأمم المتحدة نفسها»، مؤكداً أن «توجيه المجلس رسالة تنمّ عن الوحدة والعزم سيكون لها وقع كبير في هذا الوقت العصيب». ورأى غوتيريش أن «العالم يواجه أخطر اختبار له منذ تأسيس المنظمة الدولية» قبل 75 عاماً. وحدد ثمانية مخاطر، يتمثل أولها في أن «الجائحة تهدد بالمزيد من تآكل الثقة بالمؤسسات العامة، لا سيما إذا كان المواطنون يدركون أن سلطاتهم أساءت التعامل مع الاستجابة». وحذر من «التداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة». ونبه ثالثاً إلى إمكان حصول «توترات سياسية وتقويض الشرعية»، إذا أدّى الوباء إلى تأجيل الانتخابات أو الاستفتاءات. ورأى رابعاً أنه «في بعض حالات النزاع، يمكن ظهور حالة من عدم اليقين بسبب الوباء» مما قد ينجم عنه «تصعيد للعنف». وشدد خامساً على أن «خطر الإرهاب لا يزال على قيد الحياة» لأن «الجماعات الإرهابية يمكن أن ترى نافذة فرصة لكي تضرب». ولفت إلى أن «نقاط الضعف وقلة الاستعداد التي كشفها هذا الوباء، توفر نافذة لكيفية تنفيذ هجوم عبر الإرهاب البيولوجي». وكشف أن «الوباء عرقل الجهود الدولية والإقليمية والوطنية لحل النزاعات»، علما بأن الوباء يتسبب أيضاً في إثارة أو مفاقمة تحديات مختلفة في مجال حقوق الإنسان.
وكرّرت المندوبة الأميركية الدائمة كيلي كرافت ما تؤكده إدارة الرئيس ترمب حول الأصل الصيني للفيروس، معتبرة أن «الطريقة الأكثر فاعلية لاحتواء هذا الوباء هي جمع بيانات دقيقة تستند إلى البيانات العلمية وتحليل أصول الفيروس وخصائصه وانتشاره».
وفي المقابل، قال نظيرها الصيني زانغ جون إنه «يجب رفض جميع أعمال الوصم والتسييس». وأضاف تشانغ أن «التغلب على هذا التحدي العالمي والتضامن والتعاون والدعم المتبادل والمساعدة هو ما نحتاجه، في حين أن محاولة تحويل جارك إلى كبش فداء ستؤدي إلى طريق مسدود». ولم تكن الصين ترغب في تدخل مجلس الأمن، بذريعة أن هذا الشأن صحي وليس ضمن تفويض المجلس، بينما أصرت الولايات المتحدة على أن يشير أي إجراء من المجلس إلى أصل الفيروس، الأمر الذي أثار انزعاج المسؤولين الصينيين بشكل كبير. وظهر الفيروس الجديد، الذي يسبب مرض الجهاز التنفسي، لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في أواخر العام الماضي.
وأفاد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن «الوباء ليس على جدول أعمال مجلس الأمن رسمياً». لكن اعترف بأنه «يمكن أن يؤثر على الطريقة التي نعمل بها ونتخذ القرارات». وإذ وصف المواجهة مع فيروس كورونا بأنها «حرب ضد عدو غير مرئي»، رأى أن «الفوز بها والتغلب على عواقبها، يحتاج أيضاً إلى التغلب على تحيزاتنا ورهابنا وكراهيتنا وعدم الثقة بيننا وشكوكنا».
وكان تسعة من الأعضاء العشرة غير الدائمي العضوية في المجلس وعلى رأسهم ألمانيا، طلبوا الأسبوع الماضي عقد اجتماع حول الوباء، في استياء واضح من عجز المجلس في مواجهة الأزمة غير المسبوقة.
وقال المندوب الألماني كريستوف هيوسيغن إن «ما ظهر من مجلس الأمن حتى الآن هو صمت مطبق»، مشيراً إلى الجهود التي يبذلها الأعضاء الدائمون، وهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا، من أجل «التوصل إلى تسوية أو حل بين بعضهم البعض»، مضيفاً أن «علينا أن نعترف بأن هذا لم يكن ممكنا حتى الآن». وأكد أن «لا حرب اليوم ذات معنى سوى الحرب على كوفيد 19».
وأعلن المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفير أن بلاده «تؤيد تماماً دعوة الأمين العام من أجل وقف النار»، لأن «هناك حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لوقف إطلاق نار عالمي وفوري لتيسير الجهود المبذولة للاستجابة لأزمة كوفيد 19».
وعقدت هذه الجلسة بينما لا يزال أعضاء مجلس يناقشون مشروعي قرارين منفصلين بشأن جائحة كورونا، الأول بقيادة فرنسية تمت مناقشته حصراً بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى روسيا والصين، بالإضافة إلى مشروع قرار آخر قدمته تونس لبقية الأعضاء من أجل التفاوض. وبحث أعضاء المجلس في الجلسة إصدار بيان عادي، على غرار جملة من البيانات التي أصدرت منذ باشروا عقد جلسات عبر الأثير خلال الشهر الماضي بسبب التفشي الواسع لوباء «كوفيد 19» في ولاية نيويورك.


مقالات ذات صلة

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على مدينة تشيرنيف الأوكرانية (رويترز)

مقتل أكثر من 12300 مدني منذ بدء الحرب في أوكرانيا

قالت مسؤولة في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، إن أكثر من 12300 مدني قُتلوا في الحرب الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي نازحون لبنانيون من قرى حدودية مع إسرائيل في إحدى مدارس مدينة صور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

نداء أممي لجمع 370 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الحرب في لبنان

أطلقت الأمم المتّحدة والحكومة اللبنانية، الثلاثا،ء نداء جديدا لجمع تبرّعات بقيمة 371.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكّان المتضرّرين.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتّحدة)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.