عون رئيساً... يوقظ حلم الدولة والإصلاح

شدد على «الحياد الإيجابي» للبنان واحتكار السلاح... وترحيب عربي ودولي بانتخابه

جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

عون رئيساً... يوقظ حلم الدولة والإصلاح

جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
جوزيف عون يؤدي القسم رئيساً للجمهورية اللبنانية أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيروت أمس (إ.ب.أ)

انتخب البرلمان اللبناني قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً بـ99 صوتاً من أصل 128 بعد سنتين وشهرين وعشرة أيام من الفراغ الرئاسي، ليوقظ توليه الرئاسة الأولى حلم الدولة والإصلاح بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة التي عاشها اللبنانيون.

وحمل خطاب القسم الذي أدلى به عون مضامين لافتة، أبرزها تأكيده «التزام لبنان الحياد الإيجابي» وتجاهله عبارة «المقاومة»، خلافاً للخطابات التي طبعت العهود السابقة كما تأكيده العمل على «تثبيت حق الدولة في احتكار حمل السلاح». وتعهد عون الذي لاقى انتخابه ترحيباً دولياً وعربياً، أن تبدأ مع انتخابه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان. وأكد أنه سيكون «الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات». وأكد أن «التدخل في القضاء ممنوع، ولا حصانات لمجرم أو فاسد، ولا وجود للمافيات ولتهريب المخدرات وتبييض الأموال».

ولفت عون الذي أثنى على خطابه معظم الأفرقاء اللبنانيين إلى أن «عهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار مشروع قانون استقلالية القضاء، وأن أطعن بأي قانون يخالف الدستور، والدعوة لإجراء استشارات نيابية بأسرع وقت لاختيار رئيس حكومة يكون شريكاً وليس خصماً»، معلناً العمل «على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح وسنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً، ومحاربة الإرهاب، وتطبق القرارات الدولية، ومنع الاعتداءات الإسرائيلية». وأضاف: «سنناقش استراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية»، متعهداً إعادة الإعمار، ومشدداً على أنه «آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا بعضاً».

كما أعلن رفضه «توطين الفلسطينيين والعمل على ممارسة سياسة الحياد الإيجابي، داعياً إلى بدء حوار مع الدولة السورية؛ لمناقشة العلاقات والملفات العالقة، لا سيما ملف المفقودين والنازحين السوريين». ورحب أعضاء مجلس الأمن بانتخاب عون، وأكدوا «دعمهم القوي لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي». كما دعوا إلى التنفيذ الكامل للقرار 1701 وقرارات مجلس الأمن السابقة ذات الصلة بالوضع في لبنان.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: سأنتظر بوتين في إسطنبول

أوروبا 
جانب من مؤتمر صحافي طرح فيه بوتين عقد مفاوضات مباشرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا أمس (أ.ب)

زيلينسكي: سأنتظر بوتين في إسطنبول

في بادرة إيجابية نادرة، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إسطنبول الخميس المقبل، معتبراً أنه «لا جدوى.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
شؤون إقليمية مسؤولون عمانيون يسقبلون الوفد الإيراني المشارك في المفاوضات برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي في مسقط اليوم (د.ب.أ)

المفاوضات النووية تتقدم وسط تفاؤل أميركي وتحفظ إيراني

انتهت الجولة الرابعة من المفاوضات النووية بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، في العاصمة العُمانية مسقط، أمس، باتفاق.

«الشرق الأوسط» (لندن - مسقط)
المشرق العربي 
زيارة قبور الأقارب في مقبرة بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق (أ.ف.ب)

إسرائيل تستعيد رفات جندي قُتل في لبنان عام 1982

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل استعادت رفات جندي كان مفقوداً منذ معركة السلطان يعقوب مع الجيش السوري خلال الحرب على لبنان عام 1982.

آسيا احتفالات في لاهور بإعلان وقف إطلاق النار بين باكستان والهند في 10 مايو (أ.ف.ب)

صمود الهدنة بين باكستان والهند

ساد الهدوء عند الحدود بين الهند وباكستان، أمس (الأحد)، بعد ساعات على تبادل الطرفين الاتهامات بخرق الهدنة التي تم التوصل إليها ووضعت حداً لأعنف مواجهة بينهما.

غازي الحارثي (الرياض)
الخليج أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح يتسلم رسالة خادم الحرمين الشريفين لحضور القمة الخليجية - الأميركية

خادم الحرمين يدعو قادة الخليج لقمة مع الولايات المتحدة

وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، دعوات إلى قادة دول الخليج من أجل حضور القمة الخليجية - الأميركية في الرياض، التي تأتي ضمن زيارة الرئيس.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
TT

«حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)
لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)

ترصد الأوساط السياسية اللبنانية المراحل التي قطعتها العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزيف عون و«حزب الله»، والتي بدأت تتسم بتبادل رسائل إيجابية يراد منها طمأنة الحزب وتبديد ما لديه من هواجس، إضافة إلى انتفاء «نقزة» الحزب حيال انتخاب عون رئيساً للجمهورية، علماً أن التواصل بينهما مستمر منذ كان عون قائداً للجيش، لكنه لم يبلغ المستوى الذي وصل إليه بعد انتخابه رئيساً.

وتقدّر الأوساط السياسية الدور الإيجابي الذي لعبه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تنقية هذه العلاقة من الشوائب، ومواكبته للتحول الذي فتح الباب أمام تطبيع العلاقة، واستعداد الحزب لحوار يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة.

فالرئيس برّي، حسبما قالت الأوساط السياسية لـ«الشرق الأوسط»، لا يترك مناسبة إلا ويشيد فيها بمواقف الرئيس عون الذي ينأى بنفسه عن أن يكون طرفاً في المزايدات الشعبوية التي تطالب بنزع سلاح «حزب الله»، ويدير ظهره للإملاءات، ويصر على حصرية السلاح بيد الدولة، ولكن باتباع الحوار لتنفيذه ريثما تسمح الظروف.

ضبط الإيقاع

ولا تخفي الأوساط نفسها دور الرئيس عون في ضبط إيقاع عدد من الوزراء، وتحديداً ممن يتهمون الحزب بالتنصل من وقف النار، ويطالبون بوضع جدول زمني لنزع سلاحه، بذريعة أن الظروف المحلية والخارجية أصبحت مواتية لسحبه.

وتبدي الأوساط ارتياحها حيال إلحاح عون على الولايات المتحدة الأميركية؛ كونها الراعية إلى جانب فرنسا لاتفاق وقف النار، لإلزام إسرائيل به بعد أن طبّقه لبنان من جانب واحد، في حين عطلت، برفضها الانسحاب، توسيع انتشار الجيش اللبناني في مؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل) حتى الحدود الدولية. وتؤكد ملاحقته لواشنطن لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وعددهم، كما علمت «الشرق الأوسط»، استناداً إلى اللائحة التي أعدها الحزب، 15 أسيراً، كانت إسرائيل أسرت 8 منهم أثناء القتال، و7 بعد أن تقيّد لبنان بوقف النار، إضافة إلى الكشف عن مصير 66 شخصاً لا يزال مصيرهم مجهولاً ويعتبرون في عداد المفقودين.

ملاحقة واشنطن

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الرئيس عون لم يكفَّ عن مطالبة الولايات المتحدة، في شخص رئيس هيئة الرقابة الدولية المشرفة على وقف النار الجنرال الأميركي المقيم مايكل ليني، والمشرف على أعمالها سلفه غير المقيم الجنرال جاسبر جيفرز، بالتدخل لدى إسرائيل للإفراج عن الأسرى، وإلزامها بوقف النار، وانسحابها من الجنوب تطبيقاً لـ«1701».

وتؤكد الأوساط أن مجيء نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إلى لبنان، وهو مُدرج على جدول أعمالها كما وعدت في زيارتها الأخيرة، يشكّل مناسبة لسؤالها عن تعهدها بالسعي لإطلاق الأسرى والتحضير لمفاوضات تثبيت الحدود الدولية بين البلدين، استناداً إلى ما نصت عليه اتفاقية الهدنة.

وفي المقابل، تتوقف الأوساط أمام تعاطي «حزب الله» حيال مطالبة الحكومة بحصرية السلاح، وسلوكه الإيجابي بوقوفه خلف الحكومة في التزامها بوقف النار. وتقول إن إصرار عدد من نواب ومسؤولي الحزب على تمسكهم بالسلاح ليس في محله، ويندرج في إطار حاجته إلى رفع معنويات محازبيه وجمهوره، ولن يكون له من مفاعيل ميدانية، خصوصاً أنه يمتنع عن الرد على خروق إسرائيل واعتداءاتها المتواصلة.

نصيحة الأخ الأكبر

وتكشف الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس برّي؛ كونه الأخ الأكبر للحزب، على حد تعبير أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، كان نصحه بحصر موقفه بتموضعه خلف الدولة، خصوصاً أنه أطلق إشارات إيجابية بعدم الرد على الخروق الإسرائيلية، وبتطبيق القرار «1701»، وانسحابه من جنوب الليطاني، وتسهيله مهمة انتشار الجيش، وتعاونه مع قيادته في تخلّيه عن بناه التحتية العسكرية، وما يختزنه من سلاح دقيق.

ومع أن الأوساط تبدي ارتياحها لموقف برّي ونصائحه لـ«حزب الله» بضرورة الاستعداد لحوار مع عون حول حصرية السلاح واستيعابه ضمن استراتيجية الأمن الوطني للبنان؛ فهي تدعوه للوقوف خلفه - أي عون - للخروج من حالة الإرباك، والتوجه إلى جمهوره بخطاب يأخذ بالتحولات في المنطقة بعيداً عن الإنكار والمكابرة، ليكون في وسعه التكيّف تدريجياً مع الوضع المستجد في لبنان بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.

ارتداد سلبي

وتضيف الأوساط أن الحزب كان حقق إنجازات بتحرير الجنوب في 25 مايو (أيار) 2000، وتصدّيه للغزو الإسرائيلي في يوليو (تموز) 2006، على نحو يُدرجه بخانة الشركاء الأساسيين في إعادة بناء مشروع الدولة، لكنه لم يُحسن توظيفها في الداخل، وأخطأ في حسابه بقراره التمدد إلى الإقليم والانخراط في «محور الممانعة» بقيادة إيران، والذي لم يعد قائماً بعد أن خسر أذرعته في المنطقة. وهذا ارتدّ عليه سلباً بإقحامه لبنان في لعبة المحاور التي أدت إلى تصدّع علاقاته بالدول العربية، والتي بدأ يستعيدها مع انتخاب عون رئيساً.

وتأمل الأوساط أن يتوصل الحزب، اليوم قبل الغد، إلى مراجعة حساباته ومواقفه، ويستخلص العبر من تفرّده بإسناده لغزة، والذي تسبب في كُلَف عالية، أكانت مالية أم بشرية، كان في غنى عنها لو أحسن تدقيق خياراته، وزاد من تعميق الهوة بينه وبين القوى السياسية، باستثناء حركة «أمل» التي لم تكن قَطّ مع قراره الغزاوي. وتقول الأوساط إنه آن الأوان للحزب أن يسترد جمهوره، ويتقدّم إليه بخطاب لا غنى عنه لانخراطه في مشروع الدولة، وبذلك يكون خطا خطوة للخروج من عزلته بترميم علاقاته اللبنانية.

الخروج من التريّث

لذلك بات على الحزب أن يقرر الخروج من حالة التريّث والانتظار بحسم موقفه من حصرية السلاح؛ لأن من دونه لا مجال لإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل، ولئلا تبقى وعوده حبراً على ورق ما لم ينضم، بلا تردد، إلى دفتر الشروط العربية والدولية لتأمين المساعدات لإعادة إعمار ما دمّرته إسرائيل، وإلا فسيجد نفسه محرجاً؛ لأن قيادة الحزب تدرك أن الرهان على توصل الولايات المتحدة وإيران في مفاوضاتهما إلى اتفاق حول الملف النووي، لن يشكّل له رافعة للاستقواء بها والعودة إلى ما كان عليه قبل إسناده لغزة؛ لأن ما تتوخاه طهران من الاتفاق هو الانكفاء إلى الداخل لتوفير الحماية لنظامها من دون أن يكون له أي تبعات في الإقليم.