مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

بيدرسن لا يرى وضوحاً في العملية الانتقالية وفليتشر يطلب دعماً إنسانياً

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
TT

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

حض مسؤولان أمميان من أعضاء مجلس الأمن على مواكبة العملية الانتقالية في سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم أن السلطات المؤقتة، برئاسة زعيم «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، «أبدت تحفظات» على بعض مندرجاته.

وحذّر المسؤولان الأمميان من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات»، في ظل مخاوف زائدة من العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، واحتمال استغلال «داعش» للوضع الراهن من جهة أخرى.

وعقد مجلس الأمن جلسته هذه حول سوريا، الأربعاء، فاستمع إلى إفادتين، الأولى من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، حول الأوضاع السياسية، ومن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، توم فليتشر، حول الحال الإنسانية في سوريا بعد شهر واحد من انهيار نظام الأسد.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة توم فليتشر يقدم إفادة لأعضاء مجلس الأمن حول سوريا (الأمم المتحدة)

وفي مستهل كلامه، أطلع بيدرسن أعضاء مجلس الأمن على التطورات الأخيرة في سوريا، وانخراطه مع السلطات المؤقتة بقيادة أحمد الشرع، الذي أعلن اتفاقات مع عدد من الفصائل المسلحة لحلها ودمجها في الجيش السوري الموحد، مشيراً إلى إعلان السلطات المؤقتة خططاً لعقد مؤتمر حوار وطني لجمع القوى السياسية والطائفية المختلفة لمناقشة العملية الانتقالية. ولاحظ أنه رغم أن التقارير الإعلامية تشير إلى أن المؤتمر قد يعقد الشهر الحالي، فإن وزير خارجية الحكومة المؤقتة أسعد الشيباني أفاد بأن الأمر يتطلب مزيداً من الوقت، موضحاً أن الاستعدادات جارية لتشكيل لجنة تحضيرية تكفل أوسع تمثيل لشرائح الشعب السوري، علماً بأن الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة قاما بزيارات دبلوماسية إلى كل من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف بناء الدعم لـ«استقرار سوريا وأمنها وانتعاشها الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».

6 نقاط

وعدّد بيدرسن ست نقاط رئيسة، أولها: «مواصلة السلطات المؤقتة العمل على هيكلة وتعزيز سلطتها». وأشار في الثانية إلى «علامات على عدم الاستقرار داخل المناطق الخاضعة لسيطرة السلطات المؤقتة»، بما في ذلك «تقارير متعددة عن حوادث عنف - في المنطقة الساحلية وحمص وحماة على وجه الخصوص - بما في ذلك روايات عن المعاملة المهينة والمذلة»، فضلاً عن «مقاطع فيديو لما يبدو أنها انتهاكات أو عمليات قتل خارج نطاق القضاء لمسؤولين من النظام السابق». وتتعلق الثالثة بوجود «مناطق كبيرة خارج سيطرة السلطات المؤقتة»، إذ «يستمر الصراع» وسط «تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها». وأوضح أنه «لا تزال مناطق الشمال الشرقي، وكذلك أجزاء من مدينة حلب، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب» في ظل «اشتباكات وتبادل لإطلاق النار بالمدفعية بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الجيش الوطني السوري على وجه الخصوص». وحض على «تطوير كل قنوات الحوار ودعمها، كما حض كل الأطراف على إيجاد طريق للمضي قدماً من دون مواجهة عسكرية». وعبّر عن «قلق عميق إزاء استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي والنشاط العسكري، بما في ذلك خارج منطقة الفصل، في انتهاك لاتفاق فك الارتباط لعام 1974»، مضيفاً أنه «لا بد من وقف الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها». وشدّد على أن «(داعش) لا يزال يشكل قلقا كبيرا، مع استمرار نشاطاته، والمخاوف من أنه قد يسعى إلى الاستفادة من التقلبات الأمنية في بعض المناطق».

وإذ ركز في النقطة الرابعة على الحاجات الإنسانية الملحة للشعب السوري، أكد في الخامسة أن «الطريق إلى الأمام في الانتقال السياسي غير واضح»، علماً بأن «هناك عناصر إيجابية يمكن البناء عليها، ولكن هناك أيضاً عدة نقاط مثيرة للقلق يعبر عنها السوريون»، بما في ذلك «التعبير عن المواقف بشأن طبيعة الدولة قبل العملية الدستورية، أو إصدار قرارات سياسية طويلة الأجل فيما يتعلق بقطاع الأمن، أو في مجالات مثل التعليم». وقال: «تلقى بعض السوريين إشارات إيجابية من السلطات المؤقتة، خصوصاً من حيث التأكيد على الشمولية والحاجة إلى إشراك طيف واسع من السوريين في تشكيل المرحلة الانتقالية (...) وفي الوقت ذاته، سمعنا مخاوف بشأن الافتقار إلى الشفافية حول التوقيت والإطار والأهداف والإجراءات في أي مؤتمر للحوار الوطني - وكذلك المشاركة، من حيث معايير الحضور وتوازن التمثيل».

وأكد في النقطة السادسة أنه «مستعد للعمل مع السلطات المؤقتة بشأن كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة والمهمة التي تم التعبير عنها حتى الآن والمبادرة بها نحو انتقال سياسي موثوق وشامل»، طبقاً للمبادئ المنصوص عليها في القرار «2254». ومع ذلك، أشار إلى أن «السلطات السورية المؤقتة أبدت تحفظات بشأن استمرار أهمية القرار (2254)»، داعية إلى مراجعته. وأكد أنه «شجع السلطات المؤقتة على الانخراط في حوار بشأن مخاوفها»، محذراً من أن «الفشل في تحقيق انتقال شامل قد يؤدي مرة أخرى إلى اضطرابات مدنية».

الدعم المطلوب

أما فليتشر، فقدّم لمحة عامة عن الوضع الإنساني الصعب في البلاد، والجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية لتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وقال إن الوضع الإنساني في سوريا «لا يزال مأسوياً» رغم الاستقرار النسبي في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أن «الخدمات الأساسية تحتاج إلى إعادة البناء، ويحتاج المدنيون إلى الحماية، وتواجه النساء والفتيات التهميش». وأكد أن «حماية المدنيين أمر بالغ الأهمية، مع نزوح أكثر من 620 ألف شخص، ويواجه الكثير منهم ظروف الشتاء القاسية».

وطلب فليتشر من مجلس الأمن «دعم الضمانات باحترام القانون الإنساني الدولي، وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل بحرية»، فضلاً عن «زيادة التمويل للدعم الأطول أمداً»، و«ضمان تدفق الدعم بكفاءة إلى داخل سوريا ومن خلالها، مع عدم إعاقة العقوبات للمساعدات الإنسانية والدعم من البلدان المجاورة».

مواقف الأعضاء

وعبّر أعضاء المجلس عن دعمهم لجهود بيدرسن، ودور الأمم المتحدة في «تيسير العملية الانتقالية والمبادئ المنصوص عليها في القرار (2254)». وتحدث بعضهم عن القلق من استمرار الأعمال العدائية في بعض أجزاء البلاد، خصوصاً الشمال، داعين إلى معالجة التوترات بين الفصائل العسكرية المختلفة، والحفاظ على الهدوء، والاتفاق على وقف النار على مستوى البلاد، فضلاً عن حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، في ظل «تقارير مقلقة» عن عمليات قتل خارج نطاق القضاء وأعمال انتقامية.

وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء أيضاً على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، والحاجة إلى منع «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى من إعادة بناء قدراتها. وطالب البعض بـ«احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، مندداً بالغارات الجوية الإسرائيلية المتواصلة.


مقالات ذات صلة

سكان يلملمون آثار الدمار غداة أعمال عنف في اللاذقية غرب سوريا

المشرق العربي انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

سكان يلملمون آثار الدمار غداة أعمال عنف في اللاذقية غرب سوريا

يلملم سكان حي تقطنه غالبية من العلويين في اللاذقية غرب سوريا، شظايا الزجاج المتناثرة أمام واجهات محلاتهم المحطمة.

«الشرق الأوسط» (اللاذقية)
شؤون إقليمية رجل يمر أمام جدارية لأنصار «قسد» في القامشلي تُظهر علمها وصورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أوجلان يمتدح «اتفاق 10 مارس» ويعده نموذجاً لـ«الحكم الذاتي المشترك» في سوريا

وصف زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان الاتفاقَ الموقّع بين «قسد» والحكومة السورية بشأن اندماجها في الجيش السوري بأنه نموذج للحكم الذاتي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي انتشار قوات الأمن السورية بعد اندلاع اشتباكات خلال احتجاجات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

الأمن السوري يفرض حظر تجول ليلياً في اللاذقية

فرض الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، اليوم (الثلاثاء)، حظر تجول في المدينة، اعتباراً من الساعة 05:00 مساء اليوم حتى الساعة 06:00 صباحاً من يوم غد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص ترمب يستقبل إردوغان بالبيت الأبيض للمرة الأولى منذ 6 سنوات في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

خاص تركيا تعلق آمالاً على «صداقة» ترمب لحل الملفات العالقة

تبرز العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة بوصفها واحدةً من أكثر العلاقات تعقيداً وتقلباً بالرغم من التحالف في «ناتو» يحرص البلدان على تسييرها من منظور براغماتي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

تضارب أنباء عن زيارة متوقعة لعبدي إلى دمشق

انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بحكم الأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
TT

سوريا: توقيف 21 شخصاً على صلة بحكم الأسد في اللاذقية بعد أعمال عنف

عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)
عناصر من القوات السورية يقفون فوق مركبة عسكرية عقب اندلاع اشتباكات في مدينة اللاذقية (إ.ب.أ)

أوقفت السلطات السورية 21 شخصاً على صلة بحكم بشار الأسد في محافظة اللاذقية، غرب البلاد، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي، وذلك بعد فرض حظر تجوّل في مدينة اللاذقية، غداة أعمال عنف شهدتها هذه المنطقة ذات الغالبية العلوية.

وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية تلقي القبض على 21 شخصاً من فلول النظام البائد متورطين بأعمال إجرامية وتحريض طائفي واستهداف قوات الأمن الداخلي».


استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

استياء رسمي لبناني من «حماس» لرفضها تسليم سلاحها

أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
أفراد أمن فلسطينيون ينتشرون في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت خلال تسليم السلاح للجيش اللبناني في شهر أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

في وقت يستكمل فيه الجيش اللبناني عملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تطرح الأسئلة حول مصير سلاح حركة «حماس» في لبنان، وهي التي لا تزال ترفض تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والاتفاق اللبناني - الفلسطيني في هذا الإطار.

وبلغ الاستياء الرسمي اللبناني من حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها مستويات غير مسبوقة نتيجة رفضها تسليم سلاحها المتوسط والثقيل الموجود جنوب نهر الليطاني، وبالتحديد في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، علماً بأن المهلة التي حددها الجيش اللبناني لإنجاز المرحلة الأولى من قرار الحكومة «حصرية السلاح»، والتي تلحظ المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني والحدود الإسرائيلية، تنتهي نهاية عام 2025.

ويفترض أن تعلن الحكومة في جلسة تعقدها مطلع عام 2026 إنجاز المرحلة الأولى وانتقالها لتطبيق المرحلة الثانية بمسعى منها لتجاوز التهديدات الإسرائيلية بشن جولة جديدة من الحرب «لمواجهة محاولات (حزب الله) إعادة بناء قدراته العسكرية».

وتشدُّد «حماس» وفصائل أخرى، يطرح علامات استفهام، لا سيما أن «حزب الله» رضخ وسلّم سلاحه جنوب الليطاني، ما يهدد سلامة واستقرار مخيم الرشيدية إذا قررت إسرائيل استهداف السلاح الموجود داخله، والذي يُعتقد أن بعضه متوسط وثقيل.

وساطات خارجية لمعالجة الملف

وكشف مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط» عن «طلب لبنان وساطات خارجية لمعالجة ملف سلاح (حماس)، وعن ممارسة هذه الدول ضغوطاً على الحركة لم تؤدِ غرضها حتى الساعة». واعتبرت مصادر مواكبة لهذا الملف أن تسليم «فتح» دفعة جديدة من السلاح من مخيم عين الحلوة، الثلاثاء، «هو بمثابة محاولة جديدة للضغط على (حماس) لتسليم سلاحها».

عنصر في الجيش اللبناني على مدخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت (إ.ب.أ)

ويعبّر رئيس لجنة الحوار اللّبناني - الفلسطيني السّفير رامز دمشقية بوضوح عن الاستياء الرسمي اللبناني من موقف حركة «حماس» والفصائل الحليفة لها، وطريقة تعاطيها مع هذا الملف.

وقال دمشقية، لـ«الشرق الأوسط»: «طالما هذه الفصائل تعلن أنها تحت سقف الدولة اللبنانية، فالمفروض بها أن تلتزم بقرارات الدولة، لا أن تلجأ للمراوغة من خلال ربط التسليم بملف الحقوق»، مضيفاً: «نعلم أن هناك حقوقاً ومطالب، ونحن نعمل على هذا الملف بجدية... لكننا نرفض أي مقايضة بين ملف وآخر».

ويرى دمشقية أنه «لا نفع أو جدوى من اجتماعات موسعة مع الفصائل»، معتبراً أن «المطلوب من (حماس) والفصائل الحليفة التواصل مع الجيش اللبناني لتحديد مواعيد لتسليم السلاح، تماماً كما فعلت فصائل منظمة التحرير».

وترفض حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى حليفة لها مقررات القمة اللبنانية - الفلسطينية، وترى أنه يفترض بالدولة اللبنانية حل الملف الفلسطيني في لبنان سلة واحدة؛ أي عدم إعطاء الأولوية للسلاح على الحقوق والمطالب الفلسطينية.

وتقول مصادر «حماس» لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تزال تنتظر دعوة السفير دمشقية كل الفصائل للحوار بشأن ملف السلاح والملفات العالقة المرتبطة بالحقوق الفلسطينية والتفاهم على ورقة تشكل أرضية للحل»، لافتة إلى أنه «وفي اللقاء الأخير مع السفير دمشقية وعد بالدعوة لحوار مماثل، لكن ذلك لم يحصل ولم يتم توجيه أي دعوة».

جنود قرب مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان خلال عملية تسليم مجموعات فلسطينية سلاحها للجيش اللبناني 13 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

ويبدو محسوماً ألا خطة سياسية - عسكرية لبنانية لجمع السلاح الفلسطيني بالقوة؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «مهام الجيش في التعامل راهناً مع ما تبقى من سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، تقتصر على منع دخول أو خروج السلاح منها، بحيث تم تشديد الإجراءات الأمنية المتخذة على المداخل والمخارج الأساسية والفرعية للمخيمات المنتشرة في كل المناطق اللبنانية».

تسليم الدفعة الخامسة من سلاح «فتح»

وأعلن الجيش اللبناني، الثلاثاء، أنه «واستكمالاً لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية، تسلَّمَ الجيش كمية من السلاح الفلسطيني من مخيم عين الحلوة (في جنوب لبنان)، بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية»، مشيراً إلى أنها شملت أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها».

من جهته، أعلنت دائرة الإعلام في الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان (الجناح العسكري لحركة «فتح»)، في بيان، أن «قواتها استكملت، الثلاثاء، تسليم الدفعة الخامسة من السلاح الثقيل التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في مخيم عين الحلوة - صيدا».

وأكد الأسدي أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للبيان الرئاسي المشترك الصادر عن الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزيف عون في شهر مايو (أيار) الماضي، وما نتج عنه من عمل اللجنة اللبنانية - الفلسطينية المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات وتحسين الظروف المعيشية فيها».

12 مخيماً فلسطينياً في لبنان

ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان 489.292 شخصاً. ويقيم أكثر من نصفهم في 12 مخيماً منظماً ومعترفاً بها من قبل «الأونروا» هي: الرشيدية، برج الشمالي، البص، عين الحلوة، المية ومية، برج البراجنة، شاتيلا، مار إلياس، ضبية، ويفل (الجليل)، البداوي، ونهر البارد.

وسُجل في الفترة الماضية، وبالتوازي مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني الموجود داخل المخيمات، حراك رسمي لافت باتجاه تحسين ظروف عيش اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزح نحو 80 في المائة منهم تحت خط الفقر، ويعيشون في أوضاع صعبة جداً داخل مخيماتهم.

وقام السفير دمشقية رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني مع مديرة شؤون «الأونروا» في لبنان، دوروثي كلاوس، بمساعٍ حثيثة مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بمعالجة هذا الملف، من خلال العمل على تخفيف بعض القيود المرتبطة بترميم وإصلاح المنازل، وإصدار بطاقات هوية بيومترية للفلسطينيين.


«اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عن موعد محتمل في منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كان ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط تسريبات عبرية عن «اتفاق على بدء المرحلة لكن مع استمرار فجوات آليات التنفيذ».

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك المسار المحتمل الذي يأتي في ظل تعثر المرحلة الثانية منذ أسابيع يتوقف على إرادة واشنطن في تنفيذ الاتفاق، وسط توقعات أن تقبل إسرائيل بالمضي في المرحلة الثانية وتجزئة بنودها بما يمنحها حق الإعمار في مناطق سيطرتها ويسمح بعدم الانسحاب بذريعة عدم نزع سلاح «حماس» ما يفاقم من تعقيدات خطة السلام الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، الثلاثاء، أن ترمب فرض على نتنياهو خلال اجتماعهما بمنتجع «مار إيه لاغو» في كاليفورنيا، موعد 15 يناير المقبل لبدء المرحلة الثانية من خطته في غزة.

ونقلت «يديعوت أحرونوت»، عن مصادر إسرائيلية، أن ترمب تعهد بالشروع في تطبيق خطته بغزة في أقرب وقت ممكن دون أن يربط بين بدء المرحلة الثانية وإعادة جثة آخر أسير من القطاع.

ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، الثلاثاء، عن مصدرين مطلعين قولهما إن نتنياهو وافق على المضي قدماً نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة، رغم خلافاته مع فريق ترمب حول آليات التنفيذ، فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك فجوات كبيرة بين نتنياهو ومقربين من ترمب، بشأن الانتقال للمرحلة الثانية وتجاوز مسألة تفكيك قدرات «حماس».

وصرح ترمب، عقب لقاء نتنياهو، بأنهما اتفقا على معظم الأمور، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك في ولاية فلوريدا.

وأضاف أنه تحدث مع نتنياهو عن نزع سلاح حركة «حماس»، مشدداً على أن الحركة «أمامها وقت قصير لذلك وإلا ستدفع ثمناً باهظاً»، غير أنه رد على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستسحب جنودها من غزة قبل نزع سلاح «حماس» بشكل كامل، بالقول: «هذا موضوع آخر سنتحدث عنه لاحقاً».

المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة ما زالت تواجه فجوات (الرئاسة المصرية)

ويرى الأمين العام لـ«مركز الفارابي للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور مختار غباشي، أن مسألة حسم الموعد من عدمه المثارة تتوقف على إرادة واشنطن وتنفيذ إسرائيل، وما تم في لقاء الاثنين بين ترمب ونتنياهو يشي بأن ثمة إرادة لدى ترمب في دفع الأمور للأمام بشكل سريع، رغم التنسيق المشترك بينهما في أكثر من ملف.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أنه من الواضح أن هناك رؤية لترمب وأخرى لإسرائيل، الأولى تريد الإسراع لكن أمامها عائق نزع السلاح، وإسرائيل تريد تجزئة المرحلة الثانية، وهذا ما يعني أننا سنعلق في تلك المرحلة.

ويتوقع أن تنطلق المرحلة الثانية في الموعد المحتمل، مع إجراءات تتمثل في فتح المعابر وزيادة الشاحنات الإغاثية وتسمية «مجلس السلام» ولجنة إدارة القطاع، مقابل أن تسمح واشنطن لإسرائيل بأن تبدأ الإعمار في مناطق سيطرتها، حال عدم التوصل لتفاهم بشأن نزع سلاح «حماس».

في سياق متصل، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مقابلة متلفزة مع قناة «سي إن إن» الأميركية، «استمرار الجهود التي تبذلها مصر لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، والانتقال إلى استحقاقات المرحلة الثانية وجهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار»، وذلك حسب بيان للخارجية المصرية الثلاثاء.

نصب خيام الفلسطينيين النازحين التي تحميهم من ظروف الشتاء القاسية على طول الواجهة البحرية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وقبل لقاء نتنياهو ترمب، قال حازم قاسم، الناطق باسم «حركة حماس»، في بيان، إن الحركة «لا تزال تثق بقدرة الرئيس الأميركي على تحقيق السلام في قطاع غزة وكل المنطقة»، مطالباً ترمب بـ«ممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل وإلزامها بما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ». ولم يعلق قاسم رسمياً على مطالب نزع سلاح «حماس»، غير أن الحركة سبق أن وضعت شروطاً لإتمام ذلك.

ويعتقد غباشي أن العراقيل الإسرائيلية ستعمل على تعطيل المضي سريعاً في استحقاقات المرحلة الثانية، لكن الجهود المصرية ستبقى كما هي متواصلة لوقف تلك العقبات، مستدركاً: «كل شيء وراد بشأن موعد بدء المرحلة الثانية أو تأخرها في ضوء التزام إسرائيل بمخرجات لقاء ترمب».