«الفن في الشرفة»... متاحف عالمية تكلف فنانين بأعمال تسجّل مرحلة «كورونا»

من وحي الغناء في المنازل الذي شهدته مدن العالم

عازفة تشيلو فرنسية تقيم حفلاً موسيقياً على الشرفة برفقة بناتها في باريس (رويترز)
عازفة تشيلو فرنسية تقيم حفلاً موسيقياً على الشرفة برفقة بناتها في باريس (رويترز)
TT

«الفن في الشرفة»... متاحف عالمية تكلف فنانين بأعمال تسجّل مرحلة «كورونا»

عازفة تشيلو فرنسية تقيم حفلاً موسيقياً على الشرفة برفقة بناتها في باريس (رويترز)
عازفة تشيلو فرنسية تقيم حفلاً موسيقياً على الشرفة برفقة بناتها في باريس (رويترز)

الشرفة والنافذة أصبحتا من أهم معالم مرحلة «كورونا» في مدن العالم، فهما المنفذ على العالم الذي يستطيع منه السكان المحاصرون في بيوتهم التواصل مع جيرانهم ورؤية السماء والأشجار. كم أثارت المشاعر لقطات وأفلام فيديو لأناس عاديين، في إيطاليا وإسبانيا وغيرها من الدول، وقد سارعوا لشرفاتهم ونوافذهم للاشتراك معاً في الغناء والعزف. تحولت تلك اللقطات إلى بذور لأعمال فنية آتية بالفعل، فقد أعلنت مجموعة من المتاحف العالمية عن تكليفها لـ14 فناناً بإنتاج أعمال معبرة عن الوضع الحالي، ولكن في حدود شرفاتهم، لتتخذ الشرفة مكانها المستحق في التعبير الفني عن أزمة كورونا، فهي أصبحت المساحة العامة المشتركة مع الآخرين التي يخاطب الناس بعضهم بعضاً من خلالها في زمن الفيروس. وبالفعل، أصبح هناك توصيف للفن الخارج أو المولود في مساحة الشرفات، وأصبح «فن البلكونة»، حسب ما وصفه به اتحاد «لانترناسونالي» للمتاحف الذي يتبنى المشروع الفني الجديد.
ويشارك في المبادرة عدد من أشهر المتاحف العالمية، ومنها متحف الملكة صوفيا «رينا صوفيا» بمدريد، ومتحف «فان أبميوزيام» في آيندهوفن بهولندا، ومتحف الفن المعاصر في وارسو، وغيرها من بولندا وبلجيكا وإسبانيا. وطلبت المتاحف من الفنانين تقديم أعمال في شرفاتهم، بصفتها مساحة عامة متاحة لهم للتعبير عن حياة الناس تحت الحجر المنزلي في مختلف أنحاء العالم.
ومن جانبه، وجد مدير متحف «فان أبميوزيام» أن لجوء الناس للتعبير عن مشاعرهم ورغباتهم المشتركة عبر المكان الوحيد المتاح لهم، وهو الشرفة، يعد أمراً ملهماً للإبداع.
ومن أهداف المبادرة، حسب مانويل بورجا فيليل، مدير متحف «رينا صوفيا» بمدريد، تقديم ترجمة فنية بصرية للغناء في الشرفة الذي انتشر من إيطاليا لغيرها من البلدان، حسب مقال كتبه لموقع «آرت نت»، حول وضع المتاحف والمؤسسات الثقافية بعد رفع الحجر، وتصوره لطريقة عملها مجدداً.
ويرى فيليل أن هذه المرحلة التي تسبب فيها انتشار الفيروس ستكون فاصلة في حياة المتاحف عامة، وأنه سيكون هناك تصنيف لما قبل وما بعد كورونا، إذ يقول: «في عالم الفن، ستكون هناك أشياء كثيرة نحتاج لإعادة التفكير بها. ستفتح المتاحف أبوابها مرحلياً، ولكن هل سيكون الزوار متوجسين من الاقتراب من الآخرين؟ هل سيكون باستطاعتنا تنظيم معارض فنية ضخمة مثل التي تعودنا على إقامتها؟ ربما تكون أيام المعارض الضخمة قد ولت... ولكن يجب علينا الحذر من أن نتحول لمجتمعات يخشى فيها الناس بعضهم بعضاً... لا يجب أن نذعن لذلك، ونسمح باختفاء المساحات العامة، هناك عناصر من المتعة والتعلم والديمقراطية في الالتقاء مع الآخرين».
وفي ضوء هذا الإحساس بأهمية الفن، ومخاطبته لكل مستجدات الحياة، يأتي دعم اتحاد المتاحف العالمية (لانترناسونالي) لمبادرة «الفن في الشرفة». ويوضح فيليل المبادرة قائلاً: «دعونا 14 فناناً للمشاركة، ولكن الكل يمكنه المشاركة. طلبنا منهم تقديم عمل - عرض فني من الشرفة أو النافذة، ولهم مطلق الحرية في الاختيار بالطبع، ولكننا طلبنا منهم التعبير عن معنى الحجر المنزلي والمشاعر التي يثيرها، وتصوراتهم للمستقبل». أما تشارلز إيش، مدير متحف «فان أبميوزيام»، فعبر عن تصوره للمشروع قائلاً لصحيفة «ذا آرت نيوزبير»: «كان من الضروري بالنسبة لنا أن نجد وسيلة لدعم الفنانين مادياً في هذه الأوقات الحرجة عبر تكليفات سريعة. فكرة الشرفة بصفتها مساحة عامة مفتوحة بدت فكرة مناسبة لنطلب من الفنانين التعبير عن رؤيتهم للحياة من هذه المساحة المحدودة، وبالطبع نترك لهم ترجمة ماهية فكرة المساحة المفتوحة».
يذكر أن اتحاد المتاحف العالمية «لانترناسونالي» أسس في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008.


مقالات ذات صلة

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.