لأول مرة منذ قرن... كنيسة القيامة بالقدس مغلقة في عيدها

رجل يقف أمام الباب المغلق لكنيسة القيامة في القدس (أ.ف.ب)
رجل يقف أمام الباب المغلق لكنيسة القيامة في القدس (أ.ف.ب)
TT

لأول مرة منذ قرن... كنيسة القيامة بالقدس مغلقة في عيدها

رجل يقف أمام الباب المغلق لكنيسة القيامة في القدس (أ.ف.ب)
رجل يقف أمام الباب المغلق لكنيسة القيامة في القدس (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ نحو مائة عام، لن تستقبل كنيسة القيامة، التي أغلقت أبوابها بسبب فيروس «كورونا» المستجد، الحجاج المسيحيين المحتفلين بعيد الفصح، حيث تحاول العائلات التعايش مع الأمر والاحتفال في منازلها وفق الإمكانيات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي من الكاثوليك والبروتستانت بعيد الفصح أو عيد القيامة الأحد المقبل، بينما يحتفل المسيحيون الأرثوذكس بالعيد في 19 من الشهر الحالي.
وأغلقت السلطات الأماكن الدينية أمام الزوار، ومن بينها كنيسة القيامة التي يعتقد المسيحيون أن المسيح دُفن فيها بعد أن صلبه الرومان في عام 30 أو 33 ميلاديّاً، وهم يتوافدون عليها بعشرات الآلاف خلال العيد.
ويؤكد المؤرخ الفلسطيني جوني منصور، أن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كنيسة القيامة خلال عيد الفصح في السنوات المائة الأخيرة.
هذا العام، سيحضر ستة من رجال الدين فقط القداس الذي سيترأسه المدبر الرسولي لبطريركية القدس للاتين المطران بييرباتيستا بيتسابالا، داخل الكنيسة، مقابل نحو 1500 شخص حضروه العام الماضي، كما صرح بذلك أمين سر البطريركية الأب إبراهيم شوملي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وستبث الكنيسة القداس لرعاياها عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، كما فعلت الأحد الماضي خلال قداس أحد الشعانين الذي بث باللغة العربية وحضره أكثر من 60 ألف شخص حول العالم، معظمهم من منطقة الشرق الأوسط، تبعاً لشوملي.
ويقول شوملي: «حاولنا التكيف مع الوضع وتنظيم احتفالات مركزية نبثها عبر الشاشات ونخلق جواً إيجابياً داخل المنازل». ويضيف: «رغم كل الطاقة السلبية التي حولنا، لا بد أن نلتمس شيئاً من الإيجابية».
وفي حارة النصارى في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، التي هجرت شوارعها وأزقتها وأغلقت جميع المرافق الحيوية فيها منذ أسابيع، تزين السيدة الفلسطينية سوسن بيطار زوايا منزلها للعيد.
ووصفت سوسن مشاعر الحزن التي تمتلكها لعدم تمكنها من الاحتفال بالعيد مثل كل عام. وقالت إن «الأجواء غريبة وتبعث على الاكتئاب».
وأحصت إسرائيل التي احتلت الشطر الشرقي من المدينة في 1967. أكثر من 9700 إصابة بالفيروس المستجد الذي تسبب بوفاة 86 إسرائيلياً.
وبلغ عدد الإصابات في الأراضي الفلسطينية 263. بينها 13 في قطاع غزة المحاصر وحالة وفاة في الضفة الغربية المحتلة.
وجلست سوسن وحفيدتاها نايا وتاليا داخل المطبخ لتلوين بيض عيد الفصح الذي تقول إنه يرمز إلى الحياة الجديدة.
وحضرت الجدة عشر بيضات مسلوقة وماء وأصباغاً بالألوان الأزرق والبرتقالي والبنفسجي والأحمر. صبغت الطفلتان الصغيرتان البيض ووضعتاه على طبق بشكل أرنب.
وتقول حفيدتها نايا (3 سنوات) التي افتقدت فرق الكشافة التي تجوب عادة الأزقة خلال أحد الشعانين وهي تقرع الطبول وتعزف الألحان: «أحب صبغ البيض بسبب الأرانب والألوان».
أما سوسن التي حرصت على إضفاء أجواء البهجة على منزلها وعائلتها فتؤمن بأن «كل شيء يحدث لسبب».
احتفلت سوسن وابنتها وعائلتا ابنيها بأحد الشعانين في حديقة منزلها المكون من طابقين، وشاركت «وكالة الصحافة الفرنسية» صور العائلة وقد جهزت استوديو تصوير صغيراً.
وتُظهِر الصور «الاستوديو» الذي زينته من وحي المناسبة ففرشت أرضيته بسجادة خضراء ووزعت على أطرافه سعف النخيل المزينة ومجسمات الأرانب.
لكن كل هذا لم ينس سوسن التي جهزت أيضا الكعك التقليدي المحشو بالفستق الحلبي والتمر والجوز افتقادها «للصلاة في الكنيسة».
وتقول سوسن: «نحن على بعد خمس دقائق فقط من القبر المقدس لكن لا يمكننا الوصول إلى هناك».
وشهد العام الماضي مشاركة أكثر من 25 ألف مسيحي بعيد أحد الشعانين في مدينة القدس، بينما هذا العام لم تخرج المسيرة التقليدية من دير «بيت فاجي» على جبل الزيتون لتصل إلى كنيسة القديسة حنا داخل البلدة القديمة كما جرت العادة.
الأحد الماضي، فرغت أزقة البلدة القديمة في القدس من الناس، واحتفلت العائلات المسيحية بأحد الشعانين وفق ما تسمح به الإمكانيات.
وفي مقارنة مع العام الماضي، قالت جيهان خوري وهي معلمة وأم لطفلين وقد أعدت ربع كمية الكعك التقليدي الخاص بالعيد، إن هذا العام يطغى عليه «شعور صعب، ما يحدث حولنا بسبب الفيروس جعلنا نقدر قيمة أقل الأشياء».
وتضيف جيهان التي زينت منزلها أيضاً: «هذا العام لم أحضر أغصان النخيل ولا الشموع ولا حتى ملابس جديدة، ولن أتمكن من زيارة أهلي الذي يسكنون في حيفا (شمال)».
أما ابنتها إيفا (12 عاما) التي تابعت القداس مع والديها وشقيقها عبر شاشة الحاسوب فتشعر بأن العيد لم يكتمل. وتقول إيفا: «هناك شيء ناقص، أفضّل أن التقي بباقي أفراد عائلتي وأصدقائي ونذهب معاً إلى الكنيسة ونحمل أغصان النخيل».
وبدا التأثر على فرنسيس غَرفة من بلدة بيت حنينا شمال القدس، الذي لم يتمكن من تزيين منزله وتحضير مخبوزات العيد التقليدية.
ويقول فرنسيس: «الوضع مأساوي»، ويشير إلى أنه على وشك خسارة وظيفته بسبب الآثار الاقتصادية للفيروس التي اضطرت
كثيراً من الجهات لتقليص أعداد موظفيها.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.