ماذا ترتدي للعمل من المنزل خلال الحجر؟

اختصاصيون نفسيون يوصون بالاهتمام بالمظهر

ماذا ترتدي للعمل من المنزل خلال الحجر؟
TT

ماذا ترتدي للعمل من المنزل خلال الحجر؟

ماذا ترتدي للعمل من المنزل خلال الحجر؟

أزمة وباء «كورونا» حولت البيوت إلى زنزانات مع مفاتيح، حولت المطابخ إلى مكاتب، حولت الحدائق الخاصة خلف المنزل إذا وجدت إلى منفس وحيد، وجعلت نوافذ الشقق الضيقة المتنفس الوحيد.
هذا باختصار ما رافق «كورونا» الذي استبد بالبشر وجعله محجوراً ومحبوساً بين جدران المنزل.
نسبة كبيرة من الموظفين في عدد لا يستهان به من القطاعات اضطروا للعمل من منازلهم بما فيهم نحن الصحافيون، حتى النشرات الإخبارية المتلفزة أصبحت تستضيف المحللين والسياسيين من منازلهم، ولكن السؤال الأكبر، بعد أن انتشرت أخيراً صور ساخرة للمشاركين في النشرات الإخبارية من فئات الرجال وهم يرتدون قمصاناً مع ربطات عنق وجاكيتات رسمية لتفضح كاميرا السكايب وتبين أنهم يرتدون بنطالاً خاصاً بالرياضة أو شورت.
فوضى روتين الأزياء طال النساء أيضاً والسبب هو أن النسبة الأكبر من الموظفين لم يعتادوا على هذا النمط من العمل من ذي قبل.
وبما أن الحجر المنزلي الذي طال أمده، ولا يعرف أي كان متى سننتهي من هذا الكابوس، فلا بد من التأقلم بالوضع، والأمر الجيد وبحسب الأخصائيين النفسيين هو أن الإنسان كائن قادر على التأقلم في كل الظروف، وهذا الظرف بالتحديد، يؤثر سلباً على النفسية، ولهذا السبب بدأت في أستراليا الأسبوع الماضي ظاهرة «Dress up Thursday»، وتدعو هذه الظاهرة الجميع، كباراً وصغاراً إلى ارتداء أجمل الثياب ونشر صورهم على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، لبعث الفرح في النفوس في ظل هذه الفترة غير المعتادة، وانتشرت هذه الظاهرة لتطال العالم بأسره.
الفكرة ليست سطحية بقدر ما هي مدعومة من وجهة نظر الأطباء المتخصصين في الأمراض النفسية، الذين وجدوا بأن خلق روتين معين خلال هذه الأزمة، بما في ذلك الاستيقاظ في وقت محدد من الصباح والاستحمام ووضع عطرك المفضل وانتقاء الثياب من خزانتك كنت ترتديها قبل الأزمة، يساعد على تحسين النفسية. كما ينصح الأخصائيون، النساء بالاهتمام بهندامهن وهن في البيوت، واستعمال مساحيق التجميل، وهذا لا يعني وضع ماكياج صارخ وإنما القليل منه يجعل النفسية أفضل ويذكر السيدة بهويتها قبل «كورونا».
في بريطانيا، بدأوا أمس بتطبيق «التأنق يوم الخميس» وسيستمر إلى أن نخرج من وباء «كورونا»، وتنصح خبيرات التجميل بإيجاد خط معين من التبرج الذي يريح النفسية.
وفي مقابلة أجريت مع خبيرة الأزياء البريطانية تريني وودول قالت إن تحسين النفسية وعامل السعادة الذي يرافقه يساعد عليه المظهر بشكل كبير، وأضافت بأن الألوان تلعب دوراً مهماً جداً في تحسين الحالة النفسية، ولهذا السبب نرى في كثير من الأحيان أن السيدات يملن إلى لون داكن لفترة طويلة من الزمن وقد يكون السبب الشعور بالإحباط أو المرور بأزمة نفسية معينة، وخاصة أن الألوان الداكنة غالباً ما تكون مرتبطة بالحزن.
ونصحت وودول بأن يقوم كل منا في هذه الفترة بتنظيم خزائن الثياب، وترتيبها بحسب الألوان، والتركيز على ارتداء الفساتين والثياب بألوان ربيعية زاهية والابتعاد عن الألوان القاتمة، وبما أن الموضة الحالية2 تسمح بارتداء أحذية الرياضة مع الفساتين وحتى البدلات الرسمية، فلا يمنع ذلك من مزج الراحة مع الأناقة ولو في المنزل.
ورافقت هذه النصائح صور لطيفة لامرأة ترتدي فستان سهرة جميل جداً بمناسبة عيدها الأربعين وهي ترمي كيس مخلفات المنزل، إضافة إلى صور للأطفال وهم يرتدون أجمل ما لديهم من ثياب بما في ذلك فساتين أميرات ديزني الجميلة.
فيقول البروفسور في علوم السيكولوجية في جامعة هيوستن: «هناك فئة من العاملين في المكاتب الذين لا يأبهون للهندام والثياب والأناقة بشكل عام، ولكن من ناحية علم النفس، فالشكل والمظهر يحددان هوية الشخص، ويساعد المظهر الجيد على عقد اجتماعات أنجح وأكثر إنتاجية، وفي وضع الحجر المنزلي والعمل من المنازل، يجب التنبه إلى مسألة الروتين وعدم الانغماس في عالم افتراضي يفرض علينا نسيان من كنا من قبل ويخلق زياً موحداً يعتمد على بنطال الرياضة.
وفي اتصال مع سيمونا ماياري وهي مديرة تنفيذية في بنك «يو بي إس» في لندن، وتعمل حالياً من المنزل، قالت لـ«الشرق الأوسط»: أقوم بجميع اجتماعاتي حالياً عبر (سكايب)، وعملي جدي للغاية، فعلي أن أبدو بمظهر منمق احتراماً لعملائي، فأقوم بوضع ماكياج خفيف على وجهي، وأرتدي الثياب التي أرتديها في المكتب، وأصفف شعري بقدر المستطاع... فهناك خط رفيع ما بين الاهتمام بنفسك أو الانجراف في هذه العزلة المفروضة علينا، وإلا فسنفقد هويتنا ونقع في دوامة الكآبة».
خلاصة الموضوع أننا لم نقدر تفاصيل صغيرة في حياتنا ما قبل «كورونا»، مثل الروتين المعتاد في الاستيقاظ وتجهيز أنفسنا للذهاب إلى المكتب للعمل، بغض النظر عن اهتمام المرء بمظهره الخارجي أم لا، ففي هذه الفترة يجب التنبه لهذه المسألة من خلال الاهتمام أكثر بالهندام، بعدما فقدنا الروتين السابق، ولهذا ينصح بالاهتمام بالمظهر للشعور بالراحة النفسية وارتداء ما يشبه ما كنا نرتديه للعمل في المكاتب.


مقالات ذات صلة

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك جرعة من لقاح «كورونا» (رويترز)

رجل يتهم لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» بـ«تدمير حياته»

قال مواطن من آيرلندا الشمالية إن لقاح «فايزر» المضاد لفيروس كورونا دمر حياته، مشيراً إلى أنه كان لائقاً صحياً ونادراً ما يمرض قبل تلقي جرعة معززة من اللقاح.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى «كورونا» الشديدة يمكن أن تتسبب في التهاب في «مركز التحكم» في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)