انتشار كبير لتطبيقات وألعاب إلكترونية لتعليم اللغات عن بعد

أزمة «كورونا» قد تقلل دور الأساتذة

انتشار كبير لتطبيقات وألعاب إلكترونية لتعليم اللغات عن بعد
TT

انتشار كبير لتطبيقات وألعاب إلكترونية لتعليم اللغات عن بعد

انتشار كبير لتطبيقات وألعاب إلكترونية لتعليم اللغات عن بعد

تأخذ كايلين ويلسون، طالبة الصفّ السابع في ماساتشوستس، استراحة كلّ يوم من واجباتها المنزلية الإلكترونية لكي تستخدم تطبيقاً هاتفياً لمدّة نصف ساعة لتعلّم لغة أجنبية. وبعد مرور أسبوعين على استخدامها للتطبيق الذي طوّرته شركة التقنية العملاقة «روزيتا ستون» لتعلّم اللغة، وقفت الفتاة (12 عاماً)، وكلمت والديها بجملة بسيطة باللغة الفرنسية: «يملك الصبي ثلاث دراجات خضراء وبيضة».
حتّى اليوم، لا تحتاج هذه البنت إلى دراسة لغة جديدة للحصول على علامات، ولكن خلال فترة إقفال المدارس الذي تقرّر لاحتواء انتشار وباء «الكورونا»، رأى والدها إعلانات عن حسابات مجّانية للطلّاب تقدّمها شركات تطوّر برامج إلكترونية لتعلّم اللغات ومنها «روزيتا ستون»، فقرّر أن يشجع ابنته على تجربتها.
اليوم، ومع اعتماد الطلاب في جميع أنحاء البلاد على التعلّم الإلكتروني للأسابيع والشهور المقبلة، تعمل شركات التقنية بنشاط على التسويق لمنتجاتها، كحلول لا بدّ منها لإبقاء الطلاب المتصلين بالإنترنت مشغولين.
تستخدم المدارس برامج كـ«روزيتا ستون» Rosetta Stone و«دوولينغو» Duolingo و«بابل» و«كاهوت!» Kahoot! منذ سنوات، ولكن ليس دون أستاذ. وتساعد هذه الأدوات على تعليم اللغات الأجنبية وإثراء اللغة الأم، ولكن قلّة من المدارس اكتفت بها للحلول مكان أستاذ مُجاز لم تستطع تعيينه بسبب الافتقار إلى الكفاءة أو ارتفاع الكلفة.
ويشدّد الرؤساء التنفيذيون لهذه الشركات دائماً على أنّ برامجهم ليست مصنوعة لاستبدال الأساتذة. ولكنّ مع مئات آلاف المستخدمين الجدد الذين يسجلون دخولهم اليوم من المنازل، يمكن القول إنّ هذه التطبيقات تخضع لاختبار عالمي لمعرفة: كم يمكن للطلّاب أن يتعلّموا وحدهم، من خلال برنامج إلكتروني، دون أستاذ؟ وكم ستغيّر تجربة التعليم الرقمي عملية التعلّم مع عودة الأولاد أخيراً إلى الصفوف التقليدية؟
يرى مات هوليت، الرئيس التنفيذي لشركة «روزيتا ستون» أنّ «هذه المرحلة هي واحدة من نقاط التحوّل في مجال التعليم». تجدر الإشارة إلى أنّ شركته حصلت على ما يتراوح بين 10000 و20000 مستخدم جديد منذ إلغائها لرسوم الاشتراك.
يقول هوليت: «نؤمن بأنّ الأساتذة والتقنية مترابطون. ولا نعتقد أنّ اتجاه التعلّم الذاتي سيتمكن من الحلول مكان الأساتذة».
ولكن في هذا الوقت الاستثنائي، تصوّر الدعايات التسويقية هذه المنتجات على أنّها الحلّ الأمثل للتعلّم في المنزل خلال انتشار وباء «كورونا».
وقد أثنى خبراء تعلّم اللغة على خطوة الشركات بتأمين موارد غير مقيّدة للطلّاب، ولكنّهم في الوقت نفسه يشعرون بالقلق من أنّ الاعتماد المتزايد على البرامج الإلكترونية بدل الأساتذة، في الإعدادات الافتراضية أو التقليدية، قد يقنع الناس ببراعة هذه البرامج، مع أنّها لا تزوّد الطلّاب بالأدوات الضرورية لقراءة وكتابة وفهم اللغة الجديدة.
من جهته، اعتبر هاوي بيرمن، رئيس المجلس الأميركي لتعليم اللغات الأجنبية، أنّ «تعليم استخدام اللغة في بيئة محدودة تعتمد على الكومبيوتر هو أمر قابل للتطبيق. ولكن بعد الخروج من هذه البيئة، هل سيتمكّن المتعلّم من استخدام هذه اللغة في العالم الحقيقي؟».
كما حصلت شركات التقنية على اشادة الباحثين الأكاديميين أيضاً، ولكنّ هؤلاء رأوا أنّ هذه البرامج ليست حلّاً شاملاً، لا سيما أنها غير قابلة للتعديل بشكل يناسب الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصّة، أو أولئك الذين يملكون إمكانات محدودة لاستخدام الإنترنت.
وتقول كارا داوسن، أستاذة التعليم التقني في جامعة فلوريدا: «لا بدّ من الاعتراف بأنّ هذه المصادر لا تحلّ مكان التعليم البشري الذي يركّز على النوعية، وأنّ هذه البرامج ليست مصممة لتناسب جميع أنواع الطلاب».
ما هو مستوى جودة عمل تطبيقات تعلّم اللغات؟ في البداية، ركّزت معظم برامج تعلّم اللغة على السوق الاستهلاكية... أي على البالغين العاديين الذين يريدون تعلّم لغة جديدة في وقت فراغهم على كومبيوتر منزلي أو تطبيق هاتفي.
وحتّى عام 2010، كانت شركة «روزيتا ستون»، التي تأسّست عام 1992، لا تزال تبيع صناديق من الأقراص المدمجة المخصصة لتعلّم اللغة. أّمّا اليوم، وكشركات كثيرة أخرى، تحوّلت إلى خدمات الاشتراك المزوّدة بخاصية تمييز الكلام. ويتيح أحدث تطبيقات «روزيتا ستون» على «آيفون» لمستخدميه توجيه هاتفهم على شيء معيّن ليعطيهم اسمه باللغة التي يتعلّمونها. كما عرضت الشركة تأمين تواصل مشتركيها مع أساتذة لتعليم اللغة في جلسات افتراضية مجّانية بحلول نهاية يونيو (حزيران) المقبل.
وتعتبر برامج غرف الصف الافتراضية خدمة جديدة بالنسبة للشركات التي تطوّر تطبيقات تعليم اللغة. وتعتمد هذه الشركات عادة على الفكرة نفسها، وهي انتقال الطلّاب من تمرين إلى آخر للتدرّب على مهارات القواعد واللفظ، ويقدّم البرنامج بعدها تقييماً للأساتذة حول أداء كلّ طالب.
وتقدّم «روزيتا ستون» أيضاً خدمات تعليم اللغة الإنجليزية للمدارس. وفي عام 2012، اشترت الشركة تطبيق «ليكسيا ليرنينغ» لتعليم اللغة الإنجليزية لطلّاب المرحلة المتوسطة أو المساعدة على تعلّم الإنجليزية كلغة ثانية. وكشفت مايا غودال، أحد المديرين في «روزيتا ستون» أنّ الشركة كانت تقدّم خدماتها لـ17000 مدرسة، وأربعة ملايين تلميذ، لتعلّم اللغة الإنجليزية ولغات أجنبية أخرى قبل انتشار الوباء. ولكنّ هذا الرقم ارتفع كثيراً اليوم.
بدورها، قدّمت شركة «بابل» في برلين، ألمانيا، خدمات مجّانية للطلاب خلال أزمة الوباء. وصرّح متحدّث باسم الشركة بأنّ نحو 50000 مستخدم شاب جديد، 10000 منهم في الولايات المتحدة، انضمّوا أخيراً إلى شبكة مشتركي «بابل».
قليلة هي الدراسات والأبحاث التي تناولت فعالية أحدث تطبيقات تعلّم اللغة في ظلّ السرعة التي تتطوّر بها التقنية. في المقابل، رجّحت دراسات أخيرة تناولت تطبيقات تعليم الرياضيات والقراءة أنّ برامج التعليم التي يلعب الكومبيوتر دور المساعد فيها، التي تساعد الطالب على التمرّن على مهارات معيّنة ساهمت في تحقيق مكاسب أكاديمية كبيرة.
ولفت فيليب أوريوبولوس، أستاذ الاقتصاد في جامعة تورونتو وأحد المشاركين في الدراسات، أنّ البرامج الأكثر فعالية تضمّ ميزات أساسية هي التفاعل والسماح للطلّاب بالتقدّم وفقاً لسرعتهم الخاصة والتأقلم حسب قدراتهم. وأضاف أنّ أفضل هذه البرامج يزوّد الأساتذة ببيانات حول أداء الطلّاب. وكشف أوريوبولوس أنّه استخدم تطبيق «دوولينغو» لولديه، 9 و11 عاماً، بعد إقفال المدارس في تورونتو قبل ثلاثة أسابيع.
دخلت شركة «دوولينغو» سوق تعلّم اللغة عام 2012 بمنصّة إلكترونية وتطبيق يعتمدان على الألعاب، وكلاهما مجّاني.
وفي 2015، طرحت الشركة خدمة «دوولينغو للمدارس»، التي أتاحت للأساتذة متابعة تقدّم الطلاب في صفوفهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الخدمة مجانية ومموّلة من الإعلانات.
- «يو إس إي توداي»
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

تكنولوجيا كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام، إذ تستطيع البرامج الموجودة على هاتفك، بمساعدة الذكاء الاصطناعي....

جيه دي بيرسدورفر (نيويورك)
تكنولوجيا تتيح منصة «Bolt.new» تطوير وتشغيل التطبيقات مباشرة عبر المتصفح معتمدةً على الذكاء الاصطناعي وتقنية الحاويات الويب دون الحاجة لإعدادات محلية (bolt.new)

تعرف على خدمة تطوير التطبيقات من المتصفح مباشرة مع «Bolt.new»

حققت خدمة «Bolt.new» نقلة نوعية في مجال تطوير التطبيقات؛ إذ تتيح للمطورين كتابة وتشغيل وتحرير التطبيقات مباشرة عبر المتصفح.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
يوميات الشرق تحوّلت الهواتف الذكية بما فيها من تطبيقات إلى إدمان العصر (رويترز)

كيف تقطع يدك الافتراضية... 7 خطوات للحدّ من الإدمان على الهاتف

باتت الهواتف الذكية امتداداً لليَد البشريّة، وكأنها يدٌ جديدة التصقت بها. العيون لا تفارقها ليل نهار، فهل من سبيل للتخفيف من هذا الإدمان المستجدّ؟

كريستين حبيب (بيروت)
أوروبا شعار تطبيق «تلغرام» (رويترز)

وفق تعديلات جديدة... «تلغرام» قد يرسل معلومات تخص بعض مستخدميه للسلطات القضائية

عدّل تطبيق «تلغرام» قواعد الإشراف الخاصة به من أجل التعاون بشكل أكبر مع السلطات القضائية، وفق ما قال، الاثنين، مؤسس المنصة ورئيسها بافل دوروف.

«الشرق الأوسط» (باريس)
تكنولوجيا علماء النفس يوصون بتسجيل قوائم على تطبيق الملاحظات لتسجيل اللحظات المبهجة والأهداف والتفاصيل الصغيرة (رويترز)

تطبيق الملاحظات على هاتفك... كيف يجعلك أكثر سعادة؟

يوصي علماء النفس باستخدام تطبيق الملاحظات على الهاتف للاحتفاظ بقوام لما يسميه الشاعر روس جاي «المتع» - «تلك الأشياء الصغيرة التي تلاحظها في العالم وتبهجك».

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.