تشهد المخيمات الفلسطينية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية استنفارا كبيرا منذ بدء تفشي فيروس «كورونا» في لبنان، تقوده «الأونروا» والقوى الفلسطينية كافة والتي باتت على أتم جهوزية للتعامل مع السيناريوهات المقبلة.
ويجري التشدد في الإجراءات سواء على مداخل المخيمات أو داخلها، خوفا من انتشار الفيروس بين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في منازل صغيرة جداً ومتلاصقة تجعل من السهل اتساع رقعة المصابين بسرعة هائلة. فمثلا يعيش في مخيم «عين الحلوة» الواقع في منطقة صيدا جنوب البلاد، 120 ألف لاجئ في كيلومتر مربع واحد.
ورغم تسجيل أول إصابة بـ«كورونا» في صفوف اللبنانيين في فبراير (شباط) الماضي وتخطي عدد الإصابات الـ500 يوم أمس، تؤكد المرجعيات الفلسطينية أنه لم يتم تسجيل أي إصابة في صفوف اللاجئين حتى الساعة، فيما تكشف المتحدثة باسم «الأونروا» في لبنان هدى السمرا لـ«الشرق الأوسط» عن تسجيل إصابة واحدة فقط في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وهي للاجئ لا يقيم في المخيم، وقد ظهرت عليه أعراض خفيفة لم تستدع دخوله المستشفى وهو حالياً يخضع للحجر المنزلي، لافتة إلى أنه منذ بداية أزمة الكورونا قامت «الأونروا» بحملات توعية مكثفة لجميع موظفيها كما للاجئين، من خلال نشر تدابير الوقاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات المحلية في المخيمات.
وأعلنت السمرا عن تجهيز مركز سبلين للتدريب المهني والتقني الخاص بالوكالة لاستخدامه كمركز عزل للتعامل مع الحالات الطفيفة من فيروس كورونا في حال عدم قدرة هذه الحالات على عزل نفسها في البيوت بسبب الاكتظاظ أو في حال عجز المستشفيات عن استقبالها بسبب انتشار تفشي المرض، مشيرة إلى تحديد بعض المراكز الأخرى من ضمن منشآت الأونروا لتحويلها إلى مراكز عزل داخل المخيمات بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وشركاء محليين آخرين، مؤكدة أن كل هذا العمل يتم بالتنسيق مع السلطات اللبنانية.
وأضافت: «منذ بداية الأزمة، كانت الأونروا حريصة على أن تكون جزءاً من نظام استجابة متكامل وموحد بإشراف من السلطات اللبنانية. بعد التباس في المرحلة الأولى حول ما إذا كان سيتم قبول الفلسطينيين في المستشفيات اللبنانية، أكدت الأونروا في 22 مارس (آذار) 2020. بعد التواصل مع المعنيين في وزارة الصحة والدولة اللبنانية، بأن هذا سوف يكون ممكناً، وأن الوكالة هي التي ستغطي تكاليف استشفاء لاجئي فلسطين المسجلين لديها ونفقات الفحص المخبري، وستقدم سفارة فلسطين مساعدة لتغطية بقية التكلفة التي لا تغطيها الأونروا».
وأوضحت السمرا أنه تم الاتفاق على نظام اتصال مباشر مع مستشفى رفيق الحريري بحيث إذا احتاج لاجئ فلسطيني إلى إجراء فحص الكورونا، فإن الصليب الأحمر اللبناني سيقوم بنقله بالتنسيق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، حتى من داخل المخيم إلى المستشفى.
وينظر اللاجئون داخل المخيمات بارتياح للإجراءات المتخذة وخاصة عند مداخل المخيمات بحيث يتم فحص حرارة الداخلين وتعقيم سياراتهم، لكن ما يقلق هؤلاء هو توقف معظمهم عن العمل نتيجة الأزمة وإعلان التعبئة العامة. ويقول مصدر في حركة «فتح» داخل مخيم «عين الحلوة» بأن نسبة البطالة التي كانت تسجل ما بين 60 و70 في المائة قبل «كورونا» وارتفعت اليوم لتلامس الـ90 في المائة باعتبار أن معظم اللاجئين يعملون كمياومين.
وبالتالي انقطعت حاليا مصادر رزقهم ومعيشتهم ما أثقل الحمل على الجهات الرسمية الفلسطينية خاصة أن الأونروا لم تضع حتى الساعة خطة طوارئ إغاثية للتصدي لهذا الوضع.
وبحسب تعداد عام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان أنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2017. يعيش 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان في 12 مخيماً و156 تجمعاً في 5 محافظات لبنانية، إلا أن عدد اللاجئين المسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في بيروت يبلغ 449 ألفا.