«كورونا» يعصف بالحكومة الأردنية

أربك قطاعات البلاد وأشعل خلافاً حول صلاحيات النواب

TT

«كورونا» يعصف بالحكومة الأردنية

وسط حالة من الترقب المصحوب بأمل احتواء انتشار فيروس «كورونا» المستجد في الأردن قبل حلول شهر رمضان، تفاعلت أنباء خلال اليومين الماضيين في أوساط سياسية، حول إقالات محتملة لوزراء وزارات خدمية تعرضوا لانتقادات واسعة، أخفقوا في إدارة ملفات متعلقة بطبيعة عملهم في ظل الأزمة، وهي الاستقالات التي تضاف إلى استقالة وزير الزراعة الأردني إبراهيم الشحاحدة قبل أيام.
وفي حين لم تفصح مصادر رسمية لـ«الشرق الأوسط» عن حيثيات الاستقالات المرتقبة، وفيما إذا كان سيرافقها تعديل وزاري، أم الاكتفاء بتكليف رئيس الوزراء عمر الرزاز، وزراء من حكومته بتسيير أعمال الوزارات التي سيستقيل وزراؤها، رجح مراقبون بقوة رحيل نحو 3 وزراء من المحسوبين على شخص الرزاز خلال الأزمة.
وتأتي التكهنات بشأن هذه الاستقالات، في حين أن 5 تعديلات حكومية سابقة لم تطل أصحاب حقائبها بسبب الحظوة التي يتمتعون بها من رئيس الحكومة منذ التحاقهم بالفريق الوزاري.
ورغم أن التوقعات لا تزال في إطار الترجيحات، فإن وزراء آخرين بالمقابل أخذوا منحنى الرضا الشعبي عنهم بالتصاعد، كوزيري الصحة والإعلام وهما من بين الوزراء الأحدث في حكومة الرزاز التي تراجعت شعبيتها في الشارع الأردني قبيل ظهور أزمة الفيروس.
وفي سياق متصل، ترتفع أصوات أهالي الطلاب لمعرفة مصير العام الدراسي الذي يقترب من إتمام مدة الشهر من التعطل القسري، وتتمسك وزارة التربية والتعليم على لسان الناطق الإعلامي باسمها وليد الجلاد بأن منصات التعليم عن بعد ما زالت فاعلة على شاشات التلفزة المحلية، والقنوات الخاصة التي جرى فتحها لتلك الغاية.
وحول مصير شهادة دراسة الثانوية العامة (التوجيهي) أكد الجلاد لـ«الشرق الأوسط» أن الامتحانات لا تزال على موعدها مطلع شهر يوليو (تموز) المقبل، وأن منصات التعليم عن بعد كفيلة بإنهاء المنهاج المدرسي للطلبة ضمن موعد نهاية العام الدراسي في شهر يونيو (حزيران) المقبل.
لكن الجلاد رفض فك الارتباط بين تطور الوضع الصحي لانتشار فيروس «كورونا» في البلاد، وأي خطط تتعلق بالعام الدراسي الذي ينتهي مطلع الصيف الحالي.
وتسبب انتشار وباء فيروس «كورونا» المستجد في الأردن بإرباك واسع لدى جميع القطاعات بعد قرار حكومي قضى بتعطيل الحياة العامة منذ نحو أسبوعين زيادة مدة التعطيل إلى أسبوعين قادمين، في حين بلغ عدد الإصابات 223 شفي منها 74 حالة، في وقت سجلت فيه 5 وفيات، بحسب البيان اليومي لوزير الصحة سعد جابر، حتى ليل السبت.
وأسندت وزارة الصحة الأردنية عودة الحياة إلى طبيعتها في سائر القطاعات، بتراجع أرقام الإصابات في المملكة أو توقفه عند حاجز معين، في حين ذهبت تصريحات وزير الصحة سعد جابر بضرورة إغلاق المطارات والمنافذ البرية والبحرية إلى نهاية شهر مايو (أيار) المقبل، أي بعد انتهاء شهر رمضان.
إلى ذلك، نشب خلاف حكومي نيابي حاد على خلفية إصرار الحكومة على تحرك النواب وفق تصاريح مرور صادرة عن وزارة الشؤون البرلمانية، وذلك بعد مخالفة نائبين لقرار الحظر الشامل يوم الجمعة الماضي وتوقيفهما في المركز الأمني، الأمر الذي اعتبره رئيس البرلمان الأردني، عاطف الطراونة مخالفة دستورية قامت بها الحكومة، محذرا من التعسف بتطبيق قانون الدفاع الذي يعطل القوانين السارية لكنه لا يعطل الدستور.
وحذر الطراونة الحكومة من استمرار تهميش دور المؤسسات الدستورية، مطالبا باحترام نصوص الدستور في الحالات الطارئة والوضع الاستثنائي الذي تمر به المملكة، مشيرا إلى أن مجلس النواب الأردني يقوم بدوره، وفي حين أن بعض النواب خالفوا القانون فلا يجوز تهشيم صورة المجلس كاملا، والتضييق على الدور الرقابي الذي تمارسه لجان المجلس من خلال تواصلها مع القطاعات المختلفة، والعمل على إيجاد حلول سريعة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون.
في الأثناء لا يزال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يتصدر الجهود الرسمية في مواجهة انتشار فيروس «كورونا» المستجد، منفذا جولة اتصالات هاتفية مع مديري مستشفيات حكومية، وأفراد من القوات المسلحة (الجيش العربي) والأمن، بعد نجاح خطة الحظر الشامل في البلاد، وتمكين فرق التقصي الوبائي من القيام بعملها.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم