حداد وطني في الصين... وقبور «افتراضية»

عائلات أضاءت «شمعة رقمية» وأخرى حجزت موعد زيارة المقابر على الإنترنت

رجال أمن وأطباء يشاركون في تكريم ضحايا «كوفيد-19» في ووهان أمس (أ.ف.ب)
رجال أمن وأطباء يشاركون في تكريم ضحايا «كوفيد-19» في ووهان أمس (أ.ف.ب)
TT
20

حداد وطني في الصين... وقبور «افتراضية»

رجال أمن وأطباء يشاركون في تكريم ضحايا «كوفيد-19» في ووهان أمس (أ.ف.ب)
رجال أمن وأطباء يشاركون في تكريم ضحايا «كوفيد-19» في ووهان أمس (أ.ف.ب)

لزمت الصين، أمس، يوم حداد وطني، تكريماً لأكثر من 3300 شخص توفوا جراء فيروس «كورونا المستجد» في البلد الأكبر في العالم من حيث عدد السكان، حيث نُكّست الأعلام ونُظمت وقفة تأمل وطنية وأُلغيت كل المناسبات الأخرى. وشارك الرئيس شي جينبينغ في التكريم، مثبتاً زهرة بيضاء في جيب بزّته الرسمية، وهو يتقدم مسؤولين في المبنى الذي يضم مقر الحكومة الصينية، وفق صور بثّتها قناة «سي سي تي في» العامة.
وعند العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي، دوّت الصافرات في أنحاء البلاد كافة لثلاث دقائق، فيما قامت السيارات والقطارات والسفن بإطلاق أبواقها، تحية احترام للضحايا، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وفي ووهان (وسط) البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، والتي ظهر فيها الفيروس للمرة الأولى في العالم وسجلت العدد الأكبر من الوفيات في الصين، وقف المشاة في مكانهم عند تلك اللحظات.
في أثناء ذلك، وقف موظفون في مستشفى تونجي الذي كان في خط المواجهة الأول مع وباء «كوفيد - 19» أمام المبنى الرئيسي للمستشفى وأحنوا رؤوسهم. وقالت جو الممرضة في المنشأة، للوكالة الفرنسية: «أشعر بالكثير من الحزن على زملائنا وعلى المرضى الذين ماتوا»، فيما كانت تحاول حبس دموعها: «آمل أنهم يرقدون بسلام».
في العاصمة بكين، وبالتزامن مع ذلك، أوقف السائقون سياراتهم ليطلقوا الأبواق. وفي إحدى محطات المترو، وقف الركاب جميعاً والأقنعة تغطي وجوههم من أماكنهم وبقوا كذلك مجمدين لثلاث دقائق، وسط صمت لم يخرقه إلا صوت صافرة القطار.
ومن أحد الشوارع التجارية للعاصمة الصينية، قالت وانغ وونغا: «قدم الكثير من الناس، بينهم طواقم الصحة تضحيات استثنائية. إنهم أبطال». على ساحة تيانانمين الشهيرة في وسط بكين، نكّس العلم الوطني الأحمر ذو النجوم الخمس الصفراء، كما في كل أنحاء البلاد.
واحتراماً لمن قضوا، منعت الصين أمس أي نشاط عام ترفيهي على جميع سكانها البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة. كما حظر الدخول أيضاً إلى بعض الألعاب الإلكترونية.
وتزامن يوم التكريم مع مهرجان تشينغمينغ الذي يزور خلاله الملايين مقابر ذويهم الراحلين. لكن السلطات المتخوفة من موجة انتشار ثانية للوباء، ورغبة منها بتفادي التجمعات الحاشدة، دعت السكان إلى البقاء في بيوتهم. وللتمكن من دخول مقبرة بابا أوشان الهائلة في بكين، كان على العائلات أن تحجز موعداً مسبقاً عبر الإنترنت.
وفي ووهان، كانت أكبر مقبرتين في المدينة مغلقتين أمس، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ولتقديم بديل للعائلات، طرحت مواقع إلكترونية صينية قبراً «افتراضياً» يمكن للعائلات أن تضيء شمعة رقمية قربه تكريماً للمتوفى.
وشمل التكريم، أمس، 14 شخصاً وصفتهم الحكومة الصينية بأنهم «شهداء» الوباء. وهم عاملون في مجال معالجة المرضى، توفوا جراء أدائهم مهاهم. ومن بينهم الطبيب لي ونليانغ، الذي توفي جراء إصابته بـ«كوفيد – 19» في ووهان. وتلقى طبيب العيون البالغ من العمر 34 عاماً تأنيباً من الشرطة، لنشره ما قالت إنها «شائعات» حول الوباء. وهو كان قد حذر زملاء له من مخاطر انتشار فيروس مشابه لـ«سارس».
وأثارت وفاته مطلع فبراير (شباط) موجة سخط في أوساط الرأي العام، وتنديداً غير مسبوق ضد السلطة. وردت الحكومة مذّاك الاعتبار للطبيب.
ونشر الصينيون على الإنترنت رسائل تكريم تحت وسم «تكريم للطواقم الطبية خط الدفاع الأول»، الذي حظي بأكثر من 3,7 مليار مشاهدة على موقع «ويبو» الصيني للتواصل الاجتماعي.
مطلع الأزمة، لم يأخذ كثيرون بجدية مدى خطورة فيروس «كورونا المستجد» وقدرته على التفشي بين البشر. ولم يجرِ عزل ووهان إلا في 23 يناير (كانون الثاني) أي بعد نحو شهر من ظهور الفيروس. وبعد تعرضه للانتقاد، دافع الحزب الشيوعي الحاكم عن تأخره في الرد، ملقياً باللوم على المسؤولين المحليين الذين أُقيل العديد منهم مذّاك.
ورغم العزل الذي فُرض أواخر يناير على أكثر من 50 مليون شخص في وسط الصين، تسبب الوباء الذي لم يكن عدد ضحاياه حينها يتخطى العشرات، بوفاة نحو 60 ألف شخص حول العالم. والحصيلة الأخيرة للوباء في الصين هي 81639 إصابة، و3326 وفاة.
وبات الوباء حالياً تحت السيطرة في البلاد، حيث يعلن يومياً عن بضعة حالات إصابة جديدة فقط، غالبيتهم لأشخاص وافدين من الخارج.


مقالات ذات صلة

الأشخاص المَرِحون أكثر صموداً في الأزمات

يوميات الشرق المرح سمة شخصية تعكس القدرة على التفاعل مع الحياة بروح مرحة ومتفائلة (جامعة ساسكس البريطانية)

الأشخاص المَرِحون أكثر صموداً في الأزمات

أفادت دراسة أميركية بأن الأشخاص الذين يتمتّعون بمستويات عالية من المرح كانوا أكثر قدرة على الصمود والتكيف، خصوصاً خلال جائحة كورونا مقارنةً بغيرهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

النساء أكثر عرضة للإصابة بـ«كورونا طويل الأمد»

كشفت دراسة جديدة أن النساء معرضات لخطر أعلى بكثير للإصابة بـ«كورونا طويل الأمد» مقارنة بالرجال.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة القمر (إ.ب.أ)

هل أثرت جائحة «كوفيد» على القمر؟... دراسة تجيب

أفاد موقع «ساينس أليرت» بأن دراسة أُجريت عام 2024 خلصت إلى أن جائحة «كوفيد-19» التي تعرضنا لها أثرت على درجات الحرارة على القمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يمكن أن تثير الفيروسات حالة التهابية قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب أو تفاقمها (أرشيفية)

تحذير طبي... الإصابة بالفيروسات الشتوية قد تسبب مضاعفات في القلب

أبلغ مسؤولو الصحة في أميركا عن «طفرة» في فيروسات الشتاء، وحذّر خبراء الصحة من أن أعراض أمراض القلب تشبه في بعض الأحيان أعراض أمراض الجهاز التنفسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ روبرت كيندي جونيور يتحدث خلال اجتماع في مبنى الكابيتول في واشنطن 9 يناير 2025 (أ.ب)

روبرت كيندي المرشح المثير للجدل لوزارة الصحة الأميركية يخضع للمساءلة بمجلس الشيوخ

يَمْثُل روبرت كيندي أمام مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، حيث ستتم مساءلته بشأن تاريخه في نشر معلومات مضللة حول اللقاحات، في حين يستعد لتولي منصب وزير الصحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT
20

فرنسا: لا نفهم سبب إلقاء ترمب اللوم على أوكرانيا في الحرب

المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)
المرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب ورئيس أوكرانيا فولوديمير زيلنسكي خلال لقاء في برج ترمب في مدينة نيويورك... الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2024 (رويترز)

قالت متحدثة باسم الحكومة الفرنسية، اليوم (الأربعاء)، إن بلادها لا تفهم لماذا أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو المسؤول عن غزو روسيا لبلده والحرب الناتجة عن ذلك.

وأضافت المتحدثة صوفي بريما في تصريحات للصحافيين: «لا نفهم المنطق جيدا... من التعليقات المتنوعة والمتباينة وغير المفهومة في كثير من الأحيان التي يدلي بها الرئيس ترمب».

وذكرت أن ترمب أدلى ببعض التعليقات بشأن أوكرانيا خلال الأيام القليلة الماضية دون التشاور مع حلفائه الأوروبيين.

وقال ترمب في تصريحات للصحافيين، أمس الثلاثاء، عن أوكرانيا: «لقد كنتم موجودين لثلاث سنوات، وكان يجب عليكم إنهاء الأمر... كان يجب ألا تبدأوه مطلقا. كان بإمكانكم إبرام اتفاق».