الشيخة مي خليفة: علينا إيجاد صيغة جديدة نواصل عبرها الفعل الثقافي

رئيسة «هيئة البحرين للثقافة والآثار» تتحدث عن مشاريع الهيئة لمواجهة «كورونا»

الشيخة مي خليفة
الشيخة مي خليفة
TT

الشيخة مي خليفة: علينا إيجاد صيغة جديدة نواصل عبرها الفعل الثقافي

الشيخة مي خليفة
الشيخة مي خليفة

أصابت جائحة «كورونا» المستجد (كوفيد - 19)، قطاع الثقافة في بلدان العالم، مثلما أصابت في الصميم الحياة البشرية والاقتصاد والترابط الإنساني، وفرضت قيوداً صارمة على الكرة الأرضية، أبرز مظاهرها منع التواصل وفرض التباعد، وتعطيل كافة المناشط العامة.
وإذ اعتبرنا أن الثقافة كالخبز وكالدواء، فإنها كذلك هي «صرخة البشر في وجه مصيرهم»، كما يقول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو، وبالتالي فهي التعبير عن الحياة.
وحين يتعيّن على الناس أن يوثقوا ارتباطهم بالثقافة، مهما صعبت الظروف، يتعيّن كذلك على القطاعات المسؤولة عن الثقافة أن تفتح «كوة» في الجدار كي يصل شعاع الثقافة بكافة أشكالها للناس.
من بين المؤسسات الثقافية التي سعت للحفاظ على عطاء متواصل، رغم الظروف الراهنة الصعبة، «هيئة البحرين للثقافة والآثار» التي تُغني خارطة الحراك الثقافي الخليجي بنشاط ومبادرات متواصلة عبر مواسم ثقافيّة مستمرّة تجذب إليها الثقافة العالمية، كما تقدّم الفنّ البحريني بمختلف أشكاله في العالم بأسره، وهي تقوم حالياً بحضورٍ إلكتروني يقطع المسافات، ويصل إلى البيت بغنى مضمونه وتاريخه.
وللحديث عن دور الثقافة، أثناء الأزمات، وعمّا تقدّمه عبر منصات إلكترونية تتبع للمؤسسات الخاصة والعامة، بالأخص عن عمل الهيئة في هذه الأثناء التي تمرّ بها البلدان، كان لنا لقاء مع الشيخة مي بنت محمّد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار:
> كيف ترون أهمية الثقافة في ظل هذه الأزمة؟
- تشكل الثقافة منظومة مشتركة من القيم والتوقعات والاتجاهات والمعتقدات وأساليب التفكير المتعلقة بالفرد والمجتمع، وهذه المنظومة ركن أساسي وفاعل في نجاح مواجهة أي أزمة.
الثقافة فعل مقاومة، هذا ما أكرره على الدوام. هذا الفعل يجب ألا يتوقف في كافة الأوقات، فهو الذي يمنح المجتمعات قدرتها على مقاومة كافة الأزمات والظروف، ويستمر أثرها في تعزيز الهوية والمواطنة لدى مختلف الأفراد، الذي يتم التعويل عليهم في معاونة الأوطان على مواجهة التحديات الجسيمة، كالتي تواجهها كافة بلدان العالم اليوم. التعامل مع الأزمات يتطلب خططاً وأدوات علمية، ولكن قبولها والالتزام بها وتطبيقها يعتمد على المفاهيم الثقافية التي تحدد ذهنية الأفراد والجماعات، وتنعكس على السلوك في مواجهة الأزمات، وهنا تبرز أهمية الثقافة، وتأثيرها على الوعي المجتمعي.
> هل الثقافة في أوقات الرخاء، تختلف عنها في أوقات الشدة؟
- الثقافة بكافة أشكالها لغة تتعدى الحدود، فهي في أوقات الرخاء تصنع اللقاء الحضاري والثقافي ما بين المجتمعات، وتعرّف الإنسان على الآخر الذي ربما لا يشبهه في تفاصيله وعاداته وتقاليده، إنما يشبهه في إنسانيته وتفرّده. وأما في وقت الأزمات، فتستثير الثقافة روح التضامن والتعاطف ما بين الأفراد على المستوى المحلي وما بين المجتمعات على المستوى الإقليمي والعالمي، فهو جسر التواصل الإنساني.
> إلى أي حد يمكن للعالم الافتراضي أن يكون وسيلة ناجحة لتقديم ثقافة تفاعلية؟
- في ظل الأزمة الحالية، وهي أزمة وباء أجبر العالم على تغيير نمط حركته ونموّه، وأجبر المجتمعات على صناعة تباعد اجتماعي جسدي، لا بد من استحضار كافة المنجزات الحضارية التي حققناها على المستوى المحلي والجسور الثقافية التي بنيناها على المستوى العالمي من أجل الخروج من هذه الأزمة بشكل أقوى. فلا بد من وضع قطاع الثقافة في قائمة أولويات الدول شأنها شأن القطاعات الحيوية الأخرى.
اليوم نعيش في قرية عالمية، صحيح أن وسائل التنقّل التي تشكّل جزءاً مهماً في اختصارات المسافات ما بين الشعوب قد توقّفت بشكل مؤقت، إلا أن ما يصنع من عالمنا الواسع قرية صغيرة ربما هو أقرب إلينا مما نتوقع، فشبكة الإنترنت وأجهزة الاتصال الحديثة وتقنيات التصوير ساهمت في وضع العديد من الأماكن الثقافية من مسارح ومتاحف ومواقع تراثية بين أيدينا، ونجدها متاحة في كافة الأوقات. ويمكن لهذه الأماكن الثقافية أن تستمر في لعب دورها في العالم الافتراضي بكل سهولة، ريثما يمر العالم من أزمته وتعود الحياة إلى مجاريها.
ومن هنا أود دعوة الجميع إلى استثمار التقنيات الحديثة، ليس لأجل الاطلاع على ثقافتهم المحلية فحسب، بل كذلك من أجل استثمار أوقاتهم للتعرف على منجزات حضارية ومواقع تراثية إنسانية وسبل جديدة للتعلّم.
> ما الذي تقدّمه هيئة الثقافة في البحرين خلال هذه الفترة؟
- في هيئة البحرين للثقافة والآثار نؤمن أن الثقافة هي فعل مستمر ودائم، ولا يجب أن يتوقف مهما كانت التحديات. وكوننا الجهة الحكومية المسؤولة عن القطاع الثقافي، قمنا باتّباع تعليمات الفريق الوطني لمكافحة فيروس كورونا، وأوقفنا بشكل تام كافة أنشطتنا وفعالياتنا، إلا أن ذلك كان حافزاً لنا لكي نعمل على إيجاد صيغة جديدة نواصل عبرها الفعل الثقافي.
فقمنا باعتماد الأثير الإلكتروني وسيلة لنا للتواصل مع جمهورنا، وتشهد منصّاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي وموقعنا الإلكتروني مبادرات عديدة غير مقتصرة على تقديم الثقافة كمادة معرفية يمكن مشاهدتها وقراءتها، بل أيضاً نعمل على توفير محتوى تفاعلي يشارك في صناعته الجمهور عبر الصور والفنون والكتابة والشعر وغيرها. وتتضمن مبادراتنا، التي بدأنا تطبيق أولى خطواتها، استخدام المخزون الثقافي الذي شكّلناه خلال السنوات السابقة في إثراء التواصل مع جمهورنا.
* كيف يمكن تحفيز الجمهور للمشاركة في مثل هذه الفعاليات؟
- تعمل إداراتنا المختصة على صناعة زيارات افتراضية لمختلف مواقعنا الثقافية في البحرين عبر استخدام تقنيات التصوير والتركيب، فيما سنتوقف في منصّاتنا عند بعض الحفلات الموسيقية والفنية التي استضافتها مملكة البحرين في مواسمها الثقافية السابقة، وتقوم إدارة الثقافة والفنون بالتواصل من أجل ذلك مع العديد من المؤسسات الثقافية والمسارح والمهرجانات حول العالم للحصول على حق عرضها في منصّاتنا، وكلنا نعلم أن هناك حقوقاً ملكية فكرية أصبحت أكثر مرونة اليوم تضامناً مع الوضع الراهن.
وضمن حرصنا على توفير محتوى ثقافي يناسب كافة شرائح المجتمع، سنوفّر عبر موقعنا الإلكتروني كافة أوراق العمل التعليمية للأنشطة التي قدّمتها هيئة البحرين للثقافة والآثار، لتكون بمثابة بوابة تعليمية مفتوحة ونشاط يتشارك فيه الأطفال مع ذويهم.
> إلى أي حد يمكن أن تغّير هذه الجائحة من الأنماط الثقافية الراهنة؟
- بكل تأكيد ما زالت تغيّر هذه الأزمة الكثير من الأنماط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدى مختلف دول العالم، فاليوم على سبيل المثال أثبت العالم الافتراضي أنه الملجأ الوحيد من أجل تسيير حياة البشر في مختلف المجالات، فأصبحنا نشاهد طفرة في اعتماد أنظمة العمل عن بعد والتعليم عن بعد، وكافة الاحتياجات اليومية التي تعتمد على قلة الاحتكاك البشري والتنقّل الجسدي.
والثقافة كغيرها من الأنماط البشرية قد تأثرت بشكل كبير، ولكنها استطاعت التأقلم. كذلك فإن هذه الجائحة تشجع كلاً منا أن يتعامل مع الإنترنت بصورة مختلفة، ليصبح مصدراً أكبر للحراك الثقافي، وبذلك تعمل على إيجاد عادات جديدة. وهنا نشدّد على تأكيد اليونيسكو على أهمية الذكاء الصناعي، الذي خصصنا له احتفالنا بيوم اللغة العربية العام الماضي. هذا بالإضافة إلى العودة إلى المكتبة لقراءة ما لدينا من كتب. والأهم من كل ذلك، هو بروز أهمية البشر والقيم الإنسانية.


مقالات ذات صلة

آسيا رجل يمر أمام مجسمَيْن لفيروس «كورونا» (رويترز)

الصين: «كوفيد - 19» نشأ في الولايات المتحدة

أعادت الصين تكرار مزاعمها بأن «كوفيد - 19» ربما نشأ في الولايات المتحدة، وذلك في تقرير أصدرته أمس الأربعاء حول استجابتها للجائحة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يُروِّج لنظرية «تسرب كورونا من المختبر» عبر موقع «كوفيد» الحكومي

يدعم موقع إلكتروني اتحادي متخصص في فيروس «كوفيد-19»، كان يعرض معلومات عن اللقاحات والفحوصات والعلاج، الآن، نظرية أن الوباء نشأ نتيجة تسرب من مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تعرض الصفحة التي تشبه ملصقاً لأحد أفلام هوليوود عنواناً وهو «تسريب المختبر» (البيت الأبيض)

البيت الأبيض يدشن صفحة تدعم نظرية نشوء «كورونا» داخل مختبر

دشّن البيت الأبيض، الجمعة، صفحة إلكترونية جديدة حول أصول نشأة فيروس كورونا، على موقعه الرسمي يدعم فيها النظرية القائلة بأن «كوفيد-19» نشأ داخل مختبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس «كورونا المستجد» بقسم «كوفيد - 19» داخل مستشفى في بيرغامو... 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» تضع اللمسات الأخيرة على «اتفاق الجوائح»

تجتمع الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الثلاثاء) في جنيف، على أمل وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الجوائح، بعد التوصل إلى اتفاق «مبدئي» الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

لتعيش علاقة سعيدة... افعل هذه الأشياء في عطلتك الأسبوعية

كيف يقضي الأزواج أسعد الأوقات في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ف.ب)
كيف يقضي الأزواج أسعد الأوقات في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ف.ب)
TT

لتعيش علاقة سعيدة... افعل هذه الأشياء في عطلتك الأسبوعية

كيف يقضي الأزواج أسعد الأوقات في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ف.ب)
كيف يقضي الأزواج أسعد الأوقات في عطلة نهاية الأسبوع (أ.ف.ب)

إذا كنت تعمل بدوام كامل، فأنت تعلم بالفعل مقدار الوقت والجهد اللازمين لتحقيق التوازن بين العمل والحياة. أما إذا كنت في علاقة فسيصبح الأمر أكثر صعوبة.

بصفته طبيباً نفسياً يدرس العلاقات الزوجية ومتخصصاً في العلاقات والسعادة، واجه مارك ترافرز، المتزوج من امرأة عاملة، هذه التحديات، لكنه أشار في تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، إلى أن عمله باحثاً وكونه زوجاً علمه ذلك أهمية أن يكون متعمداً في كيفية قضاء وقته مع وزوجته، وخاصة في عطلات نهاية الأسبوع.

وفيما يلي يقدم ترافرز كيف يكون لدى الأزواج أسعد العلاقات وأنجحها، وكيف يقضون أوقات فراغهم، وخصوصاً عطلهم الأسبوعية:

1- يضعون هواتفهم جانباً

الزوجان اللذان يقضيان وقتاً طويلاً معاً، ولكنهما مشتتان باستمرار بالرسائل النصية أو البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، ربما لا يكونان سعيدين مثل الزوجين اللذين يقضيان وقتاً أقل معاً، ولكن من دون هواتفهما.

لهذا السبب، من المهم جداً تخصيص وقت خاص من دون أي تدخل من التكنولوجيا. وكيفية قضاء هذا الوقت غير مهمة في الواقع. لا داعي لأن يكون مُخططاً له بدقة، المهم هو الحضور.

قد يكون ذلك من خلال احتساء قهوة صباحية هادئة وتبادل أفكار عفوية، أو نزهة هادئة لملء الصمت، أو تناول عشاء فاخر - طالما أن الهواتف وأجهزة الكومبيوتر المحمولة موضوعة جانباً.

2- الانغماس في «اللعب الموازي»

بعد أسبوع عمل مُرهق، من الطبيعي، بل والصحي، أن يشتهي المرء العزلة. ولكن قد يكون من الصعب الاختيار بين «وقت خاص» و«وقت مشترك».

لحسن الحظ، هناك طريقة لإشباع الحاجة إلى قضاء وقت خاص والتواصل في آنٍ واحد. «اللعب الموازي»، وهو مفهوم مُشتق من علم نفس الأطفال، هو عندما يمارس شخصان نشاطهما المُفضل بشكل منفصل، ولكن جنباً إلى جنب.

بالنسبة للأزواج، قد يبدو هذا كأن أحد الشريكين يقرأ على الأريكة، بينما يلعب الآخر لعبة الفيديو المُفضلة لديه بجانبه. قد لا يتفاعلان مباشرة مع بعضهما البعض، لكنهما لا يزالان يتشاركان المساحة عن قصد ويُخففان التوتر من خلال نشاط يستمتع به كل منهما.

إنها ببساطة طريقة لقول: «أحبك، ولكني أحتاج أيضاً أن أحب نفسي لساعة أو ساعتين».

3- خلق طقوس

تزدهر العلاقات بالطقوس. العودة إلى المنزل لشريكك ومعرفة أن عطلة نهاية الأسبوع ستحمل شيئاً مألوفاً أو شيئاً خاصاً، يمكن أن يكون أمراً مريحاً.

في الواقع، تُظهر الأبحاث أن الطقوس يمكن أن تساعد الأزواج على تنظيم حياتهم بطريقة تسمح بالتعايش بين التغيير والاستقرار. يمكن للأفراد الاندماج في هوية مشتركة تبدو مختلفة عن كل شخص بمفرده. يمكنكما ترسيخ نفسيكما معاً، مهما كانت الفوضى المحيطة بكما.

شكل هذه الطقوس متروك لك تماماً. قد تكون فطائر صباح الأحد، أو أمسية ألعاب.

4- يضحكون عمداً

تشير الأبحاث إلى أن المرح من أكثر الأدوات فعالية التي يمكن للأزواج استخدامها لتقوية علاقتهم. فهو يعزز الرضا عن العلاقة، ويخفف الخلافات، ويكسر الشعور بالرتابة الذي قد يبدأ الشريكان بالاستياء منه.

خلال الأسبوع، ندرب أنفسنا من دون وعي على البحث عن أمور تُسبب التوتر. لكن في عطلات نهاية الأسبوع، نحتاج إلى التخلي عن هذه العادة.

التصرف بحماقة - ومواجهة الحماقة بالمقابل - يساعدنا على استعادة شعورنا الطفولي بالدهشة الذي نحمله في داخلنا والذي يختفي تحت وطأة مسؤولياتنا.

لذا، ابحثوا عن الفرح بوعي. ربما تُخرجون لعبة معلومات عامة بقواعد غير منطقية، أو تتحدون بعضكم البعض في مسابقة رقص.