بدأت إيطاليا تحلم بدخولها مرحلة الاحتواء التدرجي للوباء، بعد أيام من التراجع الطفيف في نسب الإصابات والوفيات، بينما تواصل إسبانيا انحدارها السريع لانتزاع المرتبة الأولى بعد أن زادت إصاباتها عن 10 آلاف في يوم واحد، واقتربت من حاجز المائة ألف، وسجّلت رقماً قياسياً جديداً في العدد اليومي للوفيات بلغ 849، فيما بدأت مستشفيات العاصمة تستنجد بالمناطق الأخرى لنقل المصابين الذين لم تعد قادرة على استيعابهم.
وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي جيوزيبي كونتي، تمديد فترة العزل التام، حتى منتصف هذا الشهر، متوقعاً أن تبدأ عجلة الحياة بالعودة إلى طبيعتها مطالع مايو (أيار)، لكنه حذّر من مغبّة التراخي في تطبيق تدابير العزل والحجر الصحي، ودعا مواطنيه إلى ممارسة أقصى درجات الحيطة، والتحلّي بالمسؤولية وروح التضحية في هذه المرحلة، التي وصفها بأنها حاسمة في معركة الانتصار على الفيروس. وقال: «المشكلة ليست في الخروج من الأزمة، بل في الخروج منها بأسرع وقت».
وفي إسبانيا، تشهد العاصمة مدريد وضعاً مأساوياً، منذ أيام، حيث تستقطب وحدها أكثر من نصف الإصابات والوفيّات، وبعد أن تحولت معظم مستشفياتها إلى ساحات حرب مكتظّة بالحالات الخطرة، وبأعداد مرتفعة من الإصابات في صفوف الطواقم الصحية التي تعمل بما يتجاوز بكثير طاقتها منذ أكثر من 10 أيام. ويتوقّع الأخصائيون انفجاراً كبيراً في الإصابات والوفيّات خلال الأيام القليلة المقبلة، ما ينذر بوقوع «مجزرة صحية»، كما قال مدير أحد المستشفيات.
كانت مدريد قد أفاقت، أمس الثلاثاء، تحت طقس بارد وهطول الثلج على غير العادة في مثل هذه الأيام، بينما كانت المؤسسات الرسمية تنكّس الرايات على مبانيها بعد أن ضاقت المقابر عن استيعاب جثث الضحايا، التي تتكدّس في الكنائس وبعض الملاعب الرياضية، بانتظار إحراقها أو موارتها الثرى من غير مآتم أو وداع في الأماكن البعيدة.
وما يزيد من مأساوية المشهد في العاصمة الإسبانية أن الفيروس انتشر أيضاً في المحيط العائلي والقريب لرئيس الوزراء، حيث أصيبت زوجته ووالدته وحماه وسائقه، إضافة إلى ثلاث وزيرات في حكومته، وأحد مرافقيه، ورئيس اللجنة المشرفة على إدارة حالة الطوارئ، فيما خلا مبنى رئاسة الحكومة سوى من الرئيس وحفنة من مساعديه الأقربين.
وبينما تتعالى الأصوات المنددة في إيطاليا وإسبانيا بموقف بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل النمسا وهولندا وألمانيا، لرفضها اقتراح تقاسم الأعباء لمواجهة هذه الأزمة الصحية والاقتصادية غير المسبوقة في تاريخ أوروبا الحديث، أعلن رئيس حكومة البرتغال أنطونيو كوستا، استعداد بلاده لاستقبال مصابين إسبان بحالات خطرة، ومعالجتهم في مستشفياتها. تأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت لشبونة أواخر الأسبوع الماضي عن قرار بتسوية الوضع القانوني لجميع المهاجرين غير الشرعيين، ما يوفّر لهم التغطية الصحّية المجانية في هذه الظروف. يذكر أن البرتغال هي من الدول الأوروبية التي تسجّل أدنى النسب في عدد الإصابات والوفيّات بسبب من «كوفيد 19»، علماً أنها لم تعتمد بعد أي إجراءات للعزل، أو لوقف العجلة الاقتصادية.
ويعزو الخبراء وضع البرتغال إلى كونها الدولة الأوروبية الوحيدة التي لا تتقاسم حدودها سوى مع دولة واحدة، ما يحدّ من حركة العبور على الحدود التي يعتبرها الأخصائيون أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الوباء على نطاق واسع وسريع في أوروبا. يضاف إلى ذلك أن التدفق الكثيف للزائرين الأجانب إلى البرتغال يحصل خلال الموسم السياحي الذي يبدأ عادة منتصف الشهر المقبل.
إسبانيا تنحدر سريعاً إلى «المرتبة الأولى» وإيطاليا تحلم بـ«الاحتواء»
إسبانيا تنحدر سريعاً إلى «المرتبة الأولى» وإيطاليا تحلم بـ«الاحتواء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة