وباء «كورونا» حرَفَ الاقتصاد التركي عن مسار التعافي

TT

وباء «كورونا» حرَفَ الاقتصاد التركي عن مسار التعافي

كان الاقتصاد التركي في طريقه إلى التعافي بعد انكماشه قبل أن ينتشر فيروس كورونا المستجد، لتسارع أنقرة إلى احتواء الأضرار عبر إجراءات تحفيز بالمليارات وسط دعوات إلى مزيد من الجهود.
وبلغت حصيلة الوفيات جرّاء «كوفيد-19» في تركيا 168 مع تسجيل 10 آلاف و827 إصابة، في موازاة مخاوف من احتمال تدهور الوضع بشكل كبير.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة بقيمة 15 مليار دولار لدعم الاقتصاد مع خفض الضرائب للأعمال التجارية وإجراءات لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود.
وبينما تتفق كبرى الشخصيات في عالم المال والأعمال على أن إجراءات أنقرة قد تعود بالفائدة على الشركات، فإن الخبراء يحذّرون من ارتفاع مرتقب في معدلات البطالة وانخفاض النمو. ويشيرون كذلك إلى التداعيات المدمّرة المحتملة للوباء على قطاع السياحة الذي يوفّر وظائف لمئات الآلاف.
ويكمن القلق بشكل أساسي في حقيقة أن الاقتصاد التركي كان قبل تفشي الوباء يحقق نمواً طفيفاً للغاية منذ أزمة الليرة عام 2018.
وأفادت وكالة «مودي» للتصنيف الائتماني أنه من بين أعضاء مجموعة العشرين «ستكون تركيا الأكثر تأثراً بانكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربعين الثاني والثالث بحوالي 7.0%» عام 2020. وأضافت أن «الصدمة ستصيب بشكل أكبر على الأرجح القطاعات ذات الصلة بالسياحة خلال الصيف».
وحتى 19 مارس (آذار)، لم يرَ وزير المال التركي براءت البيرق «أي مخاطر على الاقتصاد الآن»، معرباً عن أمله حينها في الوصول إلى نسبة نمو تبلغ خمسة% للعام الجاري.
وارتفعت عوائد السياحة العام الماضي بنسبة 17% لتصل إلى 34.5 مليار دولار، ووصلت أعداد السياح إلى 52 مليوناً في ارتفاع بنحو 14%.
وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل إلى 13.7% العام الماضي في حين لم تزد عن 11% في 2018، بينما وصلت نسبة التضخم إلى 12.37% الشهر الماضي.
وقال المحلل في مركز أبحاث «غلوبال سورس» أتيلا يسيلادا أن إجراءات السلطات التركية توافقت مع تلك التي اتخذتها بلدان أخرى، «لكنها غير كافية إطلاقا بناء على التوقعات التي في أذهاننا أنا وخبراء آخرين».
وحذر من خسائر عديدة في الوظائف مع إغلاق الكثير من المتاجر، وأوصى بأن تمنح الحكومة دعما ماليا بسهولة أكبر.
وذكرت الحكومة في منتصف الشهر الجاري أن نحو 150 ألف عمل تجاري أُغلقت موقتاً. ورأى يسيلادا أن الطريقة الأميركية هي الطريقة الأكثر أمانا: «أُكتبْ شيكا ولا تسأل أي سؤال، ذلك من أجل ضمان ألا تضر البطالة ببقية الاقتصاد».
وأعلن إردوغان الأسبوع الماضي إجراءات إضافية تشمل 1.1 مليار دولار لدعم العمال من ذوي الأجور الأدنى، إثر انتقادات طالت الحزمة الأولى بأنها تساعد الأعمال التجارية أكثر من الموظفين أنفسهم. وقال إن مبلغ ألف ليرة تركية (155 دولاراً) سيمنَح لمليوني عائلة من أصحاب الدخل المنخفض.
أما وزير المال، فقال إنه سيكون هناك خطة لدعم التوظيف للحفاظ على الوظائف يمكن للأعمال التجارية تقديم طلب بشأنها.
من جهته، قال جغطاي أوزدوغرو رئيس مجلس إدارة «إساس القابضة»، وهي أكبر شركة استثمارات عائلية في تركيا، إن بلاده في وضع أفضل من غيرها وتتميّز بتركيبتها السكانية التي تغلب عليها فئة الشباب، وبخبرتها في التعامل مع الأزمات.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن الطلب قوي محليا، مضيفا أن الزبائن سيعودن إلى نمطهم الاستهلاكي المعتاد فور معاودة المتاجر فتح أبوابها. لكنه أشار كذلك إلى أن تركيا بحاجة كذلك إلى تعافي الاقتصادات الغربية، وهو أمر «قد يستغرق بعض الوقت».


مقالات ذات صلة

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
TT

كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)

قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترمب، المتشكك في قضية المناخ، رئيساً للولايات المتحدة لفترة ولاية ثانية، انسحبت أكبر ستة مصارف في البلاد من «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» الذي كانت أسسته الأمم المتحدة بهدف توحيد المصارف في مواءمة أنشطتها في الإقراض والاستثمار وأسواق رأس المال مع صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.

والتحالف الذي تم تأسيسه في عام 2021 يطلب من المصارف الأعضاء وضع أهداف علمية لخفض الانبعاثات تتماشى مع سيناريوهات 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس للمناخ للقطاعات الأكثر تلويثاً.

وفي السادس من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأت عملية الانسحاب مع «غولدمان ساكس»، وتبعه كل من «ويلز فارغو» و«سيتي» و«بنك أوف أميركا» في الشهر نفسه. وأعلن بنك «مورغان ستانلي» انسحابه في أوائل يناير لينتهي المطاف بـإعلان «جي بي مورغان» يوم الثلاثاء انسحابه، وفق ما ذكر موقع «ذا بانكر» الأميركي.

وكان «جي بي مورغان»، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول، رفض في وقت سابق التعليق على ما إذا كان سيحذو حذو زملائه الأميركيين وينسحب من التحالف. ومع ذلك، تزايدت التكهنات بأنه قد يرضخ قريباً للضغوط المتزايدة من أعضاء إدارة ترمب المقبلة والولايات الحمراء التي هددت برفع دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار ومقاطعة المصارف وشركات الاستثمار الأميركية التي قدمت تعهدات مناخية في إطار تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي الصفر، والذي يعد «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» جزءاً منه.

في ديسمبر الماضي، أصدر المدعي العام في تكساس دعوى قضائية في محكمة فيدرالية ضد شركات الاستثمار «بلاك روك» و«فانغارد» و«ستيت ستريت»، زاعماً أنها «تتآمر لتقييد سوق الفحم بشكل مصطنع من خلال ممارسات تجارية مانعة للمنافسة».

لماذا اختارت المصارف الأميركية الانسحاب الآن؟

بحسب «ذا بانكر»، تتكتم المصارف الأميركية حتى الآن على أسباب انسحابها. ومع ذلك، يقول باتريك ماكولي، وهو محلل بارز في منظمة «ريكليم فاينانس» الفرنسية غير الربحية المعنية بالمناخ، إن هذه المغادرة هي إجراء استباقي قبل تنصيب ترمب، وسط مخاوف متزايدة من ضغوط ترمب وأنصاره الذين يهاجمونهم.

وفقاً لهيتال باتيل، رئيس أبحاث الاستثمار المستدام في شركة «فينيكس غروب» البريطانية للادخار والتقاعد، فإن حقيقة أن المصارف الأميركية لم تقل الكثير عن خروجها من التحالف «تدل على الكثير». أضاف «في العادة، عندما تقوم بتحول كبير، فإنك تشرح للسوق سبب قيامك بذلك»، مشيراً إلى أن المصارف الأميركية الكبيرة يمكنها أن ترى الاتجاه الذي «تهب فيه الرياح» مع إدارة ترمب القادمة.

هل يمكن لأعضاء آخرين في التحالف خارج الولايات المتحدة أيضاً الانسحاب؟

مع الإجراء الذي قامت به المصارف الأميركية، يقول ماكولي إن ترمب وأنصاره قد يحولون انتباههم أيضاً إلى تلك غير الأميركية، مما يهدد أعمالها في البلاد إذا استمرت في مقاطعة الوقود الأحفوري.

حتى الآن، حشدت المصارف الأوروبية، التي تشكل الجزء الأكبر من الأعضاء الـ142 المتبقين في التحالف، دعماً له. يقول أحد المصارف المطلعة إن المزاج السائد بين المصارف في أوروبا هو أن التحالف «لا يزال قادراً على الصمود».

وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قال مصرف «ستاندرد تشارترد»، الذي ترأس التحالف حتى العام الماضي، إنه لا ينوي تركه.

ويقول بنك «آي إن جي» الهولندي إنه لا يزال ملتزماً ويقدر التعاون مع الزملاء في التحالف، مما يساعده في دعم انتقال صافي الانبعاثات الصفري، وتحديد أهداف خاصة بالقطاع.

هل يضعف التحالف مع خروج المصارف الأميركية الكبرى؟

على الرغم من أنها ليست «ضربة قاضية»، فإن باتيل قال إن المغادرة تعني أن التحالف «ضعيف للأسف».